الخدمة المسيحية

102/270

١٠ - الأساليب والطُّرق

مِن بيت إلى بيت

وما لا يقلّ أهميّة بالنسبة للمجهودات الخاصّة بالكرازة بين العامّة هو العمل مِن خلال زيارة الناس من بيت إلى بيت. في المدن الكبيرة هناك فئات معيّنة لا يمكن الوصول إليها مِن خلال الاجتماعات العامّة. يجب أنْ يتمّ البحث عن هذه الفئات كما يبحث الراعي عن خروفه الضالّ. ينبغي بذل الجهد الشخصي الدؤوب بالنيابة عنهم. وعندما يُهْمَل العمل الشخصي، تضيع العديد مِن الفرص الثمينة التي يمكن أنْ تحزر تقدّماً أكيداً في العمل في حال الاستفادة منها. — تستيمونيز فور ذا تشرش ٩: ١١١. ChSAr 113.1

إنّ الحاجة تدعو إلى الأفعال، كما إلى كلمات التعاطف. لقد أكمل المسيح إعطاء رسالته بأعمال المحبّة والخير. فليجل هؤلاء العمّال مِن بيت إلى بيت، وليقدّموا المساعدة حيث تدعو إليها الحاجة، وبحسب ما تسمح به الفرص، وليخبروا قصّة الصليب. وليكن المسيح نصّهم المقدّس. وهم ليسوا بحاجة ليطيلوا الكلام في الموضوعات العقائدية. فليتحدّثوا عن عمل المسيح وتضحيته وليرفعوا بِرّه عالياً، ولتكشف حياتهم عن نقائه وصلاحه. — تستيمونيز فور ذا تشرش ٧: ٢٢٨. ChSAr 113.2

إنّ الله لا يُحابي الوجوه، وهو سيستخدم المؤمنين المتواضعين والمكرَّسين، حتى لو لم يتلقّوا تعليماً شاملاً مثل غيرهم. دعوا هؤلاء ينخرطون في خدمة الله عن طريق عمل الزيارات مِن بيت إلى آخر. فإذ يجلسون بجانب الموقد، يمكنهم — إن هم تحلّوا بالتواضع والتعقّل والتقوى — أنْ يُشبعوا الاحتياجات الفعلية للعائلات أكثر ممّا يقدر أنْ يقوم به قسّ مرسوم. — تستيمونيز فور ذا تشرش ٧:٢١. ChSAr 113.3

ينبغي أنْ يكون بين أعضاء كنائسنا المزيد مِن النشاط في زيارة البيوت، وإعطاء دروس الكِتَاب المُقدَّس وتوزيع المطبوعات. — تستيمونيز فور ذا تشرش ٩: ١٢٧. ChSAr 113.4

إنّ المنشغلين في الخدمة مِن بيت إلى بيت تُتاح أمامهم الفرص في مجالات عديدة. فعليهم أنْ يصلّوا مِن أجل المرضى وأنْ يقوموا بكلّ ما في وسعهم للتخفيف مِن معاناتهم. وينبغي عليهم أيضاً أنْ يعملوا بين البسطاء والفقراء والمظلومين. يجب أن نصلي مع العاجزين ولأجلهم، أولئك الذين لا يملكون مِن قوّة الإرادة ما يمكّنهم مِن ضبط الشهوات التي أفسدتها الانفعالات. ينبغي أنْ تُبذَل جهود حثيثة مثابرة مِن أجل خلاص أولئك الذين تُثار في قلوبهم توق إلى الحقّ. إنّ الكثيرين يمكن الوصول إليهم فقط مِن خلال أعمال الشفقة غير المُغرِضة. ويجب الاهتمام بسدّ حاجاتهم الجسدية أوّلاً. فإذ يرون برهان محبّتكم التي لا تعرف الأنانية سيكون مِن السهل عليهم أنْ يؤمنوا بمحبّة المسيح. — تستيمونيز فور ذا تشرش ٦: ٨٣، ٨٤. ChSAr 113.5

