قِصَّة الفداء

45/229

الاستعباد

عَلِمَ ملك مصر الجديد بالخدمات العظيمة التي كان بنو إسرائيل يؤدُّونها للمملكة. كان الكثيرون منهم عمَّالًا مقتدرين وذوي فهم، ولم يشأ أنْ يفقد عملهم. إنَّ هذا الملك الجديد جعل أبناء إسرائيل في منزلة العبيد الذين باعوا قطعانهم ومواشيهم وأراضيهم وأنفسهم للمملكة، «فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيسَ» (خروج ١: ١١). SRAr 105.1

«وَلكِنْ بِحَسْبِمَا أَذَلُّوهُمْ هكَذَا نَمَوْا وَامْتَدُّوا. فَاخْتَشَوْا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَاسْتَعْبَدَ الْمِصْرِيُّونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعُنْفٍ، وَمَرَّرُوا حَيَاتَهُمْ بِعُبُودِيَّةٍ قَاسِيَةٍ فِي الطِّينِ وَاللِّبْنِ وَفِي كُلِّ عَمَل فِي الْحَقْلِ. كُلِّ عَمَلِهِمِ الَّذِي عَمِلُوهُ بِوَاسِطَتِهِمْ عُنْفًا» (خروج ١: ١٢-١٤). SRAr 105.2

وفرضوا على النساء العمل في الحقول كما لو كُنَّ إماءً مستعبدات، ولكنَّ أعدادهم لم تقلّ. وإذ رأى الملك ومشيروه أنَّهم يتكاثرون باستمرار، تشاوروا فيما بينهم ليجبروهم على إنجاز قدر معيَّن مِن العمل كلَّ يوم. لقد ظنُّوا أنَّهم سيتغلَّبون عليهم بتسخيرهم للقيام بأشغال شاقَّة، وغضبوا لأنَّهم لم يستطيعوا أنْ يُقلِّلوا أعدادهم ويسحقوا أرواحهم التي تنزع نحو الاستقلال والحرِّيَّة. SRAr 105.3

ونظرًا لأنَّهم أخفقوا في تحقيق غرضهم، قسّوا قلوبهم ولجأوا إلى إجراءات أشدَّ قسوة، فأصدر الملك أمرًا بأنْ يُقتل الأبناء الذكور حالما يولدون. كان الشيطان هو المُحرِّض على هذه الأمور، إذ كان يعلم بأنَّ مُخلِّصًا سيقوم وسط العبرانيِّين لينقذهم مِن العبوديَّة. لقد ظنَّ أنَّه إذا استطاع أنْ يدفع الملك لإهلاك الأبناء الذكور، فسيؤدي ذلك إلى إحباط قصد الله. ولكنَّ القابلتَين خافتا الله ولم تُنفِّذا ما أمرهما به ملك مصر، بل حافظتا على حياة المولودين مِن الذكور. SRAr 105.4

لم تتجرَّأ القابلتان على قتل أطفال العبرانيِّين الذكور، ولأنَّهما لم تُطيعا أمر الملك، فقد باركهما الله. وإذ علم الملك أنَّ أمره لم يُطَع، غضب غضبًا شديدًا. حينئذ جعل أمره أكثر إلحاحًا وشمولًا، وأمر كلَّ شعبه بأنْ يستمرُّوا بالمُراقبة المشدَّدة قائلًا: «كُلُّ ابْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي النَّهْرِ، لكِنَّ كُلَّ بِنْتٍ تَسْتَحْيُونَهَا» (خروج ١: ٢٢). SRAr 106.1