قِصَّة الفداء

75/229

الرجوع إلى البرِّيَّة

أمر الربُّ العبرانيِّين بالعودة والذهاب إلى البرِّيَّة عن طريق البحر الأحمر. لقد كانوا قريبين جدًّا مِن الأرض الجيِّدة، ولكنَّهم، بتمرُّدهم الشرِّير، خسروا حماية الله. لو أنَّهم صدَّقوا تقرير كالب ويشوع وصعدوا في الحال، لكان الله أعطاهم أرض كنعان. لكنَّهم كانوا يشكِّكون وأظهروا روحًا وَقِحة وصَلِفة ضدَّ الله، حتَّى أنَّهم جلبوا على أنفسهم الحُكم بأنَّهم لن يدخلوا أبدًا أرض الموعد. والله، برحمته ورأفته، أرجعهم إلى طريق البحر الأحمر، إذ بينما كان إسرائيل يُماطل ويتذمَّر، سَمَع العماليق والكنعانيُّون عن الجواسيس وأعدُّوا أنفسهم للدخول في حرب ضدَّ بني إسرائيل. SRAr 162.3

«وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلاً: ‹حَتَّى مَتَى أَغْفِرُ لِهذِهِ الْجَمَاعَةِ الشِّرِّيرَةِ الْمُتَذَمِّرَةِ عَلَيَّ؟ قَدْ سَمِعْتُ تَذَمُّرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي يَتَذَمَّرُونَهُ عَلَيَّ›” (عدد ١٤: ٢٦، ٢٧). قال الربُّ لموسى وهرون أنْ يُخبِرا الشعب بأنَّه سيفعل بهم كما تكلَّموا. كان الشعب قد قالوا مِن قبل: «لَيْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ، أَوْ لَيْتَنَا مُتْنَا فِي هذَا الْقَفْرِ» (عدد ١٤: ٢). الآن سيأخذ الله كلمتهم هذه على محمل الجدِّ. أخبر الله خادميه أنْ يقولا للشعب بأنَّهم سيسقطون في القفر، مِن سنِّ العشرين فصاعدًا، لأجل تمرُّدهم وتذمّراتهم على الربِّ. ولن يدخل أرض كنعان سوى يشوع وكالب. «وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً فَإِنِّي سَأُدْخِلُهُمْ، فَيَعْرِفُونَ الأَرْضَ الَّتِي احْتَقَرْتُمُوهَا» (عدد ١٤: ٣١). SRAr 163.1

أعلن الربُّ أنَّ أبناء العبرانيِّين سيتيهون في البرِّيَّة لأربعين سنة، بدءًا مِن وقت مغادرتهم مصر إلى أنْ يموت آباؤهم جميعهم، وذلك لأجل تمرُّد آبائهم. عليهم أنْ يتحمَّلوا ويُقاسوا عواقب آثامهم أربعين سنة، بحسب عدد الأيَّام التي عاينوا وتجسَّسوا فيها الأرض، كلّ يوم عن سنة. «فَتَعْرِفُوْنَ ابْتِعَادِي” (عدد ١٤: ٣٤). عليهم أنْ يدركوا تمامًا أنَّ ذلك كان عقابًا على وثنيَّتهم وتذمُّراتهم المُتمرِّدة التي جعلت الربَّ يُغيِّر قصده تجاههم. وعدَ الربُّ أنْ يُكافئ كالب ويشوع، حيث فضَّلهما على كلِّ جماعة إسرائيل التي فقدت جميع الحقوق في رضى الله وحمايته. SRAr 163.2