فليذهب الخدّام مِن بيت إلى بيت، وليفتحوا الكِتَاب المُقدَّس أمام الناس، يوزعون المطبوعات، ويخبرون الآخرين عن النور الذي جلب البَرَكَة إلى نفوسهم. — تستيمونيز فور ذا تشرش ٩: ١٢٣. ChSAr 114.1

كان المخلّص يطوف مِن بيت إلى بيت شافياً المرضى معزّياً النائحين مخفّفاً آلام المتألّمين المتضايقين متكلّماً بالسلام للمحزونين. لقد احتضن الأولاد وباركهم، وكلّم الأمّهات المتعبات بكلام الرجاء والتعزية. وبرقّة ولطف لا يكلّان واجَهَ كلّ أشكال الشقاء وآلام البشرية. إنّه لم يخدم نفسه بل خدم الآخرين. كان خادماً للجميع. وطعامه وارتواؤه كانا في جلب الرجاء والقوّة إلى كلّ مَن احتكّ به. — غوسبل ووركرز، ١٨٨. ChSAr 114.2

إنّ تقديم الحقّ بمحبّة ولطف، مِن بيت إلى بيت، إنّما يتّفق مع ما عَلّم به المسيح تلاميذه حين أرسلهم في جولتهم الكرازية الأولى. فمِن خلال أناشيد الحمد والصلوات المتواضعة الصادرة مِن أعماق القلب، سيصير مِن الممكن الوصول إلى الكثيرين. إنّ العامِل الإلهي سيكون حاضراً ليرسل الاقتناع واليقين إلى القلوب. «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إَلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ»، فهذا هو وعده. ومِن خلال اليقين بأنّ هذا المُعين حاضر دائماً، يمكننا أنْ نعمل بإيمان ورجاء وشجاعة. — تستيمونيز فور ذا تشرش ٩: ٣٤. ChSAr 114.3

إنّ الحاجة هي إلى عاملين في خدمة الكرازة من بيت إلى بيت. إنّ الربّ يطلب جهوداً تُبذَل عن عزم صادق، في الأماكن التي لا يعرف الناس فيها شيئاً عن الحقّ الخاصّ بالكِتَاب المُقدَّس. إنّ الترنيم والصلاة ودروس الكِتَاب المُقدَّس، كلّها أمور ضرورية تدعو الحاجة إليها في بيوت الناس. الآن، تماماً الآن، هو الوقت المناسب لنُطِيعَ المأمورية: «وَعَلِّمُوْهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيْعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ.” وينبغي أنْ يكون لدى القائمين بهذا العمل معرفة حاضرة بالكِتَاب المُقدَّس. وينبغي أنْ يكون سلاح الدفاع الذي لديهم عبارة «هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ.” — كاونسلز تو بارينتس تيتشرز آند ستيودنتس، ٥٤٠. ChSAr 114.4

يا إخوتي وأخواتي، زوروا الذين يسكنون بالقرب منكم، وباللطف والعطف اسعوا للوصول إلى قلوبهم. تأكّدوا مِن أنْ تعملوا بحيث تلاشون التعصّب بدلاً مِن أنْ تخلقوه. تذكّروا أنّ أولئك الذين يعرفون الحقّ الخاصّ بأوقاتنا هذه، ولكنْ يقصرون جهودهم على كنائسهم الخاصّة رافضين العمل لأجل جيرانهم غير المتجدّدين، سوف يعطون حساباً عن الواجبات التي لم يتمّموها. — تستيمونيز فور ذا تشرش ٩:٣٤. ChSAr 115.1

