قِصَّة الفداء

168/229

٤٢ - سنوات خدمة بولس

كان بولس عاملًا دؤوبًا لا يكلُّ ولا يملُّ. وكان يُسافر باستمرار مِن مكان إلى آخر، وفي بعض الأحيان كان يعبر في مناطق موحشة، وفي أحيان أخرى كان يجول البحار وسط العواصف والأنواء. ولم يسمح أنْ يعيقه شيء عن القيام بعمله. فهو كان خادم الله، وتوجَّب عليه أنْ يصنع مشيئة الله. وقد حمل، بكلامه الذي نطق به وبرسائله التي كتبها، رسالة جلبت العون والقوَّة لكنيسة الله على مدى العصور. وبالنسبة لنا نحن الذين نعيش في نهاية تاريخ العالَم، فالرسالة التي حملها تحكي بجلاء عن المخاطر التي ستُهدِّد الكنيسة والتعاليم الكاذبة التي سيكون على شعب الله مواجهتها. SRAr 310.1

لقد انتقل بولس بين البلدان والمدن وهو يبشِّر بالمسيح ويؤسِّس الكنائس. وأينما وَجَد مستمعين اجتهد في التصدِّي للشرِّ وتوجيه أقدام الرجال والنساء في طريق البِرِّ. وقد قام بتنظيم أولئك الذين قبلوا المسيح بفضل جهوده أينما كانوا، بحيث شكَّلوا كنيسة. وكان هذا الإجراء يُتَّبع بغضِّ النظر عن قِلَّة أعدادهم. ولم ينسَ بولس الكنائس التي أسِّسَت بهذه الطريقة. ومهما كانت الكنيسة صغيرة، فقد كانت موضع عنايته واهتمامه. SRAr 310.2

إنَّ دعوة بولس تطلَّبت منه القيام بخدمات متنوِّعة، حيث كان يعمل بيديه ليكسب معيشته، ويؤسِّس الكنائس، ويكتب رسائل للكنائس التي تمَّ تأسيسها. ومع ذلك فهو أعلن قائلًا في خضمِّ كلِّ هذه الأعمال المتنوِّعة: «أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا» (فيلبي ٣: ١٣). ولكنَّه وضع أمامه عينيه هدفًا واحدًا ثابتًا في كلِّ أعماله ــ وهو أنْ يكون أمينًا للمسيح الذي أعلن ذاته لبولس بينما كان بولس يجدِّف على اسمه ويستخدم كلَّ ما أوتي مِن وسائل وقوَّة ليجعل الآخرين يُجدِّفون عليه أيضًا. إنَّ الغرض العظيم في حياته كان أنْ يقدِّم الخدمة والإكرام لذاك الذي ملأ اسمُه نفسَ بولس يومًا بالازدراء والاحتقار. كانت أمنيته الوحيدة أنْ يربح نفوسًا للمخلِّص. قد يقاومه اليهود وقد يضطهده الأمم، ولكن لن يقدر شيء أنْ يحوِّله عن غرضه. SRAr 310.3