خدمة الشفاء
العون في كل تجربة
إننا في عالم كله الام. فالصعوبات والتجارب والأحزان ترصد لنا على طول الطريق المؤدي إلى الوطن السماوي. ولكن يوجد كثيرون ممن يزيد من أعباء الحياة يتوقعها المستمر المتاعب والضيقات ، فإذا قابلتهم ممنوية أو فشل يظنون أن كل شيء ماله إلى الدمار، وأن نصيبهم هو أقسى نصيب، وأنهم مقبلون على الفاقة بكل تأكيد. وهكذا يجلبون على أنفسهم التعاسة ويلقون ظل قائما على كل من حولهم. والحياة نفسها تمشي عبئاً عليهم. ولكن ليس ما يدعو إلى كل ذلك. والأمر يحتاج إلى بذل مجهود ثابت لتغيير مجرى تفكيرهم ، ولكن ذلك التغيير هو في حيز الإمكان . فسعادتهم في هذه الحياة وفي الحياة الأخرى موقوفة على تركيز أفكارهم في الأشياء المقترحة. في حولوا أنظارهم بعيدا عن الصورة المظلمة التي هي خيالية، إلى المنافع والبركات التي قد نثرها الله في طريقهم، وإلى ما هو أبعد من ذلك إلى الأمور غير المنظورة والأبدية. KS 155.3
لقد أعد الله عوناً لكل تجربة. عندما يأتي إسرائيل وهم في البرية إلى مياه مارة المرة صرخ موسى إلى الرب . ولم يعد الله علاجا جديدا. ولكنه وجه التفاته إلى ما كان في متناول أيديهم. كان ينبغي أن تطرح في الماء شجرة كان هو قد خلقها لكي تجعل الماء نقيا وعذباً. فلما تم ذلك شرب الشعب من الماء و انتعشوا. ففي كل تجربة سيمنحنا المسيح العون لو طلبتها . وست نفتح عيوننا لرؤية المواعيد الشافية المدونة في كلمته. والروح القدس علمنا كيف تخصص لأنفسنا كل بركة يمكن أن تكون ترياقاً للحزن ، وفي كل جرعة مرة تقدم لنا سنجد غصنا للشفاء . KS 155.1
وليس لنا أن نسمح للمستقبل بمشاكله القاسية وانتصاراته غير المرضية أو المشبعة، بأن يجعل قلوبنا تخور أو تضعف، اوركينا ترتعش ، أو أيدينا ترتخي. يقول الإله القدير: «ليتمسك بحضني فيصنع صلحا معي . صلاح يصنع معي» (إشعياء ٢٧ : 5). إن من يسلمون حياتهم لارشاده وخدمته لن يضعوا في مركز ثم يعد هو له مؤونة. فمهما يكن مركزنا فإن كنا عاملين بكلمته فإن لنا مرشدا يهدي طريقا، ومهما تكن الأمور التي تركنا ونحرنا فإن لنا مشيراً أميناً، ومهما يكن ضيقا أو حزننا أو وحشانا فإن لنا صديقا عطوفا. KS 155.2
فإذا كنا نضال بسبب جهلنا فالمخلص لا يتركنا. فلا حاجة بنا البتة إلى أن نحس بأننا وحدنا. الملائكة هم شعراؤنا، والمعزي الذي قد وعد المسيح أن يرسل باسمه يمكث معنا. قفي الطريق المؤدية إلى مدينة الله لا توجد صعوبات يعجز من يتكلون عليه عن أن ينتصروا عليها. ولا توجد مخاطر لا يستطيعون النجاة منها. ولا يوجد حزن أو ضيم أو ضعف بشري إلا وأعدّ هو له علاجاً. KS 155.3
ولا حاجة بأحد لأن يستسلم للفشل واليأس. قد يأتيك الشيطان بهذا الاقتراح القاسي قائلا لك: «إن قضيتك قضية خاسرة لا رجاء منها. وانت لا يمكن إصلاحه أو فداؤك » ولكن لك في المسيح الرجاء. إن الله لا يأمرنا بأن نقتصر بقوتنا الذاتية، ولكنه يطلب منا أن نكون قريبين منه، وإلى جانبه. ومهما تكون قوة الصعوبات التي نرزح تحتها والتي تضغط نفوسنا وأجسادنا فإنه ينتظرنا ليعتقنا. KS 155.4
إن ذاك الذي اتخذ لنفسه جسد بشريتنا يعرف كيف يعطف على آلام البشرية. إن المسيح فضلا عن كونه يعرف كل نفس والحاجات والتجارب الخاصة بتلك النفس فإنه - محيط بكل الظروف التي تهيج وترك النفس : أن يده ممدودة في عطف ورقة لكل أين متألم . فالذين يتناولون أكثر الألم ينالون أكبر عطف وإشفاق مته. إنه يرثي لضعفاتنا ويريدنا أن نضع مشاكلنا و متاعبنا عند قدميه ونتركها هناك . KS 155.5
ليس من الحكمة أن ننظر إلى أنفسنا ونختبر مشاعرنا وانفعالاتنا، فإذا فعلنا ذلك فالمغرب سيقدم المشاكل والتجارب التي تضعف الإيمان وتدمر الشجاعة. وإذا درسنا مشاعرنا بكل دقة و فسحنا المجال احاسيسنا فإن ذلك من شأنه أن يفسح المجال للشك ، وهذا يوقعنا في الارتباك ، فعلينا أن تحول انظارنا عن أنفسنا إلى يسوع . KS 156.1
وعندما هجم عليك التجارب، ويبدو أن الهم والحيرة والظلمة تكتنف نفسك فانظر إلى المكان الذي فيه شاهدت النور آخر مرة . استرح في محبة المسيح وتحت رعايته الحافظة. وعندما تحاول الخطية أن تسيطر على القلب، وعندما يضايق الإثم الطقس ويتقل الضمير، وعندما يخشى عدم الإيمان العقل أذكر أن نعمة المسيح كافية لقهر الخطية وطرد الظلام ، فإذا ندخل في شركة مع المخلص فنحن ندخل إلى منطقة السلام ، KS 156.2