خدمة الشفاء
٦ - خلصوا ليخدموا
الوقت هو صباح أحد الأيام عند بحر الجليل. فلقد أتى يسوع وتلاميذه إلى الشاطئ إثر ليلة عاصفة قضوها على سطح الماء في عرض البحر، وهاهو نور الشمس المشرق يلمس البحر و الميايسة كما بركة السلام. ولكن ما أن تطأ أقدامهم الشاطئ حتى يستقبلهم منظر أرهب من منظر البحر المنتخب المتلاطم الأمواج. فمن أحد المخابئ التي بين القبور يندفع إليهم مجنونان كأنما يريدان أن مزقهم إربا. وكانت تتدلى من ايدي هذين الرجلين أجزاء من عسلاسل كانا قد كسراها عند هروبهما من الحيسي . إن لحمها ممزق يسيل منه الدم وعيونها تسطع من خلال شعرها الطويل الأشعث. وكان صورة الإنسان قد منحت منهما تماماً فأصبحا أكثر شبهاً بالوحوش البرية منهما بالبشر. KS 48.1
فيهرب التلاميذ ورفاقهم رعباً، ولكنهم في الحال يجدون أن يسوع لم يهرب معهم فيعودون للبحث عنه، وإذ هو وافقت حيث تركوه . فذاك الذي هدى العاصفة، والذي قبل ذلك إلتقى بالشيطان وهزمه لا يهرب أمام هذه الشياطين. فإذ يقترب الرجلان من يسوع وهما يصران بأسنانهم والزبد يغطي شفاههما يرفع يده التي أمرت الأمواج بأن تهداً، فلم يستطع الرجلان أن يقتربوا أكثر من ذلك. إنهما يقفان أمامه هانجين ولكن عاجزين . KS 48.2
وبسلطان بأمر الأرواح الشريرة بأن تخرج منهما. إن الرجلين التعيسين يتحققان من أن شخصا قريبا منهما يستطيع تخليصها من الشياطين التي تعطيهما. فيخر أن عند قدمي المخلص متوسلا إليه في طلب رحمة. ولكن عندما تتفرج شفاههما تتكلم الشيطان على لسانها قائلة: «ما لنا ولك يا يسوع ابن الله - أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا»؟ (متی ۸: ۲۹). KS 48.3
لكن الأرواح الشريرة ترغم على الإفراج عن فريستها، فيحدث تغيير عجيب في المجنونين، فالنور ينبثق في عقليهما تلمع عيونها بالذكاء . ووجها هما اللذان تشوها بحيث صاراً على صورة الشيطان يصيحان الآن هادئين. وأيديهم الملوثة بالدم تهدأ، ثم يرفع الرجلان صوتهما بالشكر لله. KS 48.4
وفى أثناء ذلك فالشياطين إذ خرجت من ذلك الرجلين ودخلت في الخنازير وساقتها إلى الهلاك ، فأسرع رعاة الخنازير يذيعوا الخبر، فاجتمعت المدينة كلها لملاقاة يسوع. لقد كان المجنون رعباً الإقليم كله، أما الآن فإن هذين الرجلين لايسان وعقلان جالسان عند قدمي يسوع يصغيان إلى أقواله ويمجدون اسم من قد شفاهما وجانسان عند قدمي يسوع يصغيان إلى أقواله ويمجدون اسم من قد شفاهما. لكن شهود هذا المنظر العجيب لا يفرحون. خسارة الخنازير تبدو في نظرهم أخطر من خلال هذين الرجلين الذين كانا في أسر الشيطان ، فيجتمعون في رعب حول يسوع ويتوسلون إليه أن ينصرف عن تخومهم يجيبهم إلى طلبهم ، وينزل في السفينة في الحال ، ووجهته الشاطى الأخر. KS 48.5
ولكن شعور المجونين الذين شقيا يختلف عن ذلك اختلافاً بناء فهما يرغبان في أن يكونوا في صحبة مخلصهم. فوجودها في محضره يحسان بأنهما بمأمن من الشياطين التي قد عذبت حياتهما واضاعت رجولتهم. فإذ سمع يسوع أن يدخل القارب يظلان ملازمين له ويجثو أن عند قدميه ويتوسلون إليه أن يسمح لهما بالبقاء إلى جانبها حيث يمكنهما سماع أقواله. ولكن يسوع يأمرهم بالذهاب إلى بيتهما حتى بی خبرا بکم صنع الرب بهما. KS 49.1
