التربيـــة
توَاريخ الّكِتابّ
ان الكتاب المقدس كمربٍ لا يوجد جزء منه أعظم قيمة من تواريخ الحياة الواردة فيه . هذه التواريخ تختلف عن غيرها من التواريخ في كونها تتوخى الصدق التام . من المستحيل على العقل البشري المحدود ان يفسر تفسيرا صحیحا اعمال وتصورات شخص آخر فی کل شیء . ولیس غير ذاك الذي هو مطلع على خفايا القلب ويفهم المنابع الخفية للبواعث والاعمال يستطيع ان يصور بصدق مطلق الخلـُق او يقدم صورة امينة للحياة البشرية . ولا توجد مثل هذه الصورة في غير الكتاب المقدس ، كلمة الله Tr 170.1
ولا توجد حقیقة یعلمنا ایاها الكتاب باکثر وضوح من حقيقة كون اعمالنا هي نتيجة اخلاقنا . فاختبارات الحياة هي بدرجة كبيرة ثمرة افكارنا واعمالنا Tr 170.2
«لعنة بلا سبب لا تاتي» (امثال ٢:٢٦) Tr 170.3
«قولوا للصدیق خیر . . . ویل للشریر شر . لان مجازاة یده تعمل به» ( اشعیاء ۳ : 10 و ۱۱ ) Tr 171.1
«اسمعي ايتها الارض هأنذا جالب شرا على هذا الشعب ثمر أفكارهم» ( ارمیا 6 : ۱۹ ) Tr 171.2
هذا حق مخیف ، و یجب ان ینطبع بعمق عظیم علی الذهن و فی القلب . فکل عمل له رد فعل علی فاعله . ان کل انسان یمکنه . ان یتحقق ان الشرور التي تجلب علی حياته اللعنة هي ثمرة الزرع الذي زرعه بنفسه . ومع ذلك فحتى ونحن في هذه الحالة فاننا لسنا بلا رجاء Tr 171.3
ان یعقوب ، لکی یظفر بالبكوریة التی کانت من حقه بموجب وعد الله ، لجأ الى الدهاء والخداع وقد حصد الحصاد فی بفض أخيه له . فمدی عشرین سنة قضاها منفیا ظلم وخُدع واضطر اخیرا ان یغنم النجاة بالهروب ، و قد حصد حصادا ثانیا اذان مساوئ وشرور أخلاقه رؤيت تنضج ثمراتها في اولاده . وهذه صورة صادقة كل الصدق للمجازاة التي تحل بحياة الانسان Tr 171.4
ولكن الله يقول : «لأني لا اخاصم الى الابد ولا اغضب الى الدهر . لأن الروح یغشی علیها أمامي والنسمات التی صنعتها . من اجل أثم مكسبه غضبت و ضربته . استترت و غضبت فذهب عاصیا فی طریق قلبه . رأیت طرقه وسأشفیه واقوده وارد تعزیات له ولنائحیه . . . سلام سلام للبعید وللقریب قال الرب وسأشفیه» ( اشعیاء 75 : 16 — 19 ) Tr 171.5
ان يعقوب لم ييأس في ضيقه . لقد تاب وحاول ان یكفر عن اساءته لأخیه . وعندما کان مهددا بالموت بسبب غضب عيسو التمس العون من الله : «جاهد مع الملاك وغلب . بكی و استرحمه» «و بار که هناك » ( هوشع ۱۲ : 4 : تكوین ۳۲ : ۲۹ ) . و قد وقف ذاك الذي غفرت خطایاه بقوة الله ، لا کالمتعقب بعد ، بل کأمیر مع الله . ففضلا عن كونه قد ظفر بالنجاة من اخيه الغاضب الثائر فقد نجا من نفسه . انكسرت قوة الشر التی کانت في طبیعته وتغيرات اخلاقه وتجددت Tr 172.1
وفي وقت المساء كان هناك نور . فاذ راجع يعقوب تاريخ حياته اعترف بقدرة الله التي سندنه فقال : « الله الذي رعاني منذ وجودي الى هذا اليوم . الملاك الذي خلصنی من کل شر » ( تكوین 48 : 15 و 16 ) . Tr 172.2
ونفس هذا الاختبار تكرر في تاريخ بني يعقوب ــ فالخطية نتج عنها الجزاء . والتوبة أثمرت ثمر البر للحياة Tr 172.3
والله لا يلغي شرائعه . وهو لا يعمل بعكسها ، ولا يبطل عمل الخطية . ولكنه يغير . فبنعمته تستحيل اللعنة الى برکة Tr 172.4
ان لاوی احد ابناء یعقوب ، کان من اقسی الاولاد واشدهم حقدا و انتقاما ، وکان احد الاثنین ا للذین ارتكبا جریمة قتل اهل شكیم . وأن صفات لاوی التی انعكست فی نسله جلبت عليهم حكم الله القائل : «اقسمهما في يعقوب وافرقهما فی اسرائیل» ( تكوین 49 : ۷ ) . ولكن التوبة احدثت اصلاحا ، وبواسطة امانة بني لاوي لله في وسط ارتداد باقی الاسباط استحالت اللعنة الى أسمی آیات الکرامه . فالکتاب يقول : Tr 172.5
«افرز الرب سبط لاوي ليحملوا تابوت عهد الرب ولكی یقفوا امام الرب لیخدموه ویباركوا باسمه» . «کان عهدی معه الحیاة والسلام واعطیته ایاها للتقوی فاتقانی ومن اسمي ارتاع هو . . . سلك معي في السلام والاستقامة و ارجع كثیرین عن الاثم» ( تثنیة 10 : ۸ ؛ ملاخی ۲ : 5 و6 ) Tr 173.1
ان اللاویین الذین عینوا خداما للمقدس لم یأخذوا میراثا في الارض . و قد سكنوا معا فی مدن مغرزة لاستعمالهم وحصلوا على الاعالة من العشور والعطايا والتقدمات المكرسة لخدمة الله . وكانوا معلمي الشعب وضيوفا عليهم فی کل اعیادهم و مواسمهم ، و کانوا مكرمین فی کل مکان كمن هم خدام الله ونوابه . وقد اعطي لكل الامة هذا الامر القائل : «احترز من ان تترك اللاوي كل أيامك على ارضك» «لاجل ذلك لم یكن للاوی قسم ولا نصیب مع اخوته . الرب هو نصیبه» ( تثنیة ۱۲ : ۱۹ : 10 : ۹ ) Tr 173.2