خدمة الشفاء
المحبة الأخوية
لم يکن المسيح يعترف بأي تمييز في القومية أو المقام أو المذهب. إن الكتبة والفريسيين أرادوا أن ينتفعوا انتفاعا محليا وقوميا بعطايا السماء وأن ينبذوا بعيدا باقي أسرة الله الذين في العالم. ولكن المسيح نقض حائط السياج. أتى ليبرهن على أن هبة رحمته ومحبته غير مقتصرة على أحد بذاته، بل هي للجميع كالهواء والنور والأمطار التي تحيي الأرض . KS 12.4
إن حياة المسيح قد أقامت ديناً لا مجال فيه لنظام الطبقات، ديناً فيه يرتبط اليهودي والأممي والعبد بالحر في أخوة مشتركة يكون فيها الجميع متساوون أمام الله. لم يمكن لأي سؤال عن العادات والأنظمة أن يؤثر في تنقلاته. لم يجعل أي فرق بين الأقرباء والغرباء أو بين الأصدقاء والأعداء. فالذي عجبه وجذب انتباهه هو النفس المتعطشة إلى ماء الحياة . KS 12.5
لم يمر بأي إنسان معتبراً إياه عديم القيمة بل طلب أن يقدم العلاج الشافي لكل نفس. وأية جماعة وجد فيها قدم لها درساً مطابقاً الوقت والظروف الراهنة. وكل إهمال أو إهانة أظهرها الناس لبني جنسهم جعلته يحس إحساسا أعظم بحاجتهم إلى عطفه الإلهي البشري . لقد حاول ان يلهم بالرجاء أشد الناس غلظة وفظاظة. والذين لم يكن منهم أي خير وضع أمامهم اليقين بأنهم يصيرون بلا عيب ولا شر، وأنه يمكنهم الحصول على الخلق الذي يجعلهم يظهرون كأولاد الله. KS 12.6
وكثيراً ما كان يلتقي بالذين قد جرفهم التيار فصاروا تحت سلطان الشيطان مثالنا وعاجزين عن التخلص من أشراكه. مثل ذلك الإنسان اليائس المريض المجرب الساقط كان يسوع يخاطبه بأرق عبارات العطف ، الكلام الذي يحتاجه ويمكنه أن يفهمه. كما كان سيلتقي بآخرين ممن كانوا يلتحمون مع عدو النفوس في صراع رهيب. فكان يشجع أمثال هؤلاء على المواظبة ومواصلة الحرب ، مؤكدا لهم أنهم لابد غالبون لأن ملائكة الله ينصرونهم ويعطونهم الغلبة. KS 12.7
وكان يتكئ على مائدة العشارين كالضعيف المكرم ، وبعطفه واشتقاقه ومؤانستهم برهن لهم على تقديره عظمة البشرية. وكان الناس يتوقون لأن يصيروا أهلاً لثقته. كان كلامه يقطر على قلوبهم الظمأى بقوة مباركة. وكانت تستيقظ في نفوسهم نوازع جديدة. وانفتح أمام الذين كانوا منبوذين من المجتمع باب إمكانية الحياة الجديدة . KS 13.1
إيسوع مع كونه يهودياً فقد اختلط بالسامريين بكل حرية مستخفاً بعادات معاصريه وبني أمته، الفريسية المتزمتة، ففي وجه تعصبهم قبل كرم هذا الشعب المحترم. فقد نام معهم تحت سقف واحد ويأكل على موائدهم — وتناول من الطعام الذي أعده وقدموه له بأيديهم - وعلّم في شوارعهم وعاملهم بمنتهى الرقة واللطف . وفي حين أنه اجتذب قلوبهم إلى شخصه برباط العطف الإنساني فإن نعمته الإلهية جاءتهم بالخلاص الذي رفضه اليهود. KS 13.2