قِصَّة الفداء
شريعة الله لا تتغيَّر
حزنت السماء بأسرها بسبب عصيان آدم وحوَّاء وسقوطهما الذي جلب غضب الله على الجنس البشريِّ كلِّه. لقد قُطِع اتِّصالهما بالله وانغمسا في شقاء لا أمل في الخلاص منه. لم يكن بالإمكان تغيير شريعة الله لتتناسب مع حاجة الإنسان، وذلك لأنَّه بحسب تدبير الله، لم يكن مِن المفترض أنْ تفقد الشريعة قوَّتها أو أنْ يبطل ولو أصغر جزء مِن مطاليبها. SRAr 46.2
أمرَ الله ملائكته أنْ يقوموا بزيارة الزوجَين الساقطَين وإبلاغهما أنَّ وضعهما لم يكن ميؤوسًا منه تمامًا على الرغم مِن أنَّه لن يكون في مقدورهما بعد الآن أنْ يحتفظا ببيتهما المُقدَّس في جنَّة عدن وذلك بسبب تعدِّيهما على شريعة الله. ثمَّ عَلِم آدم وحوَّاء بأنَّ ابن الله، الذي تحاور معهما في جنَّة عدن، قد تحرَّك قلبه بالشفقة إذ رأى حالتهما الميؤوس منها وتطوَّع ليأخُذ على نفسه القصاص والعقوبة التي يستحقَّانها ويموت لأجلهما كي يستطيع الإنسان أنْ ينال الحياة مِن خلال الإيمان بالكفَّارة التي اعتزم أنْ يقوم بها المسيح لأجل الإنسان. ومِن خلال المسيح فُتِح باب للرجاء، وهو أنَّ الإنسان ــ على الرغم مِن خطيئته العُظمى ــ لم يعد مُجبَرًا على أنْ يبقى تحت سيطرة الشيطان المُطلَقة. إنَّ الإيمان باستحقاقات ابن الله سيشجِّع الإنسان على أنْ يقاوم مكايد الشيطان. وسيخضع الإنسان لفترة اختبار يمكنه أثناءها أنْ يُفتدى مِن تعدِّيه على شريعة الآب وذلك مِن خلال حياة التوبة والإيمان بكفَّارة ابن الله، وهكذا يسمو إلى مرتبة تكون فيها جهوده لإطاعة الشريعة مقبولة عند الله. SRAr 46.3
وقد أخبرهما الملائكة بالحزن الذي ساد السماء حين أعلِنَ عن تعدِّيهما على شريعة الله، وهو ما يبرِّر أنْ يقوم المسيح بتقديم التضحية العُظمى بحياته الثمينة. SRAr 47.1
عندما أدرك آدم وحوَّاء عظمة شريعة الله وقدسيَّتها وكيف أنَّ التعدِّي عليها استوجب تضحية غالية الثمن لخلاصهما وخلاص نسلهما مِن الهلاك التامِّ، عندئذ توسَّلا أنْ يموتا أو أنْ يُترَكا ليتحمَّلا هما ونسلهما عِقاب تعدِّيهما بدلًا مِن أنْ يُقدِّم ابن الله الحبيب هذه التضحية العظيمة. ازدادت حسرة آدم وعذابه. لقد رأى أنَّ خطاياه كانت ثقيلة للغاية إلى درجة أنَّها انطوت على نتائج رهيبة. فهل لا مفرَّ مِن أنْ ينزل مِن مقامه السامي قائدُ السماء الذي سار معه وتحادثا سويًّا عندما كان في حالة البراءة المُقدَّسة، والذي كرَّمته الملائكة وعبدته، لكي يموت بسبب تعدِّيه هو؟ SRAr 47.2
قيل لآدم بأنَّ حياة ملاك لا يمكنها أنْ تفي بالدين. فشريعة الله، التي هي أساس حُكمه في السماء وعلى الأرض، هي شريعة مُقدَّسة مثل قداسة الله ذاته؛ ولهذا السبب فإنَّ حياة ملاك لا يُمكِن أنْ تُقبَل كذبيحة تُقدَّم عند التعدِّي عليها. إنَّ شريعة الله هي أكثر أهمِّيَّة بالنسبة له مِن الملائكة القدِّيسين الملتفّين حول عرشه. لم يكن مِن الممكن أنْ يُبطِل الآب وصيَّة واحدة مِن شريعته أو يُغيِّرها لِتناسب الإنسان في حالته الساقطة. لكنَّ ابن الله، الذي خلق الإنسان مِن خلال عمل متناغم مع الآب، يمكن أنْ يقدِّم لأجل الإنسان كفَّارة مقبولة عند الله، وذلك مِن خلال أنْ يبذل حياته كذبيحة ويقع عليه غضب الآب. لقد أخبر الملائكة آدمَ بأنَّه تمامًا كما أنَّ تعدِّيه قد جلب الموت والشقاء فإنَّ يسوع المسيح قد أنار الحياة والخلود بواسطة تضحيته. SRAr 48.1