هنا لهما عمل يعملونه - أن يذهبا إلى بيت ويتني ويتحدث عن البركات التي نالها من يسوع. إنه يصعب عليهما مفارقة المخلص، و تصادفهم صعوبات كثيرة وتحدث بها المتاعب من جراء معاشرتها لمواطنيها الوثنيين . وإن طول أمد - انقطاعها عن معاشرة الناس يجعلهم غير مؤهلين للقيام بهذا العمل . ولكن إذ يعين لهما المسيح واجبهما يبديان استعدادهما الطاعة. KS 49.2
لم يكتفي بإخبار أهلها وجيرانها عن يسوع بل طافا في كل أنحاء المدن العشر، وكانا في كل مكان يعلنان للناس عن قدرته على أن يخلص ويصفون كيف حررهم من الشياطين . KS 49.3
مع كون أهل كورة الجرجسيين لم يقبلوا يسوع فإنه لم يتركهم في الظلام الذي قد اختاروه ، فعندما أمره بالانصراف عن تخومهم لم يكونوا قد سمعوا كلامه. کانوا يجهلون طبيعة ما قد رفضوه . ولذلك أرسل إليهم التور عن طريق ذينك الرجلين الذين لا يرفضون الإصغاء إليه. KS 49.4
كان قصد الشيطان من غرق قطيع الخنازير أن يعد الناس عن المخلص ويمنع الكرازة بالإنجيل في ذلك الإقليم . ولكن نفس هذا الحادث أيقظ أهل الإقليم جميعا كما لم يكن يمكن لأي شيء آخر أن يوقظهم، وحول انتباههم إلى المسيح. فمع أن المخلص نفسه قد رحل فإن الرجلين اللذين قد شفاهما ظلا باقيين مشاهدين القدرته . فذلك اللذان كانا وسيطين سلطان الظلمة صارا قوات للنور ورسوله لابن الله . وعندما عاد يسوع إلى المدن العشر تجمهر الناس حوله ولمدة ثلاث أيام سمع آلاف من كل الإقليم المجاور رسالة المخلص . KS 49.5
كانا الرجلان المجنونان اللذان شقيا أول المرسلين الذين آر ملهم المسيح لیکرزوا بالإنجيل في إقليم المدن العشر. إن هذين الرجلين قد أصغى إلى كلام السيد وقتا قصيرا جدا، ولم تسمع آذانهم عظة واحدة من عظاته، ولم يستطيع أن يعلما الناس مثلما كان يستطيع التلاميذ الذين رافقوه كل يوم . ولكنهما استطاعا أن يخير الناس يما قد عرفناه، بما قد رأيا سمعاء نفسيهما وما أحس به من قدرة المخلص. وهذا ما يستطيع كل واحد أن يفعله ممن قد لمست نعمة الله قلوبهم هذه هي الشهادة التي يدعو إليها ريتا والتي يهلك العالم بسبب حاجته إليها. KS 50.1
إن الإنجيل يجب أن يقدم لا كنظرية عديمة الحياة بل كقوة حية لتجديد الحياة. إن الله يريد أن يشهد خدامه لهذه الحقيقة وهي أنه بواسطة نعمته يمكن أن يتحلى الناس بصفات شبيهة بصفات المسيح ويمكنهم أن يفرحوا بيجن محبته العظيمة. إنه يريدنا أن نشهد الحقيقة كونه لا يقع حتى تعود إلى كل من يقبلون الخلاصل حقوقهم ومركزهم و امتیاز اتهام المقدسة کابنیه و بناته. KS 50.2
وحتى الذين كانت حياتهم وتصرفاتهم مغيضة الله إلى الغاية القصوى هو يقبلهم مجانا. وعندما يتوبون يمنحهم روحه القدوس ويرسلهم إلى محلة العصاة الخائنين يذيعوا أنباء رحمته. والذين أن حطوا حيث أمسوا آلات بيد الشيطان ، يتغيرون بقرة المسيح فيصير ورمل البر ويرسلون ليخبروا الناس بكم صنع الرب بهم ورحمهم . KS 50.3