خدمة الشفاء

17/271

«أتريد أن تبرأ»؟

«وفي أورشليم عند باب الضان بركة يقال لها بالعبرانية بيت اعتدالها خمسة أروقة. وفي هذه كان مضطجعا جمهور كثير من مرضى وعمي وعرج وعسم يتوقعون تحريك الماء» (يوحنا :5 :2و3). KS 40.2

في فترات خاصة كانت مياه هذه البركة تتحرك، وكان الجميع يعتقدون أن ذلك نتيجة قوة إلهية فائقة، وان من ينزل أولا إلى البركة بعد تحريك الماء كان يبرأ من كان الجمع المنتظر قوما كثيرين جدا بحيث كانوا يندفعون إلى الإمام ويدوسون تحت أقدامهم من هم أضعف منهم من الرجال والنساء والأولاد. وكثيرون لم يستطيعوا الاقتراب من البركة. وكثيرون ممن قد أفلحوا في الوصول إليها ماتوا على حافتها. وقد أقيمت أروقة حول ذلك المكان ليحتمي فيها المرضى من الحر في النهار ومن الصقيع في الليل. ووجد بعض من قضوا الليل في هذه الأروقة وهم يزحفون إلى حافة البركة يوماً بعد يوم متعلقين بذلك الأمل العقيم في الشفاء. KS 40.3

وكان يسوع في اورشليم. وإذ كان يمشي وحده ويبدو عليه أنه مستغرق في التأمل والصلاة أتى إلى البركة. ورأى المرضي التعساء يراقبون ما كانوا يظنون أنه فرصتهم الوحيدة للشقاء . كان يتوق لاستخدام قوته الشافيه في شفاء كل مريض ، ولكن ذلك اليوم كان يوم سببت ؛ وكانت جماهير كثيرة ذاهبين إلى الهيكل للعيادة ، وعرف هو أن عمل شفاء كهذا حينئذ قد يثير تعصب اليهود، وبذلك يقصرون أمد عمله . KS 40.4

لكن المخلص رأى حالة من أتعس الحالات. تلك كانت حالة إنسان كان أعرج و کسیحا مدة ثمان و ثلاثين سنة. ومرضه یعزی لحد کبیر، الی عادته الشريرة، وكان يُنظر إليه على أنه دينونة من الله، فإذا كان الرجل وحيداً بلا صديق وهو يحس بأنه محروم من رحمة الله قضى ذلك المريض سنين طويلة في الشقاء. ففي الوقت الذي كان ينتظر أن الماء سيتحرك فيه كان الذين أشفقوا على عجزه يحملونه إلى الأروقة، ولكن في اللحظة المواتية لم يجد أحدا يساعده في النزول إلى الماء. لقد رأى تموج الماء، ولكنه لم يستطع الوصول إلى أبعد من حافة البركة. إن آخرين ممن كانوا أقوى منه كانوا يغطسون في الماء قبله، فلم يتمكن المريض المسكين العاجز من أن يناضل نضالأناجحاً ضد تلك الجموع الزاحفة من الناس الأنانيين. وكل محاولاته العديدة للوصول إلى ذلك الهدف الواحد وجزعه وخيبته المستمرة كانت تنهك ، بسرعة، البقية الباقية من قوته. KS 41.1

كان الرجل المريض مضطجعاً على فراشه، وبين حين وآخر كان يرفع رأسه لكي ينظر إلى البركة، وإذا بوجه لطيف عطوف رحيم ينحني عليه ويسأله: «اتريد ان تبرا»؟ هذا السؤال استرعى انتباهه. لقد دخل الرجاء إلى قلبه. وأحس بأنه سيحصل على المعونة بطريقة ما. ولكن بريق التشجيع سرعان ما اختفى ، فقد ذكر كم من مرة حاول الوصول إلى البركة، والآن لم يعد لديه كبير أمل في أنه سيعيش حتى يتحرك الماء مرة أخرى. فحول وجهه بعيداً وهو يقول في إعياء: «ياسيد ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء . بل بينما أنا آت ينزل قدامي آخر». KS 41.2

