قِصَّة الفداء

216/229

صرخة لأجل النجاة

كانت تلك ساعة خوف وعذاب شديد على القدِّيسين. وقد صرخوا إلى الله ليلًا ونهارًا طلبًا للنجاة. وبحسب الظاهِر لم يكن هناك إمكانية لهروبهم. كان الأشرار قد ابتدأوا بالانتصار بالفعل، وكانوا يصرخون قائلين: «لماذا لا ينقذكم إلهكم مِن أيدينا؟ لماذا لا تصعدون إلى الأعلى وتُنقِذون حياتكم؟»، لكنَّ القدِّيسين لم يعيروهم أيَّ اهتمام. وقد تصارعوا مع الله مِثل يعقوب. كان الملائكة يتوقون لإنقاذهم، لكنْ كان عليهم أنْ ينتظروا قليلًا؛ إذ كان على شعب الله أنْ يشربوا مِن الكأس ويصطبغوا بالصبغة. واستمرَّ الملائكة في حراستهم، إذ كانوا أمناء على وديعتهم التي استؤمنوا عليها. لم يكن الله ليسمح بأنْ يُهان اسمه وسط عبدة الأوثان. كان على وشك أنْ يحلَّ الوقت حين يستعرض الله جبروت قوَّته وينقذ قدِّيسيه بكلِّ مجد. ولأجل مجد اسمه سيُنجِّي جميع الذين انتظروه بصبر والذين كُتِبت أسماؤهم في سِفر الحياة. SRAr 407.2

لقد توجَّه انتباهي إلى أيَّام نوح الأمين. عندما سقط المطر وجاء الطوفان، كان نوح وعائلته قد دخلوا الفلك وأقفل الله عليهم الباب. قدَّم نوح بكلِّ أمانة الإنذار لسكَّان العالَم الذين عاشوا قبل الطوفان بينما كانوا هم يستهزئون به ويسخرون منه. وإذ غمرت المياه الأرض وغَرِقَوا واحدًا تلو الآخر، نظروا إلى الفلك الذي سخروا منه كثيرًا بينما كان يطفو بسلام فوق سطح المياه، وهكذا حافظ على حياة نوح الأمين وعائلته. وبنفس الطريقة رأيتُ نجاة شعب الله الذين حذَّروا العالَم بكلِّ أمانة مِن الغضب الآتي. لن يسمح الله للأشرار بأنْ يُهلِكوا الذين ينتظرون الصعود ولم يخضعوا للأمر الذي أصدره الوحش أو يقبلوا سِمَتَه. لقد رأيتُ أنَّه لو سُمِح للأشرار أنْ يقتلوا القدِّيسين، لكان ذلك مكافأة للشيطان ولكلِّ جنوده الأشرار ولكلِّ مَن يُبغض الله. يا له مِن انتصار سيحرزه الشيطان في ذلك الصراع النهائيّ في حال تمكَّن بجبروته الشيطانيّ مِن أنْ يتسلَّط على مَن انتظروا طويلًا ليروا يسوع الذي أحبُّوه! أولئك الذين سخروا مِن فكرة صعود القدِّيسين سيشهدون عناية الله تجاه شعبه وسيرون نجاتهم المجيدة. SRAr 408.1

وبينما كان القدِّيسون يتركون المدن والقرى، كان الأشرار يلاحقونهم ويُحاولون قتلهم، لكنَّ السيوف المشرعة ضدَّ شعب الله انكسرت وسقطت عاجزة كالعيدان اليابسة. دافع ملائكة الله عن القدِّيسين. وإذ صرخوا نهارًا وليلًا في طلب النجاة، صعد صراخهم إلى العلاء أمام الربِّ. SRAr 408.2