قِصَّة الفداء
يهوذا يُسلِّم يسوع
بعد ذلك، ظهر يهوذا ومعه عصبة مِن الرجال المُسلَّحين. تقدَّم ليصافح معلِّمه كما كان يفعل دائمًا، فقاموا بتطويق يسوع؛ لكنَّه استعرض قوَّته الإلهية هُناك، عندما قال لهم: «مَنْ تَطْلُبُون؟” «أنَا هُوَ» (يوحنَّا ١٨: ٤، ٥)، فتراجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض. سألهم يسوع هذا السؤال لكي يكون في مقدورهم أنْ يروا قوَّته ويكون لديهم البرهان على أنَّه في استطاعته أنْ ينجو بنفسه مِن بين أيديهم إنْ أراد ذلك. SRAr 211.2
تجدَّد الأمل في نفوس التلاميذ إذ رأوا ذلك الجمع ــ بكلِّ ما كان لديهم مِن سيوف وعصيّ ــ وهم يسقطون على الأرض بهذه السرعة. وإذ وقفوا ليحيطوا بابن الله مِن جديد، استلَّ بطرس سيفه وقطع أذن عبد رئيس الكهنة. أمره يسوع أن يردَّ سيفه إلى مكانه قائلًا: «أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟” (متَّى ٢٦: ٥٣). رأيتُ ملامح الملائكة وقد انتعشت بالرجاء عندما قيلت هذه الكلمات. لقد تمنّوا أنْ يحيطوا بقائدهم في تلك اللحظة وذلك المكان ويشتِّتوا ذلك الجمع الغاضب. لكنَّ الحُزن خيَّم عليهم مرَّة أخرى حين أضاف يسوع: «فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟” (متَّى ٢٦: ٥٤). وقلوب التلاميذ أيضًا غاصت في يأس وخيبة أمل مريرة وهم يرون يسوع يسمح أنْ يُقبَض عليه ليسقط بأيدي أعدائه. SRAr 211.3
كان التلاميذ خائفين على حياتهم، فتركه الجميع وهربوا. لقد تُرِك يسوع وحيدًا في أيدي الرعاع القتلة. يا له مِن انتصار حقَّقه الشيطان حينذاك! ويا له مِن حزن وأسى ساد بين ملائكة الله! لقد أرسِلَت جماعات كثيرة مِن الملائكة القدِّيسين لمعاينة ذلك المشهد، وكان على رأس كلِّ جماعة ملاكٌ قائد فارع الطول ليكون مسؤولًا عنها. وكان عليهم أنْ يُدوِّنوا كلَّ إهانة وكلَّ قسوة تقع على ابن الله، ويُسجِّلوا كلَّ لحظة ألم قاساها يسوع؛ لأنَّ أولئك الرجال الذين شاركوا في ذلك المشهد الرهيب سيرونه ثانية في مشاهد حيَّة. SRAr 212.1