خدمة الشفاء

27/271

شريعة الله للحياة

لیکن واضحاً آن طریق وصايا الله هو طريق الحياة. لقد وضع الله نواميس الطبيعة ولكن تواميسه ليست تحتيما تعسفياً. فكل نهي من نواهيه سواء أكان في القوانين الصحية أو القانون الأدبي يتضمن وعداً. فإذا أطعناه فإن البركة تلازم خطواتنا. والله لا يرغمانا أبداً على عمل الصواب . إنما هو يحاول أن ينقذنا من الشر ويقودنا في طريق الخير. KS 60.6

يجب توجيه الانتباه إلى الوصايا والقوانين التي أعطيت لشعب الله قديماً. فلقد أعطاهم الله تعليما محددا عن عاداتهم في الحياة ، وأعلمهم بالقوانين الخاصة بالخير الجسدي والروحي، وعلى شرط طاعتهم يؤكد لهم قائلاً: «يرد الرب عنك كل مرض» (تلقيه 7: 15). «وجهوا قلوبكم إلى جميع الكلمات التي أنا أشهد عليكم بها» (انها هي حياة للذين يجدونها ودواء لكل الجسد ) (تثنية ٢٢ : 46 ؛ أمثال 4 : ٢٢). KS 61.1

يريدنا الله أن نصل إلى مقاييس الكمال الذي صار ميسوراً لنا بواسطة عطية المسيح. إنه يدعونا لكي نجعل اختيارنا إلي جانب الصواب ، وترتبط الأجناد السماوية، وندين بالمبادئ الكفيلة بأن تعيد إلينا صورة الله. و هو قد أعلن لنا میلادی الحياة في كلمته المكتوبة وفي سقر الطبيعة العظيم. وعملنا هو ان نحصل على معرفة هذه المبادئ، وأن نتعاون معه، بالطاعة، في إعادة الصحة إلى الأبدان والنفوس. KS 61.2

إن الناس بحاجة إلى أن يتعلموا أنه في إمكانهم الحصول على بركات الطاعة في ملئها متى قبلوا نعمة المسيح ليس إلا . فنعما هي التي تمنح الإنسان القوة على إطاعة شرائع الله. وهذا ما يقدره على كسر قيود العبودية العادة الشريرة ، هذه هي القوة الوحيدة التي تصير وتحفظه ثابتاً في طريق الحق. KS 61.3

عندما يقبل الإنسان الإنجيل في طهارته وقوته يكون الإنجيل علاجاً للأدواء التي منشأها الخطية. إن شمس البر تشرق « والشفاء في أجنحتها» (ملاخي 4:2 ). ليس كل ما يمنحه هذا العالم يمكنه أن يجبر قلباً كسيراً أو يمنح للعقل سلاماً أو يزيل الهموم أو يطرد المرض. فالشهرة و الذكاء و المواهب - كل هذه أعجز من أن تفرح القلب الحزين أو تعيد الصحة التالفة. ولكن حياة الله في النفس هي رجاء الإنسان الوحيد. KS 61.4

إن المحبة التي يملأ بها المسيح كل كيان الإنسان هي قوة محيية ومنعشة. وهي تلمس كل جزء حيوي فيه — العقل والقلب والأعصاب — بلمسة الشفاء. وبواسطتها تستيقظ أسمى قوى الكيان وتصحو العمل. وهي تحرر النفس من الإثم والحزن والقلق والهم الذي يسحق قوى الحياة . ويأتي معها الهدوء ورباطة الجأش، وهي تغرس في النفس الفرح الذي لا يمكن لأي شيء أرضي أن يتلقى - القرح في الروح القدس ، الفرح الذي يمنح الصحة والحياة . KS 61.5

إن كلمات مخلصنا القائلة «تعالوا إليّ... وأنا أريحكم» (متى ٢٨:11) هي وصفة لأجل شفاء الأدواء البدنية والعقلية والروحية. ومع أن الناس هم الذين جلبوا على أنفسهم الآلام إذ أخطأوا فهو ينظر إليهم نظرة العطف والرثاء. ففيه يمكنهم أن يجدوا العون . وهو يصنع العظائم لمن يثقون به. KS 61.6

