قِصَّة الفداء
الأسفار المُقدَّسة خيرُ حافِظ
رأيتُ أنَّ الجند السماويِّين امتلأوا غضبًا على هذا العمل الوقح مِن جانب الشيطان. وسألتُ لماذا يُسمح لجميع هذه الضلالات بأنْ تطبع تأثيرها على عقول الناس، في حين أنَّ ملائكة الله، في حال تلقّوا الأمر، يقدرون بكلِّ سهولة أنْ يكسروا قوَّة العدوِّ. ثُمَّ رأيتُ أنَّ الله يعلم أنَّ الشيطان سيُحاول بشتَّى الطرق أنْ يُهلِك الإنسان؛ لذلك قصد الله أنْ تُكتب كلمته، وجعل مقاصده بالنسبة للجنس البشريّ في غاية الوضوح حتَّى أنَّ أضعف إنسان لن يُخطئ في تمييزها. بعد أنْ أعطى الله كلمته للإنسان، حرص على حمايتها لكي لا يعمل على محوها الشيطان أو ملائكته، أو أحد أعوانه أو نوَّابه. وبينما قد تتعرَّض كُتبٍ أخرى للإبادة، فإنَّ هذا الكتاب سيبقى خالدًا. ومع اقتراب نهاية الزمان حين تتزايد ضلالات الشيطان، فإنَّ هذا الكتاب سيتضاعف كثيرًا جدًّا حتَّى أنَّ جميع مَن يرغبون في قراءته سيمكنهم أنْ يحصلوا على نسخة منه، وإذا فعلوا ذلك، سيُحصِّنون أنفسهم ضدَّ ضلالات الشيطان ومعجزاته الكاذبة. SRAr 390.3
لقد رأيتُ أنَّ الله قد حَفِظ الكتاب المقدَّس بصورة خاصَّة؛ ومع أنَّ نُسخ الكتاب كانت قليلة، ففي بعض الحالات قام العلماء بتغيير كلماته مُعتقدين بأنَّهم يجعلونها بذلك أكثر وضوحًا، بينما كانوا في الحقيقة يحيطون بالغموض ما كان واضحًا في الأصل، بحيث تنحاز أو تميل إلى آرائهم ووجهات نظرهم الثابتة التي كانت محكومة بالتقاليد. لكنَّني رأيتُ أنَّ كلمة الله، بمجملها، هي سلسلة متكاملة، كلُّ جزء فيها يرتبط بالآخر ويُفسِّره. لا حاجة للباحثين الحقيقيِّين عن الحقِّ أنْ يقعوا في الخطأ، لأنَّ كلمة الله ليست واضحة وبسيطة في إعلان الطريق إلى الحياة وحسب، بل إنَّ الروح القدس قد أعطي ليرشدهم ليفهموا الطريق المؤدِّي إلى الحياة التي فيها. SRAr 391.1
رأيتُ أنَّ ملائكة الله ليس لهم أبدًا أنْ يتحكَّموا بالإرادة. لقد وضع الله أمام الإنسان الحياة والموت. وللإنسان حرِّيَّة الاختيار. يرغب الكثيرون في الحياة، لكنَّهم يستمرُّون في السير في الطريق الرحب. إنَّهم يختارون التمرُّد على حُكم الله بالرغم مِن رحمته العظيمة وإشفاقه في بذل ابنه للموت مِن أجلهم. لا بدَّ أنْ ينال العقاب أولئك الذين لا يختارون أنْ يقبلوا الخلاص الذي اشتُري بثمنٍ باهظ. لكنَّني رأيتُ أنَّ الله لن يحبسهم في الجحيم ليتحمَّلوا العذاب والشقاء الأبديّ، كما أنَّه لن يأخذهم إلى السماء، حيث الشركة النقيَّة والمُقدَّسة، وذلك لأنَّ هذا سيجعلهم في غاية البؤس. ولكنَّه سيهلكهم تمامًا كأنَّما لم يوجدوا؛ عندئذ سيتمُّ الوفاء بمطالب عدالته. لقد خُلِق الإنسان من تُراب الأرض، وسيُحرَق العُصاة والأثمة بالنار ويرجعون إلى التراب مِن جديد. لقد رأيتُ أنَّ رحمة الله ورأفته في هذا الأمر ينبغي أنْ يثيرا في نفوس الجميع الإعجاب بطبيعة الله والتوقير لاسمه القدُّوس. بعد أنْ يهلك الأشرار مِن على الأرض، سيُردِّد كلُّ الجند السماويّ قائلين: «آمين!». SRAr 391.2
إنَّ الشيطان ينظر بعين الرضا إلى الذين يعترفون باسم المسيح، ومع ذلك يتقيَّدون تقيُّدًا وثيقًا بالضلالات التي ابتدعها الشيطان بنفسه. وهو ما يزال يعمل على ابتكار ضلالات جديدة، وقوَّته وأساليبه في هذا المجال تزداد باستمرار. لقد قاد نوَّابه، الكهنة والبابوات، ليقوموا بتمجيد أنفسهم وإثارة الشعب ودفعهم ليضطهدوا بمرارة الذين رفضوا ضلالات الشيطان ويُهلكوهم. يا لها مِن آلام ومُعاناة توجَّب أنْ تتحمَّلها النفوس الغالية التي لأتباع المسيح! إِنَّ الملائكة قد احتفظت بسجلٍّ أمينٍ لكلِّ ما يحدث. وبابتهاجٍ شديد قال الشيطان وملائكته الأشرار للملائكة الذين كانوا يخدمون أولئك القدِّيسين المتألِّمين أنَّه يجب قتلهم جميعًا، بحيث لا يبقى على وجه الأرض مسيحيٌّ حقيقيٌّ واحدٌ. لقد رأيتُ أنَّ كنيسة الله كانت حينذاك نقيَّة وطاهرة. لم يكن هناك خطر مِن أنْ يدخل إليها أصحاب القلوب الفاسدة، لأنَّ المسيحيّ الحقيقيّ الذي تجاسر على إعلان إيمانه سيتعرَّض لكلِّ صنوف التعذيب التي يُمكن للشيطان وملائكته الأشرار أنْ يبتكروها أو يُلهموا عقول البشر لابتكارها. SRAr 392.1