فيأمره يسوع قائلاً: «قم احمل سريرك وامش» (يوحنا:1 — ٨). في شخص الرجل في يسوع برجاء جديد. إن التعبير الذي على وجهه ونبرات صوته لا شبيه لها. إن نفس حضوره يبدو انه ينشر المحبة والقوة. وها هو إيمان ذلك الكسيح يتمسك بكلمة المسيح . وبدون مسؤول يجعل إرادته تطيع ، وإذ يفعل هذا يستجيب كل جسمه. KS 41.3

إن كل أعصابه وعضلاته تهتز بحياة جديدة، وتكتسب أعضاء جسمه الكسيح نشاطا صحيا. فإذ يثب على قدميه يسير في طريقه بخطوات ثابتة طليقة شاكرا الله وفرحاً بقوته التي رجعت إليه من جديد. KS 41.4

لم يعط المسيح المفلوج أي وعد بالمعونة الإلهية. كان بإمكان الرجل أن يقول له: «ياسيد إذا كنت تشفيني فساطيع كلمتك». وكان يمكنه أن يتوقف لا شك، وهكذا كان يضيع رجاءه الوحيد في الشفاء . ولكن لا ، فلقد آمن بكلمة المسيح بأنه قد شفي، وفي الحال قام بتلك المحاولة فمنحه الله القوة، وإذ أراد أن يمشي مشى. إنه إذ عمل بكلمة المسيح شفى . KS 42.1

إننا بسبب الخطية قد انفصلنا عن حياة الله. وقد أصيبت أرواحنا بالشلل. ومن ذواتنا نحن عاجزون عن أن نحيا حياة القداسة كما كان ذلك الرجل عاجزاً عن المشي. إن كثيرين يتحققون من عجزهم ، إنهم يتوقون إلى تلك الحياة الروحية التي تجعلهم في حالة توافق مع الله ويحاولون الحصول عليها. ولكن عبثا. وفي يأسهم يصرخون قائلين : «ويحي أنا الإنسان الشقي . من ينقذني من جسد هذا الموت» (رومية 7:24). لينظر هؤلاء البائسون المكافحون إلى فوق. إن المخلص ينحني فوق مقتني دمه قائلا لكل منهم برقة وحنان لا يعبر عنهما: «أتريد أن تيرا»؟ إنه يأمرك أن تقوم بصحة وسلام. فلا تنتظر حتى تشعر بأنك قد شفيت. أمن بكلمة المخلصين. وسلم إرادتك للمسيح واعزم أن تخدمه، وإذ تطيع كلمته تحصل على القوة. وأيا يكن العمل الشرير والشهوة المستبدة التي بسبب الانغماس الطويل فيها تكتل النفس والجسد، فإن المسيح قادر ومشتاق أن يخلص . وهو يهب الحياة للنفس التي هي ميتة «بالذنوب» (أفسس 2 :1)ويحرر الأسير الممسك بالشر وسوء الحظ و سلاسل الخطية. KS 42.2

إن الإحساس بالخيبة قد سمم منابع الحياة. ولكن المسيح يقول: «إني ماخذ عنك خطاياك ويمنحك السلام . لقد اشتريت لك بدمي فأنت لي . ونعمتي تقوي إرادتك الضعيفة و سأزيل عذابك الناتج عن ندامته على الخطية». عندما تهاجمك التجارب ویکننقلاگ الهم والارت بالو ، وعندما تكون مهموما وخائفا موشكا على الاستسلام لليأس أنظر إلى يسوع وتنقشع الظلمة التي تكتنف أمام النور الذي يشع من حضرته. وعندما تكافح الخطية لتسيطر على نفسك وتثقل ضميرك انظر إلى المخلص. إن نعمته كافية لإخضاع الخطية. اجعل قلبك الشكور المرتعب أمام عقد اليقين يلتفت إليه. تمسك بالرجاء الموضوع أمامك. إن المسيح ينتظر ليتيناك في أسرته. وقوته ستعين ضعفك ، و يقودك خطوة فخطوة. ضع يدك في يده ودعا يقودك . KS 42.3

لا تحس مطلقاً أن المسيح بعيد عنك، فهو أبداً قريب. إن حضوره المحب يحيط بك. أطلب من يتوق إلى أن يوجد منك . إنه لا يرغب فقط في أن تمس ثيابه بل أن تسير معه في شركة دائمة. KS 42.4