قِصَّة الفداء

24/229

الحيوانات تدخل الفلك

أرسِلَتْ ملائكة إلى الغابات والحقول لِجَمع الحيوانات التي خلقها الله، وكانت الملائكة تسير أمام تلك الحيوانات التي كانت تتبعها اثنين اثنين، ذكرًا وأنثى، والحيوانات الطاهرة سبعة سبعة. لقد توجَّهت الحيوناتُ مِن كلِّ نوع نحو الفلك بسكون وسلام، ابتداءً بأضرى وحوش الغاب وصولًا إلى الحيوانات الأليفة. وبدت السماء مُغطَّاة بسحاب مِن الطيور المحلِّقة على اختلاف أنواعِها، حيث توجَّهت إلى الفلك اثنين اثنين، ذكرًا وأنثى، أمَّا الطاهرة منها فقد جاءت سبعة سبعة. وكان العالَم ينظر بِحيرة ودهشة ــ البعض انتابهم الخوف، لكنَّ قلوبهم كانت قد تحجَّرت بالعِصيان حتَّى أنَّ هذا الإعلان الفريد عن قوَّة الله لم يترك فيهم سوى تأثير مؤقَّت. وبقيت الحيوانات تدخل إلى الفلك لمدَّة سبعة أيَّام، وكان نوح يُنظِّم دخولها إلى الأماكِن المُعدَّة لها. SRAr 65.1

وإذ أبصر الجنس المحكوم بهلاكِه الشمسَ وهي تُشرق في بهائِها ومجدها والأرض قد اكتَسَت بحُلَّة جميلة كما لو كانت جنَّة عدن في جمالها، طردوا عنهم مخاوفهم مِن خلال مسرَّات وولائِم صاخِبة، وبأعمال ظلمهم وعُنفهم بدا كأنَّهم يستمطرون على أنفسهم الغضب الإلهيَّ المُعَدّ لهم. SRAr 65.2

لقد أصبح كلُّ شيء جاهِزًا لإغلاق الفلك الذي كان مِن المُستحيل أنْ يُغلِقه نوح مِن الداخل. شاهد جمهور الساخرين ملاكًا مُتسربِلًا بنور ساطع كالبرق وهو ينزل مِن السماء، ويُغلِق ذلك الباب الضخم مِن الخارج، ثمَّ يسلك طريق العودة إلى السماء. SRAr 65.3

ظلَّت عائلة نوح داخل الفُلك سبعة أيَّام قبل أنْ يبدأ المطر بالهطول. وفي أثناء هذه الفترة كانوا يُرتِّبون أوضاعهم للبقاء أيّامًا طويلة داخل الفُلك طالما بقيت المياه على سطح الأرض. وكانت تلك الأيَّام أيَّام لهوٍ وعربدة وتجديف بين جموع غير المؤمنين. لقد ظنُّوا أنَّ نوحًا قد خُدِع لأنَّ نبوءته لم تتحقّق مُباشرة بعد دخوله الفُلك، وأنَّه كان مِن المُستحيل أنْ يُدمَّر العالَم بالطوفان. لم يسبق أنْ نزل مطر على الأرض قبل ذلك الحين، وكان يصعد مِن المياه ضباب أنزله اللهُ أثناء الليل على شكل ندى ليسقي النبات ويُنعِشه. SRAr 65.4

على الرغم مِمَّا شهدوه مِن استعراض مهيب لقوَّة الله ــ تلك الظواهر غير الطبيعية المتمثِّلة في مغادرة الحيوانات للحقول والغابات ودخولها إلى الفُلك، وملاك الله المُتسربل بسحابة مِن مجد أبهى مِن البرق ونزوله مِن السماء لِيُغلق الباب؛ إلَّا أنَّهم قسُّوا قلوبهم واستمرُّوا في عربدتهم وهزئهم بهذا الاستعراض الفريد لقدرة الله. SRAr 66.1