خدمة الشفاء

162/271

عمل بائع الخمور

هذا الفصل الكتابي يصور لنا من يصنعون الخمر ويبيعون المسكر. إن عملهم معناه السلب. لأن المال الذي يأخذونه لا يعطون شيئا في مقابلة. وكل ريال يضيفونه إلى مكاسبهم قد جلب اللعنة علي من قد أنفقه. KS 208.2

لقد منح الله هباته لبنى الانسان بيد سخية. فلو انفقنت هباته بحگمةٔ فما گان أقل ما يعرفه العالم من الفاقة أو الضيق ! إن شر الناس هو الذي يحول بركاته تعالى إلى لعنة. وبسبب الطمع في الربح القبيح وشهوة الأكل والشرب تتحول الحبوب والثمار المعطاة لنا لإعالة أجسامنا إلى سموم تجلب الشقاء والدمار. KS 208.3

ففي كل عام تستنفد ملايين من جالونات المشروبات المسكرة، وملايين فوق ملايين من الدولارات تنفق في شرتء الشقاء والفقر والمرض والانحطاط والشهوات والجرائم والموت . ففي سبيل الربح يقدم بائع الخمور لضحاياهم ما هو كفيل بإفساد العقل والجسم وإهلاكهما. وهو يجر على عائلة السكير الفقر والشقاء والتعاسة. KS 208.4

وعندما تموت ضحيته لا يكف بائع الروم عن الاغتصاب فهو يسلب الأرملة ويلجأ الأولاد إلى الاستجـــداء. وهو لا يتردد في أن يسلب العائلة المنكوبة ضروريات الحياة إيفاء للديون المسجلة على الزوج والأب. وصرخات الأولاد المتألمين ودموع الأم الحزينة تسخطه عليهم فقط. وماذا يهمه هو إذا كان هؤلاء المتألمين يموتون جوعاً؟ وماذا يهمه إذا كانوا ينساقون هم أيضاً إلى الانحطاط والهلاك ؟ إنه يغتني مما يأخذه من القليل الذي يملكه الذين يقودهم إلى الهلاك . KS 208.5

إن بيوت الدعّارة ومغاور الرذيلة ومحاكم الجنايات والسجون وبيوت الإحسان ومصحات لمرضى العقول ، والمستشفيات ملأى ، إلى حد كبير نتيجة لعمل بائع الخمور. فكبابل الروحية الرمزية هو يبيع «أجساد ونفوس الناس». وخلف بائع الخمر يقف مهلك النفوس العظيم. وكل حيلة يمكن للأرض أو الجحيم أن تبتكرها تستخدم لاجتذاب نفوس الناس تحت سلطانه. إن إشراك الشيطان تنصب في المدينة، وفي الأرياف، وفي قطارات سكة الحديد، وفي البواخر العظيمة، وفي أماكن العمل . وفي دور الملاهي، وفي المستوصفات ، وحتى في الكنيسة وعلى مائدة العشاء المقدسة. ولم يُترك شيء إلا اسُتخدم لخلق شهوة المسكرات في النفوس وتشجيعها. ففي كل ركن تقريباً توجد الحانة بأنوارها المتلألئة وترحيبها وبشاشتها تدعو العمال والأثرياء العاطلين والشباب غير المتشككين. KS 208.6

وفي غرف الطعام الخاصة والأماكن الفخمة الأنيقة تقدم للسيدات مشروبات مألوفة بأسماء مسرة جذابة وهي في حقيقتها مسكرات .وتقدم للمرضى والمنهوكين المشروبات المعلن عنها في کل مکان أنها مشروبات «مسرة» و هی ترکیب على الأكثر من الكحول. KS 209.1

وحتى تُخلق القابلية لشرب الخمر في نفوس الأطفال يقدم الكحول في الحلوى. ومثل هذه الحلوى تباع في الحوانيت ، وإذ يقدم بائع الخمور هذه الحلوى إلى الأولاد يغويهم على الدخول إلى الحانات وشرب الخمر. KS 209.2

ويوما فيوما وشهرا فشهرا وستة فسنة يسير العمل. والآباء والأزواج والإخوة الذين هم دعامة الأمة ورجالها يدخلون بمواظبة إلى حوانيت باعة المسكرات ليعودوا محطمين ومفلسين. KS 209.3

ثم إن هذه اللعنة توجه أرهب ضرباتها إلى قلب البيت. إن نساء كثيرات يتعودن الأن شرب الخمر. وفي كثير من البيوت يتعرض الأولاد الصغار وحتى الرضع في براءتهم وعجزهم - يتعرضون للخطر كل يوم عن طريق إهمال الأمهات السكريات وشتائمهن وقسوتهن . فالأبناء والبنات يشبون تحت ظل هذا الشر الرهيب. فأي أمل يرجى لهم في مستقبلهم إلا أن ينحدروا في السكر إلى أبعد مما وصل إليه آباؤهم ؟ KS 209.4

ومن البلدان المدعوة مسيحية تحمل اللعنة إلى البلاد الوثنية. الهمجيون الجهلة المساکین يتعلمون تعاطي الخمر . وحتى بين الوثنيين يعترف الناس الأذكياء ويحتجون ضدها على أنها اسم قتال ، ولكنهم عبثا حاولوا حماية بلادهم من تخريبها. فالشعوب المتمدنة تدخل التبغ والخمور والأفيون عنوة إلى الشعوب والأمم الوثنية. إن شهوات المتوحش الجامحة إذ تثيرها الخمر تجره إلى هاوية الانحطاط التي لم يسبق له أن عرفها، ويكاد إرسال مرسلين إلى تلك الدول يكون أمرا ميؤوسا منه. KS 209.5

إن الوثنيين عن طريق معاشرتهم للشعوب الذين كان يجب أن يقدموا لهم معرفة الله يقادون إلى الرذائل التي تبرهن على أنها مهلكة القبائل واجناس بأكملها. وفي الأماكن المظلمة في الأرض نجد أن أهل الأمم المتمدنة مكروهون ممقوتون بسبب هذا. KS 210.1