مع أن الخطية ظلت مدى أجيال طويلة تشدد قبضتها على الجنس البشري، ومع أن الشيطان قد ألقى ظلالا سوداء من تفسيره لكلمة الله عن طريق الأكاذيب و المخادعات ، وجعل الناس يشكون في صلاحه تعالى فإن رحمة الآب ومحبته لم تكف عن أن تلسكوب في سيول غزيرة على الأرض. فلو أن بني الإنسان يفتحون نوافذ النفسي إلى ناحية السماء ، مقدرين الهبات الإلهية فينسكب فيض من القوة الشافية عليهم . KS 62.1

إن الطبيب الذي يرغب في أن يكون عاملاً مع المسيح ومقبولاً لديه لابد أن يبذل الجهد حتى يكون كفؤا في كل ناحية من نواحي عمله . إنه يدرس بكل اجتهاد ليكون مؤهلاً تماماً للاضطلاع تبعات مهنته، ويسعى دائماً للوصول إلى مقياس أعلي، طالباً معرفة أغزر ومهارات أعظم وتمييزاً وإدراكاً أعمق. وينبغي لكل طبيب أن يتحقق من أن من يقوم بعمل ضعيف ناقص فإنه، فضلا عن كونه يوقع الأذى بالمريض، يوقع أيضاً الظلم زملائه الأطباء. والطبيب الذي يقع بمقياس منخفض من المهارة والمعرفة لا يحقر مهنة الطب وحسب ، يلي هو يهين المسيح ، الطبيب الأعظم. KS 62.2

والذين يجدون أنهم غير أهل للعمل الطبي ينبغي لهم أن يختاروا مهنة أخري أما من هم مؤهلون لرعاية المرضى وإنما ثقافتهم ومؤهلاتهم الطبية محدودة فيحسن بهم ممارسة نواحي هذا العمل الأكثر تواضعاً من عمل الطبيب ، خادمين بأمانة ممرضين وممرضات . وبالخدمة الصايرة تحت إرشاد الأطباء المهرة يستفيدون من العلم دائماً، وإذ يحسنون استخدام كل فرصة في الحصول على المعرفة في الوقت المناسب يصيرون مؤهلين تماماً لعمل الطبيب. وأنتم أيها الأطباء الأكثر حداثة فإذا أنتم عاملون مع (الطبيب الأعظم)... لا تقبلوا نعمة الله باطلاً... » ولا تجعلوا «عثرة في شيء لئلا تلام الخدمة (خدمة المرضى) بل في كل شيء تُظهر أنفسنا کخدام الله» (۲ کورنیثوس 6 :1-4). KS 62.3

إن قصد الله لأجلنا هو أن تتقدم دائما صنعاء. إن الطبيب المرسل الحقيقي يتقدم في المهارة في مزاولة مهنة الطب. والأطباء المسيحيون الموهوبون الذين عندهم مهارة فائقة في مهنتهم يجب البحث عنهم وتشجيعهم على العمل في خدمة الله في الأماكن التي يمكنهم فيها تعليم غيرهم وتدريبهم حتى يصيروا أطباء مرسلين. KS 62.4

وعلى الطبيب أن يجمع لنفسه نور كلمة الله، وأن ينمو في النعمة نمواً مطرداً. وبالنسبة إليه ينبغي ألا تكون الديانة مجرد قوة بين غيرها من القوى بل يجب أن تكون هي القوة السائدة على كل القوى الأخرى ، وعليه أن يعمل مدفوعاً ببواعث سامية مقدسة — بواعث قوية لأنها منبثقة من ذاك الذي بذل نفسه ليمتحنه القوة للانتصار على الشر، KS 62.5

وإذا كان الطبيب يحاول بكل أمانة واجتهاد أن يجعل نفسه كفوا في مهنته، ويكرس نفسه لخدمة المسيح ويقضي وقتا في فحص قليه في سيدرك كيف يحيط بأسرار دعوته المقدسة. وقد يدرب نفسه ويعلمها بحيث يرى كل من هم في دائرة عمله وتأثيره سمو التهذيب والحكمة اللذين يكتسبها ذاك الذي له اتصال بالله الحكمة والقوة. KS 63.1