أعما لالرُّسل

17/59

الفصل السادس عشر

رسالة الإنجيلفي أنطاكية

(يعتمد هذا الفصل على ماجاء في أعمال11 : 19 -26 ، 13 : 1-3).

بعدما طرد التلاميذ من أورشليم بسبب الاضطهاد انتشرت رسالة الإنجيل بسرعة في الأقاليم البعيدة عن تخوم فلسطين وكونت جماعات صغيرة كثيرة من المؤمنين في مراكز هامة. وبعض التلاميذ «اجتازوا إلى فينيقية وقبرس وأنطاكية» يكرزون بالكلمة (أعمال 11 : 19) وقد كانت جهودهم مقصورة على العبرانيين واليهود واليونانين ، وكانت توجد في ذلك الحين مستعمرات كبيرة مأهولة بهم في أغلب بلدان العالم. AR 137.1

ومن بين الأماكن المذكورة حيث قبل الناس الإنجيل بفرح مدينة أنطاكية التي كانت حاضرة سوريا حينذاك. ثم أن التجارة الواسعة التي تحمل من ذلك المركز الآهل بالسكان جلب إلى تلك المدينة أناساكثيرين من أجناس مختلفة. وفضلا عن هذا فإن أنطاكية اشتهرت بكونها مأوى لمحبي الراحةوالملذات نظرا لموقعها الحسن وبيئتها الجميلة والثروة والمدنية والثقافة التي كانت توجد فيها . وفي أيام الرسل قد صارت مدينة الترف والرذيلة. AR 137.2

وقد علم بالانجيل في أنطاكية جهارابعض التلاميذ القادمين من قبرص وبلاد القيروان . «مبشرين بالرب يسوع» (أعمال11: 20) «وكانت يد الرب معهم»وأثمرت جهودهم الجادة الغيورة ثمارات مفرحة «فآمن عدد كثير ورجعوا إلى الرب» (عدد 21). AR 138.1

«فسمع الخبر عنهم في آذان الكنيسة التي في أورشليم ، فأرسلوا برنابا لكي يجتاز إلى أنطاكية» فلما وصلإلى حثلخدمته الجديد رأى العمل الذي أتمته نعمة الله «فرح ، وعظ الجميع ان يثبتوا في الرب بعزم القلب» ( عدد 22 ، 23). AR 138.2

وقد بوركت خدمات برنابا في أنطاكية بغنى فانضم عدد كبير إلى المؤمنين هناك. وإذ تقدم العمل ونما أحس برنابا بحاجته إلى معونة مناسبة كي يتقدم بالعمل الذي أتاحتعناية الله فرصا سانحة للسير به قدما. فخرج إلى طرسوس ليطلب بولس ، الذي بعد رحيله عن أورشليم قبل ذلك بزمن ، كان يخدم في« أقاليم سورية وكيليكية» «يبشر ... بالايمان كان قبلا يتلفه» ( غلاطية 1 : 21، 23). وقد أفلح برنابا في العثور على بولس وبإقناعه بالرجوع معه ليكون زميلا له في الخدمة . AR 138.3

وقد وجد بولس في مدينة أنطاكية المزدحمة بالسكان حقلا خصبا للخدمة . فقد كان لعملهالواسع وحكمته وغيرته تأثير فعال على السكان ومن كانوا يفدون على تلك المدينة التي كانت مركزا للثقافة والمدنية ، وقد برهن بولس أنه المعين الكفء الذي يحتاجه برنابا . وقد ظل ذانك التلميذان يخدمان سنة كاملةيدا واحدة في خدمة أمينة ، وكانا يقدمان لأناس كثيرين معرفة يسوع الناصري الخلاصية ، الذي هو فادي العالم . AR 138.4

ودعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولا . وقد أطلق عليهم هذا الاسم لأن المسيح كان الموضوع الرئيسي في كراززتهم وتعليمهم وأحاديثهم . وكانوا باستمراريقصون أخبار الأحداث التي جرب مدى أيام خدمة المسيح على الأرض عندما تبارك التلاميذ بوجوده شخصيا معهم. ولم يكونوا يكلون من إطالة شرح تعاليمه ومعجزات الشفاء التي أجراها . وبشفاه مرتجفة من فرض التأثر وبعيون دامعة تحدثوا عن عذابه النفسي في البستان وتسليمهومحاكمته وصلبه ، وعن الاحتمال والوداعة الذين بهما احتمل الخزء والعذاب الذين أوقعهما عليه أعداؤه ، والحنان الإلهي الذي به صلى لأجله مضطهديه . وقد كانت قيامته وصعوده وعمله في السماء كوسيط عن الإنسان الساقط، مواضيع سرهم أن يتحدثوا عنها كثيرا . فحسنافعل الوثنيون إذ دعوهم مسيحيين حيث أنهم كرزوا بالمسيح وقدموا صلواتهم لله عن طريقه . AR 138.5

إن الله هوالذي أطلق عليهم اسم مسيحيين. هذا اسم ملكييعطى لكلمن يتحدون بالمسيح. لقد كتب يعقوب في رسالته عن هذا الاسم فيما بعد يقول : «أليس الأغنياء يتسلطونن عليكم وهم يجرونكم إلى المحاكم ؟ أما هم يجدفون على الاسم الحسن الذي دعي به عليكم ؟» ( يعقوب2 : 6 7 ) وقد أعلن بطرس قائلا : «وكلن إن كان كمسيحي، فلا يخجل ، بل يمجد الله من هذا القبيل»، «إن عيرتم باسم المسيح فطوبى لكم، لأن روح المجد والله يحل عليكم» (1 بطرس 4: 16 ، 14). AR 139.1

وقد تحقق المؤمنون في أنطاكية بأن الله يريد أن يعمل في حياتهم : «أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسراة» (فيلبي2 : 13 ) . فإذ كانوا يعيشون بين أناسبدا أنهم لايكتثرون للأمور ذات القيمة الأبدية إلا بالنزر اليسير ،فقد حاولوا أن يوجهوا انتباه ذوي القلوب الأمينة إلى ذاك الذي قد أحبوه وخدموه وأن يقدموا عنه شهادة إيجابيه صريحة. وفي خدمتهم المتواضعة تعلموا الاعتماد على قوة الروح القدس كي يجعل كلمة الحياة قوية وفعالة. وهكذا ففي مسالك الحياة المختلفة قدموا كل يوم الشهادة لإيمانهم بالمسيح . AR 139.2

إن مثا ل تلاميذ المسيح في أنطاكية ينبغي أن يكون مصدر إلهام لكل مؤمن يعيش في مدن العالم العظيمة في عصرنا هاذ ا . حين يتضح في نظام الله أن العمال المختارين المكرسينذوي المواهبينبغي أن يوجدوا في مراكز هامة حيث يكثر السكان ، ليكونوا في الطليعة في المساعي العامة , فإن قصده ايضا أن أعضاء الكنائس العائشين في هذه المدن يستخدمون المواهب الممنوحة لهممن الله في خدمة النفوس . توجد بركات غنية مختزنة لأولئك الذين يخضعون خضوعا كاملا لدعوة الله. وإذ يحاول أمثال أولئك الخدام أن يربحوا نفوسا ليسوع فسيجدون أن كثيرين ممكن لم يكون ممكنا الوصل إليهم بأية طريقة أخرى هم مستعدون للاستجابة للجهود الشخصية الذكية . AR 140.1

إن عمل الله في الأرض اليوم بحاجة إلى ممثلين أحياء لحق الكتاب المقدس . إن الخدام المرسومين وحدهم ليسوا أكفاء لإنذار المدن العظيمة . إن الله لايدعوا الخدام وحدهم بل هو يدعوا أيضا الأطباء والممرضين موزعي الكتاب والمتجولين ، وخدام الكلمة وغيرهم من العلمانيين المكرسيين ذوي المواهب المختلفة الذين لهم إلمام بكلمة الله ويعرفون قوة نعمته ليراعوا حاجات المدن التي لم يصلها الإنذار . إن الوقت يمر سريعا وهنالك عمل كثير. فينبغي استخدام كل وسيلة للعمل حتى يمكن استخدام الفرص السائحة، بأفضل طريقة . AR 140.2

