قِصَّة الفداء
١٧ - ترحال إسرائيل
يعتمد هذا الفصل على ما جاء في سِفر الخروج ١٥: ٢٣ ــ ١٨: ٢٧.
سار بنو إسرائيل في البرِّيَّة لمدَّة ثلاثة أيَّام دون أنْ يجدوا ماءًا صالحًا للشرب. كانوا يُعانون مِن العطش، «فَتَذَمَّرَ الشَّعْبُ عَلَى مُوسَى قَائِلِينَ: ‹مَاذَا نَشْرَبُ؟› فَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ. فَأَرَاهُ الرَّبُّ شَجَرَةً فَطَرَحَهَا فِي الْمَاءِ فَصَارَ الْمَاءُ عَذْبًا. هُنَاكَ وَضَعَ لَهُ فَرِيضَةً وَحُكْمًا، وَهُنَاكَ امْتَحَنَهُ. فَقَالَ: ‹إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ، وَتَصْنَعُ الْحَقَّ فِي عَيْنَيْهِ، وَتَصْغَى إِلَى وَصَايَاهُ وَتَحْفَظُ جَمِيعَ فَرَائِضِهِ، فَمَرَضًا مَا مِمَّا وَضَعْتُهُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ لاَ أَضَعُ عَلَيْكَ. فَإِنِّي أَنَا الرَّبُّ شَافِيكَ›” (خروج ١٥: ٢٤-٢٦). SRAr 126.1
بدا كأنَّ قلوب بني إسرائيل كانت شرِّيرة بسبب عدم الإيمان. لم تكن لديهم رغبة في احتمال المشقَّات في البرِّيَّة. وعندما كانت الصعاب تُصادفهم في الطريق، كانوا ينظرون إليها على أنَّها أمور مستحيلة. وهكذا كانت ثقتهم بالله تضمحل، ولا يرون شيئًا أمامهم سوى الموت. «فَتَذَمَّرَ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ فِي الْبَرِّيَّةِ. وَقَالَ لَهُمَا بَنُو إِسْرَائِيلَ: ‹لَيْتَنَا مُتْنَا بِيَدِ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مِصْرَ، إِذْ كُنَّا جَالِسِينَ عِنْدَ قُدُورِ اللَّحْمِ نَأْكُلُ خُبْزًا لِلشَّبَعِ. فَإِنَّكُمَا أَخْرَجْتُمَانَا إِلَى هذَا الْقَفْرِ لِكَيْ تُمِيتَا كُلَّ هذَا الْجُمْهُورِ بِالْجُوعِ›” (خروج ١٦: ٢-٣). SRAr 126.2
لم يكونوا بعد قد قاسوا آلام الجوع. كان لديهم طعام للوقت الحاضر، لكنَّهم كانوا خائفين تجاه المستقبل. لم يستطيعوا أنْ يدركوا كيف ستتمكَّن جموع إسرائيل مِن البقاء على قيد الحياة في رحلاتهم الطويلة في البرِّيَّة بالاعتماد على الطعام البسيط الذي توفَّر لهم آنذاك، وبسبب عدم إيمانهم فقد رأوا أبناءهم يموتون جوعًا. سمح الربُّ للطعام بأنْ ينقص عندهم وللصعوبات بأنْ تواجههم، وذلك لكي تتَّجه قلوبهم إليه، وهو الذي ساعدهم حتَّى تلك اللحظة، ولكي يؤمنوا به. كان مُستعدًّا لأنْ يقدِّم لهم المساعدة والعون على الفور. لو أنَّهم يطلبونه في وقت احتياجهم، فهو سيُعلن لهم دلائل محبَّته ورعايته المتواصلة. SRAr 127.1
لكنْ، بدا أنَّهم لم يكونوا على استعداد لأنْ يثقوا بالربِّ أكثر مِن استعدادهم لأنْ يشاهدوا بأعينهم الأدِلَّة الدائمة على قدرته. لو أنَّهم امتلكوا الإيمان الحقيقي والثقة الراسخة في الله، لاستطاعوا بكلِّ فرح احتمال الضيقات والعقبات وحتَّى الآلام الحقيقية بعد كلِّ العظائم التي صنعها الربُّ بطريقة عجائبية لإنقاذهم مِن العبودية. وبالإضافة إلى ذلك، وعدهم الربُّ بأنَّهم إنْ أطاعوا وصاياه، فلن يصيبهم أيُّ مرض، لأنَّه قال: «فَإِنِّي أَنَا الرَّبُّ شَافِيكَ» (خروج ١٥: ٢٦). SRAr 127.2
بعد هذا الوعد الأكيد مِن الله، كان مِن الإجرام أنْ يستمرُّوا في عدم إيمانهم وتوقُّعهم أنْ يموت أبناؤهم مِن الجوع. لقد عانوا معاناة كبيرة في مصر لأنَّهم أُرهِقوا في العمل. وقد قُتِل أبناؤهم، واستجاب الله لصلواتهم في ضيقهم ومعاناتهم إذ أنقذهم برحمته. لقد وعدهم بأنْ يكون لهم إلهًا وأنْ يتَّخذهم لنفسه شعبًا ويأتي بهم إلى أرض واسعة وجيِّدة. SRAr 127.3
لكنَّهم كانوا على استعداد لأنْ يُصابوا بالإغماء عند تعرُّضهم لأيَّة صعوبة كان ينبغي احتمالها في طريقهم إلى تلك الأرض. لقد احتملوا الكثير أثناء خدمتهم للمصريِّين، لكنَّهم الآن لم يستطيعوا أنْ يتحمَّلوا الآلام في خدمتهم لله. كانوا على استعداد لأنْ يستسلموا للشكوك الكئيبة ويغرقوا في اليأس في ساعة التجربة. لقد تذمَّروا على خادم الله الأمين موسى واتَّهموه بالمسؤوليَّة عن جميع التجارب التي حلَّت بهم، وعبَّروا عن أمنية شرِّيرة في البقاء في مصر، حيث كانوا يجلسون عند قدور اللحم ويأكلون خبزًا للشبع. SRAr 128.1