في تلك السفرة الأولى كان على التلاميذ أن لا يذهبوا إلا إلى الأماكن التي ذهب إليها يسوع قبلهم وكان له فيها أصدقاء. وكان تأهبهم للرحلة غاية في البساطة. لم يكن يسمح لهم بشيء من شأنه أن يبعد عقولهم عن عملهم العظيم أو يثير عداء الناس ومقاومتهم ويغلق باب الخدمة في المستقبل. ولم يكن يسمح لهم بأن يلبسوا ملابس معلمي الدين أو أي زي يميزهم عن طبقة الفلاحين الوضعاء، كما لم يكن مسموحا لهم بدخول المجامع ليجمعوا الشعب لخدمة عامة، بل كان يجب أن يُقصروا عملهم على الكرازة في البيوت. ولم يكن لهم أن يضيعوا الوقت في تحيات لا داعي لها أو الانتقال من بيت إلى بيت ليستضيفهم الناس. ولكن في كل مكان كان عليهم أن يقبلوا كرم ضيافة من هم مستحقون أي من يرحبون بهم ترحيبا قلبيا كما لو كانوا هم المسيح نفسه. وعند دخولهم أي بيت كان عليهم أن يبادروا أهله بهذه التحية الجميلة: «سَلاَمٌ لِهذَا الْبَيْتِ» — لوقا ١٠: ٥. فذلك البيت كان يُبارَك بصلواتهم وتسبيحاتهم وقراءة كلمة الله في محيط العائلة. — مشتهى الأجيال، صفحة ٣٤٠. ChSAr 115.2

زوروا جيرانكم زيارات ودّيّة، وتعرّفوا بهم... أمّا أولئك الذين لا يشتركون في هذا العمل، والذين يتصرّفون بتلك اللامبالاة التي أظهرها البعض، فسوف يخسرون عن قريب محبّتهم الأولى، وسوف يبدأون بلوم إخوتهم وأخواتهم وانتقادهم وإدانتهم. — ذا ريڨيو آند هيرالد، ١٣ مايو ١٩٠٢. ChSAr 115.3

لم تكن جهود الرسول مقتصرة على الخطابة أمام الجماهير، إذ كان يوجد كثيرون ممن لم يكن ممكناً الوصول إليهم بهذه الطريقة. ولهذا صرف وقتاً طويلاً وهو يخدم من بيت إلى بيت، وهكذا استفاد من المقابلات الاعتيادية المألوفة في محيط الجيرة. لقد زار المرضى والحزانى وعزى المتضايقين ورفع المظلومين. وقد عَظَّمَ اسم يسوع في كل ما قال وفعل. وهكذا خدم: «فِي ضَعْفٍ، وَخَوْفٍ، وَرِعْدَةٍ كَثِيرَة” — ١كورنثوس ٢: ٣. كان يرتعد خشية أن يكشف تعليمه عن الطابع البشري لا الروحي. — أي أنه أراد ان يختفي هو ويظهر المسيح في تعليمه. أعمال الرسل، صفحة ١٨٢. ChSAr 115.4

مُرّوا بجيرانكم فرداً فرداً، وتقرّبوا منهم إلى أنْ تستدفئ قلوبهم بمحبّتكم واهتمامكم الخالي مِن المصلحة الشخصية. تعاطفوا معهم، وصلّوا إلى جوارهم، وانتظروا الفرص التي تأتيكم لتصنعوا الخير بهم، وبحسب الإمكان اجمعوا بعضاً منهم وافتحوا كلمة الله أمام عقولهم المظلمة. استمرّوا في السهر والمراقبة وكأنّكم ستعطون حساباً عن نفوس الناس، واستفيدوا بأكبر قدر ممّا يعطيكم إيّاه الله مِن امتيازات العمل معه في كرْمه الأدبيّ. لا تهملوا الكلام مع جيرانكم وأعمال اللطف تجاههم حسب طاقتكم، وذلك كي تُخلّصوا «عَلَى كُلَّ حَالٍ قَوْمَاً». نحن بحاجة إلى أنْ نطلب بلجاجة وإلحاح تلك الروح التي ألزمت الرسول بولس أنْ يذهب مِن بيت إلى آخر وهو يتوسّل بدموع ويعلّم «بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَالإيْمَانِ الَّذِيْ بِرَبِّنَا يَسُوْعَ الْمَسِيْحِ.” — ذا ريڨيو آند هيرالد، ١٣ مارس ١٨٨٨. ChSAr 116.1

لقد وضع الربُّ أمامي العمل الواجب القيام به في مدننا. ينبغي على المؤمنين في هذه المدن العمل مِن أجل الله في الأحياء المجاورة لمنازلهم. ينبغي لهم أنْ يعملوا بهدوء وتواضع، وهم يحملون معهم أجواء السماء أينما ذهبوا. — تستيمونيز فور ذا تشرش ٩: ١٢٨. ChSAr 116.2