إن خدمات بولس التي قام بها في أنطاكية بصحبة برنابا زادت من اقتناعه بان الرب قد دعاه ليقوم بعمل خاص بين الأمم . في وقت اهتداء بولس أعلن الرب أنه سيكون خداما للأمم : «لتفتح عيونهم كي يجرعوا من ظلمات إلى نور ، ومن سلطان الشيطان إلى الله ، حتى ينالو بالايمان بي فقران الخطايا ونصيبا مع المقدسين» ( أعمال26 : 18). إن الملاك الذي ظهر لحنانيا قال عن بولس : «لأن هذالي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملولك وبني إسرائيل» ( أعمال 9 : 15). وبولس نفسه ، في اختباره المسيحي فيما بعد ، بينما كان يصلي في الهيكل في أورشليم، زاره ملاك من السماء وأمره قائلا : «اذهب ، فإني سأرسلك إلى الأمم بعيدا» (أعمال 22 : 21). AR 140.3

وهكذا فوض الرب إلى بولسأمر الدخول إلى ذلك الحقل الكرازي المتسع بين الأمم في كل العالم . فلكي يعده الله لهذا العمل الواسع الشاق ، جعله في شركة واتصالبشخصه وكشف لبصيرته الفرحة المتهللة عن مناظر ومشاهد جمال السماء ومجدها . وقد فوض بخدمة إعلان «السر الذي كان مكتوما في الأزمنة الأزلية» «سر بمشيئته» (رومية16 : 25أفسس1 ك: 9 )، «الذي في أجيال أهر لم يعرف به بنو البشر ، كما قد أعلن الآن لرسله القدييسين وأنبياءه بالروح . أن الأمم شركاء في الميراث والجسد ونوال موعده في المسيح بالإنجيل» وقد أعلن بولس قائلا : «الذي صرت أنا خادما له .. لي أنا أصغر جميع القديسين ، أعطيت هذه النعمة ، أن أبشر بين الأمم بغنى المسيح الذي لايستقصى ، وأنير الجميع في ماهو شركةالسر المكتوم منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح . لكي يعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماوايات، بواسطة الكنيسة ، بحكمة الله المتنوعة ، حسب قصد الدهور الذي صنعه المسيح يسوع ربنا» ( أفسس3 : 5 — 11). AR 141.1

كان قد بارك جهود بولس وبرناباببركات غزيرة في غضوب السنة التي قضياها مع مؤمني أنطاكية . ولكن أيا منهما لم يكن قد أقيم رسميالخدمة الإنجيل . كانا الآن قد بلغا في اختبارهما المسيحي حدا كان الله مزمعا فيه أن يكل إليهما القيام بمشروع كرازي شاق ، ولكي يتمماه كانا بحاجة إلى كل ميزةيمكن الحصول عليهابواسطة الكنيسة . AR 141.2

«وكان في أنطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون : برنابا ، وسمعان الذي يدعى نيجر، ولوكيوس القيرواني ، ومناين ..وشاول . وبينما هم يخدمون الرب ويصومون ، قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه» (أعمال 13 : 1 ، 2). إن هذين الرسولين قبل إرسالهما كمرسلين إلى العالم الوثني ، كرسا لله تكريسامقدسا بالصوم والصلاة ووضع الأيدي . وهكذا رخصت لهما الكنيسة ليس فقط بأن يعلما الناس الحق ، بل أيضا أن يمارسا فريضة المعمودية وأن ينظما الكنائس ، إذ كانا مزودين بسلطان الكنيسة الكامل . AR 142.1

كانت الكنيسة في ذلك الحين مقبلة على حقبة هامة في تاريخها . إن عمل إذاعة رسالة الإنجيل بين الأمم كان مزمعا أن ينجز بكل نشاط ، ونتيجة لذلك كانت الكنيسة ستتقوى بحصاد عظيم للنفوس . والرسولان اللذان تعين عليهما أن يسيرا في الطليعة في هذا العمل لابد أن يصيراهدفا للشبهة والشكوك والتعصبوالحسد . وتعاليمها الخاصة بنقض «حائط السياج المتوسط» الذي ظل يفصل طويلا بين اليهود والأمم ، سيعرضهما بطبيعة الحال لتهمة الهرطقة ، وكثيرون من اليهود المؤمنين الغيورين سيشكون في سلطانها كخادمين للإنجيل. وقد سبق لله أن رأى المشقات التي سيواجهها خادماه ، فلكي يكون عملهما فوق كلاعتراض أعلن للكنيسة إعلانا سماويا أن تفرزهماعلنا لعمل الخدمة . وقد كان فرزهما وتكريسهما اعترافا علنيا بتعيينهما من قبل الله لحمل بشارة الإنجيل المفرحة للأمم. AR 142.2

