قِصَّة الفداء

99/229

٢٦ - خِدْمَة المسيح

بعد أنْ أنهى الشيطان تجاربه، فارق يسوعَ إلى حين، وأعدَّت الملائكة ليسوع طعامًا في البرِّيَّة وشدَّدوه، فحلَّت عليه بَركة أبيه. لقد باءت أقسى تجارب الشيطان بالفشل؛ ومع ذلك كان يسعى متطلِّعًا إلى فترة خدمة يسوع حين سيحاول بمكره وحِيَله الإيقاع بيسوع مرَّات عديدة. وهو ما يزال يأمل أنْ ينتصر عليه مِن خلال التأثير على الذين سيرفضون أنْ يقبلوا يسوع وإثارتهم ليبغضوا يسوع ويسعوا إلى قتله. SRAr 202.1

عقد الشيطان اجتماعًا خاصًّا مع ملائكته الذين قد خابت آمالهم وتملَّكهم الغضب لأنَّهم فشلوا في إحراز أيِّ نصر على ابن الله. فقرَّروا أنْ يكونوا أكثر مكرًا وأنْ يعملوا بأقصى قوَّتهم ليُثيروا في عقول شعب المسيح الشكوك حول كونه مُخلِّص العالَم، وبهذه الطريقة يُفشِلون مأموريَّة يسوع. مهما بلغ تدقيق اليهود في مراعاة طقوسهم وذبائحهم، إذا أمكن إبقاء أعينهم مغمضة عن النبوَّات وجعلهم يعتقدون أنَّ المسيَّا سيظهر ملِكًا أرضيًّا قويًّا، فربَّما سيقودهم ذلك لأنْ يُبغضوا يسوع ويرفضوه. SRAr 202.2

لقد أظهِرَ لي بأنَّ الشيطان كان منشغلًا جدًّا، وملائكته معه، أثناء خدمة المسيح، في إثارة روح عدم الإيمان والكراهيَّة والسخرية في النفوس. وفي كثير مِن الأحيان، عندما كان يسوع يُصرِّح بحقائق لاذعة تؤنِّب خطايا الناس، كانوا يثورون غضبًا. وقد ساقهم الشيطان وملائكته إلى قتل ابن الله. وألقوا عليه الحجارة في أكثر مِن مناسبة، لكنَّ الملائكة حرسته وحملته إلى مكان آمن بعيدًا عن الجموع الغاضبة. ومرَّة أخرى، عندما تفوَّهت شفتا يسوع المُقدَّستين بالحقِّ الواضح، امتلأ الجميع غضبًا وجاءوا به إلى حافَّة الجبل لكي يطرحوه إلى أسفل. ودبَّ الخلاف بينهم حول ما ينبغي أنْ يفعلوا به، وحينئذ أخفته الملائكة مرَّة أخرى عن أنظار الحشود، وجاز هو في وسطهم، ومضى إلى حال سبيله. SRAr 202.3

كان الشيطان ما يزال يأمل أنْ تفشل خطَّة الخلاص العظيمة. لقد بذل كلَّ ما في استطاعته ليقسِّي قلوب الناس ويملأ نفوسهم بالمرارة تجاه يسوع. كان يأمل ألَّا يقبل أحدٌ يسوع كابن الله سوى قلَّة قليلة مِن الناس، وهكذا يعتبر يسوع أنَّ آلامه وتضحيته عظيمة جدًّا بحيث لا تستحقُّها حفنة قليلة مِن الناس كتلك. لكنَّني رأيتُ أنَّ يسوع كان سيتمِّم خطَّة الخلاص حتَّى لو لم يقبله كابن الله سوى شخصين اثنين ويؤمنا به لخلاص نفسيهما. SRAr 203.1