الخدمة المسيحية

2/270

١ - الدعوة الإلهيّة للخِدمة

الاتّكال على الوسائط البشرية

إن الله لا يستخدم الملائكة الذين لم يسقطوا أبداً ليكونوا ممثليه بين الناس، بل يستخدم أناساً تحت الآلام مثل أولئك الذين يطلبون تخليصهم. لقد اتخذ المسيح جسد إنسان ليتمكن من الوصول إلى البشرية. كانت هنالك حاجة إلى مخلص إلهي بشري ليجيء بالخلاص إلى العالم. وقد أوكل إلى الرجال والنساء بتلك المأمورية المقدسة ألا وهي تعريف الناس: «بِغِنَى الْمَسِيحِ الَّذِي لاَ يُسْتَقْصَى” — أعمال الرسل، صفحة ١٠١. ChSAr 7.1

انظروا إلى هذا المشهد المؤثر. هوذا جلال السماء محاط بالاثني عشر الذين اختارهم. إنه مزمع أن يفرزهم لعملهم. بهذه الوسائل الضعيفة، وبواسطة كلمته وروحه قصد المسيح أن يجعل الخلاص في متناول الجميع. — أعمال الرسل، صفحة ١٨. ChSAr 7.2

«أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ.” وهكذا برهن الله على تقديره لخدمة الإنجيل ولكنيسته المنظمة. ولكن الملاك لم يفوض إليه بأن يخبر كرنيليوس برواية الصليب. ولكن رجلاً خاضعاً للضعفات والتجارب البشرية، كما كان قائد المئة نفسه، كان هو الشخص المعين ليبشره بالمخلص المصلوب والمقام. — أعمال الرسل، صفحة ١٠١. ChSAr 7.3

إن الملاك المرسل إلى فيلبس كان يمكنه أن يقوم بذلك العمل للرجل الحبشي، ولكن هذه ليست خطة الله في العمل. إن خطته هي أن الناس يجب أن يخدموا إخوتهم من بني الإنسان. — أعمال الرسل، صفحة ٨٣. ChSAr 7.4

ثم يتابع الرسول كلامه قائلاً: «وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ ِللهِ لاَ مِنَّا» — ٢كورنثوس ٤: ٧. كان يمكن لله أن يذيع حقه على أفواه الملائكة الأطهار، ولكن هذه ليست خطته. إنه يختار الخلائق البشرية، الناس المحاطين بالضعف كوسائل لتنفيذ مقاصده. فالكنز الذي لا يُقدّر يوضع في أوانٍ خزفية. إن بركاته تصل إلى العالم عن طريق أناس من البشر. وعن طريقهم يضيء المجد مبدداً ظلمات الخطية. ففي خدمات المحبة يقابلون الخطاة والمحتاجين ويقودونهم إلى الصليب. وفي كل عملهم يجب عليهم أن ينسبوا المجد والكرامة والشكر لذاك الذي هو فوق الكل وعلى الكل. — أعمال الرسل، صفحة ٢٣٩. ChSAr 7.5

لقد كان قصد المُخلّص أنْ يواصلَ أتباعه العمل الذي بدأه هو بعد صعوده إلى السماء ليصبح شفيع الإنسان. ألن يُظهِر العامِل البشري أيّ اهتمام خاصّ بإعطاء نور رسالة الإنجيل للجالسين في الظلمة؟ هناك بعض المتأهّبين للذهاب إلى أقاصي الأرض ليحملوا نور الحقّ للناس، ولكنّ الله يطلب مِن كلّ نفس تعرف الحقّ أنْ تسعى لربح الآخرين إلى محبّة الحقّ. إذا لم نكن على استعداد لتقديم تضحيات خاصّة لربح النفوس الموشكة على الهلاك، فكيف نُحسَب مستحقّين للدخول إلى مدينة الله؟ — تستيمونيز فور ذا تشرش ٩: ١٠٣. ChSAr 8.1

إن الرب في حكمته يجعل الذين يطلبون الحق في صلة مع من يعرفونه من بني جنسهم. فخطة السماء هي أن الذين حصلوا على النور يقدمونه لمن يعيشون في الظلمة. إن البشرية إذ تحصل على قدرتها وأهليتها من نبع الحكمة تغدو الوسيلة الفعالة التي عن طريقها يؤثر الإنجيل بقوته المنيرة على العقل والقلب. — أعمال الرسل، صفحة ١٠١. ChSAr 8.2

لقد كان الله قادرا على الوصول إلى قصده في تخليص الخطاة بدون معونتنا، ولكن لكي ننمو في أخلاقنا حتى تصير كأخلاق المسيح ينبغي لنا أن نشاركه في عمله. وحتى نتمتع بفرحه- فرح رؤية النفوس تُفتَدى بكفارته- علينا أن نشاركه في عمله لأجل فدائهم. — مشتهى الأجيال، صفحة ١٢٦، ١٢٧. إن المسيح لم يختر نوابه بين الناس من الملائكة الذين لم يسقطوا قط، بل اختارهم من الخلائق البشرية، من أناس كانوا تحت الآلام مثل أولئك الذين طلبوا أن يخلصوهم. لقد اتخذ المسيح لنفسه طبيعة بشرية حتى يمكنه الوصول إلى بني الإنسان. وكانت الطبيعة الإلهية بحاجة إلى الطبيعة البشرية لأن خلاص العالم كان يستلزم وجود كلتيهما معا. كانت الألوهية بحاجة إلى البشرية لكي تكون البشرية قناة اتصال بين الله والإنسان. — مشتهى الأجيال، صفحة ٢٨١ ChSAr 8.3

إن الملائكة ينتظرون منا أن نتعاون معهم بشوق عظيم وصبر يكاد يكون نافدا، لأن الإنسان ينبغي أن يكون قناة للاتصال بإنسان مثله. وعندما نسلم ذواتنا للمسيح في تكريس قلبي كامل فالملائكة سيفرحون ويتهللون حين يمكنهم أن يتكلموا بأصواتنا معلنين للناس محبة الله. — مشتهى الأجيال، صفحة ٢٨٢. ينبغي أن نكون عاملين مع الله، لأنّ الله لن يُنهي عمله بدون وسائط بشرية. — ذا ريڨيو آند هيرالد، ١ مارس ١٨٨٧. ChSAr 9.1