قِصَّة الفداء
خدمة يوحنَّا
أخبر يوحنَّا تلاميذَه أنَّ يسوع هو المسيَّا الموعود به، مخلِّص العالَم. وإذ اقتربت خدمته مِن نهايتها، علَّم تلاميذه أنْ ينظروا إلى يسوع وأنْ يتبعوه باعتباره المُعلِّم الأعظم. كانت حياة يوحنَّا حياة حُزن وإنكار للذات. لقد أعلن المجيء الأول للمسيح، لكنْ لم يُسمح له بمُشاهدة عجائبه والابتهاج بالقوَّة التي تجلَّت فيه. عندما برهن يسوع على أنَّه معلِّم، أدرك يوحنَّا أنَّه لا بُدَّ أنْ يموت. لم يكن صوته يُسمع إلَّا نادرًا في البرِّيَّة، وقد عاش حياته وحيدًا. وهو لم يكن وثيق الصلة بعائلة أبيه ليستمتع برفقتهم، بل تركهم ليتمِّم مُرسيَّلته ومهمَّته. خرجت مِن القرى والمدن المزدحمة حشود الناس، وتدفَّقوا ناحية البرِّيَّة ليسمعوا كلمات ذلك النبيِّ العجيب. لقد وضع يوحنَّا الفأس على أصل الشجرة. لقد وبَّخ الْخَطِيَّةِ دون خوفٍ مِن العواقب، وأعدَّ الطريق لَحَمَل الله. SRAr 197.1
تأثَّر هيرودس عندما سمع شهادات يوحنَّا القويَّة والواضحة، وباهتمام عميق سعى لمعرفة ما كان عليه فعله ليصير مِن تلاميذه. علمَ يوحنَّا بأنَّ هيرودس كان على وشك الزواج مِن زوجة أخيه في حين كان زوجها ما يزال حيًّا، وأخبر هيرودس بكلِّ صدق بأنَّ ذلك الفعل كان مخالفًا للشريعة. لكنَّ هيرودس لم يكن على استعداد لتقديم أيَّة تضحيات، فتزوَّج بزوجة أخيه، وإذ وقع تحت تأثيرها، ألقى القبض على يوحنَّا وأودعه السجن مُزمِعًا في نيَّته أنْ يُطْلِقْه. وبينما كان يوحنَّا حبيسًا داخل السجن، سَمِعَ مِن تلاميذه عن أعمال يسوع العظيمة. لم يستطع هو سماع كلمات يسوع الرقيقة، لكنَّ تلاميذه أخبروه وخفَّفوا عنه بما سمعوا. ولم يمضِ وقت طويل قبل أنْ يُقطع رأس يوحنَّا بسبب تأثير زوجة هيرودس عليه. رأيتُ أنَّ أقلَّ التلاميذ شأنًا مِن الذين تبعوا يسوع وشاهدوا عجائبه وسمعوا كلماته المعزِّيَّة التي خرجت مِن شفتيه، كانوا أعظم مِن يوحنَّا المعمدان؛ بمعنى أنَّهم حصلوا على إجلال وكرامة أكثر ونالوا في حياتهم سرورًا أعظم. SRAr 197.2
جاء يوحنَّا بروح إيليَّا وقوَّته ليُعلِن المجيء الأوَّل للمسيح. لقد لُفتَ انتباهي إلى الأيَّام الأخيرة، ورأيتُ أنَّ يوحنَّا هو رمز للذين سيخرجون بروح إيليَّا وقُدرته ليُعلنوا عن يوم الغضب الإلهيّ والمجيء الثاني ليسوع. SRAr 198.1