خواطر من جبل البَرَكَة

28/52

« وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ » (متى 6: 16)

أن الصوم الذي تتطلبه كلمة الله هو شيء أعظم من أن يكون طقسيا. فهو لا ينحصر في مجرّد الإقلاع عن تناول الطعام، ولبس المسوح وذر الرماد على الرأس. فالذي يصوم وهو حزين حزنا حقيقيا على الخطية لن يميل إلى التظاهر. ArMB 43.1

إنّ قصد الصوم الذي يطلب منّا الله أن نحفظه ليس هو تعذيب الجسد لأجل خطيّة النفس بل هو مساعدتنا على رؤية شناعة الخطية، واتضاع القلب وتذللـه أمام الله وقبول نعمته الغافرة. وقد كان أمرُه لإسرائيل هو هذا: « مَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ». وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ » (يوئيل 2: 13). ArMB 43.2

ولن يجدينا نفعا كوننا نعاقب أنفسنا أو نتملّقها بفكرة كوننا بأعمالنا سنستحق أو نشترى ميراثا بين القديسين. إنّ المسيح عندما وُجّه إليه هذا السؤال: « مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ اللهِ؟ » أَجَابَ قائلاً: هذَا هُوَ عَمَلُ اللهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ » (يوحنا 6: 28، 29). إنّ التوبة هي الانصراف عن الذات إلى المسيح، وعندما نقبل المسيح بحيث انّه بالإيمان يمكنه أن يحيا حياته بنا فستظهر أعمالنا الحسنة. ArMB 43.3

وقد قال يسوع: « مَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، 18 لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ » (متى 6: 17، 18). فكل ما يعمل لأجل مجد الله يجب أن يعملَ بفرحٍ لا بحزنٍ أو كآبة. لا يوجد شيء كئيب في ديانة يسوع، فإذا كان المسيحيون يقنعون الآخرين بواسطة هيئة الحزن التي تبدو عليهم أنّ آمالهم في سّيدهم قد خابت فهم يشوّهون صفاتِه ويضعون حججا في أفواه أعدائه. فمع أنّهم يَّدعون بكلامهم أنّ الله أبوهم فإنّهم بالكآبة والحزن يبدون في نظر العالم كاليتامى. ArMB 43.4

إن المسيح يريدنا أن نجعل خدمتَه تبدو جذّابة كما هي في الحقيقة. علينا أن نكشف عن أفكارنا لذواتنا وتجارب قلوبنا الخفية للمخلص الرحيم. اتركوا أثقالكم تحت الصلـيب وسيروا في طريقكم فرحين متهللين بمحبة من قـد سـبق فأحبكم. قد لا يعرف النـاس أبدا العمـل الذي يحـدث سـراً بين النفـس والله، ولكن نتيجـة عمل الـروح في القلـب ستظهر للجميـع، لأن « الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً » (متى 6: 18). ArMB 43.5