قِصَّة الفداء

83/229

عبور الأردنّ

كان على الكهنة أنْ يسيروا أمام الشعب حاملين تابوت العهد وفيه شريعة الله. وإذ انغمست أرجلهم في الماء على حافَّة نهر الأردنّ، انقطعت مياه النهر المنحدرة مِن أعلى، وتقدَّم الكهنة حاملين تابوت العهد الذي كان يرمز للحضور الإلهيّ؛ وتبعتهم جماعة العبرانيِّين. عندما وصل الكهنة إلى منتصف نهر الأردنّ، صدر الأمر لهم بأنْ يتوقَّفوا عند اليابسة وسط النهر إلى أنْ تعبر جماعة إسرائيل إلى الضفَّة الأخرى. وهنا، تيقَّن جيل بني إسرائيل آنذاك بأنَّ تلك القوَّة عينها التي شهدها آباؤهم عند شقِّ مياه البحر الأحمر قبل أربعين سنة كانت تؤثِّر في مياه نهر الأردنّ. كان الكثيرون مِن هؤلاء أطفالًا صغارًا عندما عبروا البحر الأحمر. والآن، ها هم يعبرون نهر الأردنّ كرجال حرب، وهم على أتمِّ الاستعداد للحرب والقتال. بعد أن انتهى كلُّ شعب إسرائيل مِن عبور الأردنّ، أمر يشوع الكهنة أنْ يصعدوا مِن النهر. وحالما صعد الكهنة مِن وسط النهر حاملين تابوت العهد ووقفوا على اليابسة، رجعت مياه الأردنّ إلى مكانها وجرت كما مِن قبل إلى كلِّ ضفافه. إنَّ هذه المعجزة الرائعة التي أجرِيَت مِن أجل شعب بني إسرائيل قد زادت مِن إيمانهم كثيرًا جدًّا. ولكي لا تُنسى أبدًا هذه المعجزة الرائعة، أرشد الربُّ يشوع أنْ يأمر رجالًا مُعيَّنين، رجلاً واحدًا مِن كلِّ سبط، بأنْ يأخذوا أحجارًا مِن قاع النهر، حيث وقفت أقدام الكهنة أثناء عبور العبرانيِّين، ويحملوها على أكتافهم، ويقيموا نصبًا تذكاريًّا في الجلجال، لكي تبقى في الذاكرة حقيقة أنَّ إسرائيل عَبَرَ الأردنّ على أرض يابسة. وبعد أنْ صعد الكهنة مِن الأردنّ، رفع الله يده القديرة، فاندفعت المياه كشلّال هائل في مجراها الطبيعيّ. SRAr 176.2

عندما سمع جميع ملوك الأمُّوريِّين والكنعانيِّين أنَّ الربَّ قد شقَّ مياه الأردنّ أمام بني إسرائيل، ذابت قلوبهم مِن الخوف. كان بنو إسرائيل قد قتلوا اثنين مِن ملوك موآب. وعبورهم العجائبيّ وسط نهر الأردنّ بمياهه المُتدفِّقة وتيَّاره العنيف ملأ قلوبهم برعب عظيم. بعد ذلك ختن يشوع جميع بني إسرائيل المولودين في البرِّيَّة. وبعد الانتهاء مِن مراسيم الختان، عملوا الفصح في سهول أريحا. «وَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: ‹الْيَوْمَ قَدْ دَحْرَجْتُ عَنْكُمْ عَارَ مِصْرَ›” (يشوع ٥: ٩). SRAr 177.1

لقد عيَّرت الأمم الوثنيَّة الربَّ وشعبه لأنَّ العبرانيِّين لم يمتلكوا أرض كنعان التي انتظروا أنْ يرثوها سريعًا بعد خروجهم مِن مصر. إنَّ أعداءهم قد انتصروا عليهم لأنَّهم تاهوا طويلًا في البرِّيَّة، وتشامخوا وتعالوا بأنفسهم أمام الله مُعلنين أنَّه لم يقدر أنْ يقودهم إلى أرض كنعان. والآن ها هم قد عبروا مياه الأردنّ على أرض يابسة، ولم يكن بمقدور أعدائهم أنْ يُعيِّروهم فيما بعد. SRAr 177.2

لقد استمرَّ سقوط المنِّ إلى تلك الفترة، ولكنْ إذ أصبح بنو إسرائيل الآن على مشارف امتلاك كنعان والأكل مِن ثمارها ومحاصيل أرضها، لم تعد لهم حاجة بالمنِّ فانقطع. SRAr 178.1