كان بولس وبرنابا كلاهما قد أخذا تفوضيهما من الله نفسه ، وإن خدمة وضع الأيدي لم تضف إليهما نعمة جديدة أو صلاحية فعلية . إنما كانت فقط شكلا معترفا به من أشكال التعيين لوظيفة المعينة ، واعترافا بسلطة ذلك الشخص في تلك الوظيفة. وبواسطته وضع ختم الكنيسة على عمل الله. AR 142.3

وقد كان لهذا الطقس في نظر اليهود دلالته العظيمة. فعندما كان الأب اليهودي يبارك أولاده كان يضع يديه على رؤوسهم بكل وقار . وعندما كان يكرس الحيوان للذبيحة كان الشخص المزود بالسلطان الكهنوتي يضع يده على رأس الذبيحة . وعندما وضع خدام الكنيسة المؤمنون في أنطاكية أيديهم على بولس وبرنابا ، فإنهم بذلك العمل سألوا الله أن يمنح بركته لرسوليه المختارين بتكريسهما للعمل الخاص الذي عينا له . AR 143.1

وفي تاريخ لاحق بعد ذلك ، أسيئ استخدام طقس التكريس بوضع الأيدي إلى حد كبير. فقد نسبت إلى هذا الطقس ينالون قوة مباشرة وقوية تؤهلهم لكل أنواع الخدمة الرعوية. ولكن عند إفراز هذين الرسولين ، لم يذكر شيئ يدل على أن قوة قد منحت لهما لمجرد عملية وضع الأيدي . إنما ذكر فقط الخبر البسيط خبر تكريسهما وعلاقة هذاالتكريس بعملهما في المستقبل . AR 143.2

إن الظروف المتصلة بفرز بولس وبرنابا بواسطة الروح القدس ليقوما بعمل خدمة معين ، ترينا بوضوح أن الرب يعمل عن طريق وسائل معينة في كنيسته المنظمة .قبل ذلك بسنين عندما أعلن المخلص نفسه ، القصد الإلهي الخاصببولس الأول مرة ، أدخل بولس في الحال في صلة معأعضاء كنيسة دمشق المنظمة حديثا. وفضلا عن ذلك فإن الكنيسة في تلك المدينة لم تظل جاهلة للاختبار الشخصي الذي كان يجوز فيه ذلك الفريسيالمهتدي. عندما حان موعد تنفيذ تلك المأمورية الإلهية التي كلف بها عندما ظهر له الرب قرب دمشق ، فإن الروح القدس إذ شهد مرة ثانية عن بولس كالإناء المختارليحمل الإنجيلإلى الأمم ، أوكل إلى الكنيسة مهمة سيامته هو وزميله. فإذ كان قادة الكنيسة في أنطاكية «يخدمون الرب ويصومون ، قال الروح القدس : «أفرزوا برنابا وشاول للعمل االذي دعوتهما إليه» (أعمال13 : 2). لقد جعل الله كنيسته على الأرض أداة للنور ، وعن طريقها يوصل للناس مقاصده وإرادته. إنه لايعطي واحدا من خدامه اختبارا مستقلا ومناقضا لاختبار الكنيسة نفسها . وكذلك هو لايعطي فردا معرفة إرادته لأجل الكنيسة كلها ، بينما الكنيسة —جسد المسيح — تترك في الظلام . إنه في عنايته يجعل خدامه في صلة وثيقة بكنيسته حتى يكونوا أقل ثقة في نفوسهم وأكثر ثقة في الآخرين الذين يقودهم ويفرزهم لإنجاح عمله وتقدمه. AR 143.3

