قِصَّة الفداء
٨ - الطُّوفان
يعتمد هذا الفصل على ما جاء في سِفر التكوين ٦؛ ٧؛ ٨؛٩: ٨-١٧.
أطلِقَ على نسل شيث اسم أبناء الله؛ ونسل قايين أطلِق عليه بني الناس. وقد فسد أبناء الله لاختلاطهم ببني الناس، وبتزاوجهم معهم فقدوا صفاتهم المُقدَّسة والمتميِّزة نتيجة تأثير زوجاتهم عليهم، وتوحَّدوا مع أبناء قايين في عبادة الأصنام. وطرح الكثيرون عنهم مخافة الله وداسوا على وصاياه. ولكنْ بقي هناك قليلون ممَّن كانوا يفعلون البِرّ ويخافون خالقهم ويكرمونه. وكان نوح وعائلته مِن ضمن أولئك الأبرار القلائل. SRAr 62.1
كان شرُّ الإنسان عظيمًا جدًّا، وأخذ يتفاقم إلى درجة مُخيفة حتَّى أنَّ الله قد حزن لأنَّه عَمِلَ الإنسان في الأرض ورأى أنَّ شرَّ الإنسان كان عظيمًا وأنَّ كلَّ تصوُّر أفكار قلبه إنَّما هو شرِّيرٌ كلَّ يوم. SRAr 62.2
قَبْلَ الطوفان بأكثر مِن مئة سنة أرسل الربُّ ملاكًا إلى نوح المؤمن ليُعلِمه أنَّ الله لن يرحم الجنس البشريَّ الفاسد، ولكنَّه لن يتركهم في جهلٍ مِن جهة مقاصده. فهو سيرشد نوحًا ويجعله كارزًا أمينًا لِيُنذِر العالَم بالخراب الآتي، وذلك كي لا يبقى عُذرٌ للساكنين على الأرض. وتوجَّب على نوح أنْ يكرز للناس وأنْ يقوم أيضًا ببناء فُلك وفقًا لإرشاد الله لأجل خلاصه وخلاص عائلته. ولم يكن عليه أنْ يكرز وحسب، بل كان عليه ــ مِن خلال المثال الذي تركه في بناء الفلك ــ أنْ يُقنِع الجميع بأنَّه يُؤمن بما يكرز به. SRAr 62.3
إنَّ مخافة الله وطاعته لم يكونا حكرًا على نوح وعائلته، لكنَّ نوحًا كان أكثر تقوى وقداسة مِن جميع البشر على وجه الأرض، وكان الله قد اختار أنْ يحفظ حياته ليُتمِّم مشيئته في بناء الفلك وإنذار العالَم مِن الهلاك المحتوم الآتي عليه. فقد عاش متوشالح، جدُّ نوح، حتَّى السنة ذاتها التي حدث فيها الطوفان؛ وكان هناك آخرون ممَّن آمنوا بِكرازة نوح، وأعانوه على بناء الفلك، وماتوا قبل أنْ يَحِلَّ طوفان الماء على الأرض. لقد أُدينَ العالَم مِن خلال كرازة نوح ومثاله في بناء الفُلك. SRAr 63.1
إنَّ الله أعطى فرصة التوبة إلى جميع الذين اختاروا، ولكنَّهم لم يؤمنوا بِكِرازة نوح. لقد استهزأوا بإنذاراته وسَخِروا مِن بناء تلك السفينة الضخمة على أرض يابسة. لم تنجح جهود نوح في إصلاح رفقائه مِن الناس، ولكنَّه ظلَّ لأكثر مِن مئة سنة مُحافظًا على جهوده في إرشاد الناس للتوبة ولله. فكلُّ ضربة مِن ضربات المطارق التي وقعت على الفُلك كانت بمثابة كِرازة للناس. كان نوح يُرشد ويكرز ويعمل، بينما كانوا ينظرون إليه بدهشة واعتبروه مُختلًّا. SRAr 63.2