قِصَّة الفداء
كوكب صبح الإصلاح
في القرن الرابع عشر أشرق في إنكلترا «كوكب صبح الإصلاح”. كان جون ويكلف رائد الإصلاح لا في إنكلترا وحدها، بل في العالم المسيحيّ كلِّه. لقد كان هو الأب الروحيّ لجماعة (البيوريتان)؛ وكانت تلك المرحلة أشبه بواحة في صحراء. SRAr 336.2
رأى الربُّ أنَّه مِن المناسب أنْ يعهد بعمل الإصلاح إلى شخص يتملك قدرة فكريَّة تُضفي على خدمته طابعًا مِن الهيبة والكرامة. وهذا أسكتَ صوت الاحتقار ومنعَ أعداء الحقِّ مِن أنْ يحاولوا إضعاف الثقة به عن طريق السخرية مِن جهل المُدافِع عنه. عندما أكمل ويكلف تعليمه في المدارس، اتَّجه إلى دراسة الكتب المُقدَّسة. فوجد في كلمة الله ضالَّته التي طالما بحث عنها مِن دون فائدة. وفيها وجد الإعلان عن تدبير الخلاص والمسيح بوصفه الشفيع الوحيد بالإنسان. واكتشف أنَّ روما قد تخلَّت عن طُرُق الكتاب المقدَّس واستبدلتها بتقاليد الناس، فنذر نفسه لخدمة المسيح، وقرَّر أنْ يُعلن الحقائق التي اكتشفها. SRAr 336.3
إنَّ أعظم عمل قام به في حياته هو ترجمة الكتاب المقدَّس إلى اللغة الإنجليزيَّة. وكانت تلك أوَّل ترجمة إنجليزيَّة كاملة على الإطلاق. وإذ كان فنُّ الطباعة غير معروف حينذاك، لم يكن مِن الممكن الحصول على عدد مِن النسخ إلَّا بعد عملٍ مُضنٍ وبطيء؛ ولكنْ بالرغم مِن ذلك، فقد أنجِزَ العمل، وحصل شعب إنجلترا على الكتاب المقدّس بلغتهم الأصليَّة. وهكذا بدأ نور كلمة الله ينشر أشعَّته الساطعة ليتبدَّد الظلام. كانت يدٌ إلهيَّةٌ تُعِدُّ الطريق أمام الإصلاح العظيم. SRAr 336.4
إنَّ اللجوء إلى مخاطبة عقول الناس أيقظهم مِن خنوعهم واستسلامهم للعقائد البابويَّة. وقد تلقَّت الطبقات العليا مِن الشعب الأسفار المقدَّسة باستحسان وتأييد، وإذ كانوا هم وحدهم يعرفون القراءة في ذلك العصر، فقد عَلَّم ويكلف حينئذ التعاليم البروتستانيَّة المميَّزة: تعاليم الخلاص بالإيمان بالمسيح والعصمة الكاملة للكتب المُقدَّسة. وقد انضمَّ إليه في نشر الكتاب المقدَّس وفي الكرازة بالإنجيل الكثير مِن الكهنة؛ وكان تأثير تلك الجهود وكتابات ويكلف عظيمًا جدًّا، بحيث أنَّ حوالي نصف شعب إنجلترا قبلوا الإيمان الجديد. فارتعدت مملكة الظلام. SRAr 337.1
فشلت جهود أعدائه لإيقاف عمله وتدمير حياته، وفي سنته الحادية والستّين مات في سلام وهو يقوم بخدمة العشاء الربَّانيِّ أمام المذبح. SRAr 337.2