يوجد في الكنيسة دائما جماعة يميلون على الدوام إلى الاستقلالالشخصي ويبدوا أنهم غير قادرين على الإدراك بأن استقلال الروح كفيل بأن يجعل الإنسان يثق في نفسه أكثر من اللازم ويركن إلى حكمه ولايحترم مشورة إخوته ولا يقدر حكمهم ، وعلى الخصوص أولئك الذين يشغلون المراكز التي قد عينها الله لقيادة شعبه . لقد زود الله كنيسته بسلطان وقوة خاصة لاحق لإنسان أن يستخف بهما أو يحتقرهما ، لأن من يفعل هذا إنمايحتقر صوت الله . AR 144.1

إن من يميلون إلى اعتبار حكمهم الشخصي أسمى حكم ، هم في خطر جسيم . إن مسعى الشيطان المدروس هو أن يفصل أمثالهؤلاء عن أولئك الذين هم أدوات للنور ، الذين قد عمل الله من خلالهم كي يقيم عمله وينشره في الأرض . إن إهمال أو احتقار أولئك الذين قد عينهم الله لحمل تبعات القيادة فيما يختص بتقدم الحق ، معناه رفضالوسيلة التي قد رسمها الله لمعاونة شعبه وتشجعيهم وتقويتهم . فكون أي خادم يعمل في ملكوت الله يتجاوز هؤلاء الأشخاص في غير اكتراث ظانا أن نوره ينبغي ألا يأتي منأي قناة أخرى بل من الله مباشرة ، فهو بذلك يضع نفسه في وضع يجعله عرضة لأن يخدعه العدو فيسقط أخيرا . لقد رتب الله في حكمته أنه بواسطة الصلة الوثيقة التي يجب أن يحرص عليها جميع المؤمنين يتحد المؤمن بأخيه المؤمن والكنيسة بالأخرى . وهكذا تستطيع الوسائل البشرية أن تتعاون مع الوسائل الإلهية , كل عامل ينبغي أن يكون خاضعا للروح القدس ، وكل المؤمنين يتبطون معا في مجهود منظم وموجه توجيها حسنا لتقديم بشارة نعمة الله للعالم. AR 144.2

و.قد اعتبر بولس فرصة تكريسه الرسمي نقطة بدء تاريخ جديد هام في عمل حياته. وفيما بعد اعتبر هذا الوقت هو بدء عمله كرسول في الكنيسة المسيحية AR 145.1

وفي حين كان نور الإنجيل يضيئ بلمعان عظيم في أنطاكية كان يوجد عمل هام به الرسل الذين بقوا في أورشليم. ففي كل سنة في أوقات الأعياد كان كثيرون من اليهود يأتون من كل البلدان إلى أورشليم ليسجدوا في الهيكل . وكان بعض هؤلاء الحجاج رجالا أتقياء وغيورين وكانوا يدرسون النبوات بكل غيرة واجتهاد. كانوا ينتظرون بشوق عظيم مجيئ المسيا الموعود به ورجاء إسرائيل. وإذ امتلأت أورشليم بهؤلاء الغرباءكان الرسل يكرزون بالمسيح بشجاعة لاتنثني ، مع علمهم أنهم بهذا التصرف كانوايجازفون بنفوسهم ويقدمون على مخاطرة عظيمة. وقد ختم روح الله جهودهم هذه بخاتم استحسانه، كما اهتدى كثيرون إلى الإيمان، وهؤلاءعند عودتهم إلى أوطانهم في أنحاء العالم المختلفة نشروا بذار الحق في كل الأمم وبين كل طبقات المجتمع. AR 145.2

وكان من أشهر الرسل الذين قاموا بهذا العملبطرس ويعقوب ويوحنا الذين كانوا واثقين من أن الله قد أقامهم ليكرزوا بالمسيح بين مواطني بلدتهم. وقد خدموا بكل أمانة وحكمة شاهدين بما قد رأوه وسمعوه ، وموجهين الأنظار إلى«الكلمة النبوية وهي أثبت» في محاولتهم أن يقنعوا «بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ، ربا ومسيحا» (2 بطرس 1 : 9 ، أعمال 2:36). AR 145.3