المُعلّم الأعظم
الوزنة تؤخذ
وهذا هو الحكم الذي صدر على العبد الكسلان: « خُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ » (متى ٢٥: ٢٨). وهنا كما في مجازاة العامل الأمين يتبين ليس فقط الجزاء للدينونة الأخيرة بل عملية الجزاء التدريجية في هذه الحياة. وكما في العالم الطبيعي كذلك في العالم الروحي كل قوة لا تُستخدم تنتهي إلى الضعَف والانحلالُ. إنّ النشاط هو قانون الحياة بينما الكسل هو الموت: « لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ » (١كورنثوس ١٢: ٧). فإذ يستخدم الإنسان مواهبه ليبارك الآخرين فإنها تتكاثر وتزيد. أمّا إذا حبسها لخدمة الذات فهي تنقص وتُسحب أخيراً. فالذي يرفض أن يوزع ممّا أعُطيَ له سيجد في النهاية أنّه لا يملك شيئاً يعطيه. إنّه يوافق على مجرى لابد وأن يعجز قوى النفس ويدمّرها في النهاية. COLAr 334.1
لا يظنن أحد أنه يمكنه أن يحيا حياة الأنانية وحينئذ بعدما يخدم مصالحه الخاصة يدخل إلى فرح سيده. إنّهم لا يمكنهم أن يشتركوا في فرح المحبّة المنكرة لذاتها. إنّهم لا يكونون مؤهلين للمواطن السماوية. ولا يمكنهم أن يقدروا جو المحبة النقي الذي يعم السماء. وأصوات الملائكة وموسيقى قيثاراتهم لن ترضيهم. وعلم السماء يبدو لعقولهم لغزا يستعصي عليهم فهمه. COLAr 334.2
وفي يوم الدينونة العظيم. كل من لم يخدموا المسيح الذين انجرفوا مع التيار ولم يحملوا مسؤولية وكانوا يفكرون في أنفسهم وفي إرضاء ذواتهم سيوقفهم ديّان كل الأرض مع فاعلي الشر وستقع عليهم نفس دينونتهم. COLAr 335.1
كثيرون ممّن يدّعون أنّهم مسيحيون يهملون مطاليب الله ومع ذلك لا يحسّون أنّ في هذا أيّ خطأ. إنّهم يعرفون أنّ المجدّف والقاتل والزاني يستحقّون العقاب. أمّا بالنسبة إليهم فهم يستمتعون بالخدمات الدينية. إنّهم يحبون سماع الكرازة بالإنجيل ولذلك يظنّون أنفسهم مسيحيين. ومع إنّهم قضوا حياتهم في الاهتمام بأنفسهم فإنّهم سيستغربون كما استغرب العبد غير الأمين المذكور في المثل عندما سمع الحكم القائل: خذوا منه الوزنة. وكاليهود يخلطون بين التمتع ببركاتهم وواجبهم في استخدامها. COLAr 335.2
وكثيرون ممن يستعفون من القيام بمسعى مسيحي يعتذرون بعجزهم عن العمل. ولكن هل جعلهم الله عاجزين بهذا المقدار؟ كلاّ أبدا. فهذا العجز قد حدث بسبب كسلهم وقد دام بسبب اختيارهم المتعمّد. ففي خلُقهم قد تحقّقوا نتيجة الحكم القائل: خذوا منه الوزنة. إنّ سوء استخدامهم المستمر لوزناتهم لابدّ أن يُطفئ أمامهم الرُّوح الْقُدُس الذي هو النور الوحيد. وإنّ الحكم القائل: « الْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ » (متى ٢٥: ٣٠) يضع ختم السماء على الاختيار الذي اختاروه لأنفسهم مدى الأبدية COLAr 335.3