ينصح للكنيسة
روح الإستقلال
إن روح حب التفوق تملأ العالم اليوم. والروح الإنفصالية بين الزملاء من العمال, التي هي روح الفوضى, موجودة حتى في هذا الهواء الذي نستنشقه ... هنا يكمن الخطر الداهم في طريق تقدم عملنا. فانتقدم متحذرين متعلقين, في إنسجام مع أحكام المشيرين الورعين, فإنما في هذا السبيل نجد أمننا وقوتنا, وإلا فإن الله لا يقدر أن يعمل معنا وبنا ولأجلنا. CCA 164.1
اواه, ما أشد ما يكون اغتباط الشيطان إن هو أفلح في مساعيه ليندس بين هذا الشعب ويفسد نظام العمل في وقت تدعو فيه الضرورة إلى التنظيم الكامل الذي سيكون أعظم قوة لمنع النهضات الزائفة وتفيد الإدعاءات التي لا تتفق وكلمة الله. نريد الإحتفاظ بالخطوط متساوية, حتى لا تكون هناك ثغرة في جهاز النظام والترتيب الذي أقيم بالعمل الحكيم المدقق. يجب ألا تعطي الحرية للعناصر عادمة النظام التي ترغب في تسيير العمل في هذا الوقت. CCA 164.2
لقد روج بعضهم الفكرة أننا إذ نقترب من نهاية الوقت سيتصرف كل إبن لله مستقلا عن أية طائفة دينية, غير أن الرب أعلمني أنه لا شيء من هذا الإستقلال الفردي في هذا العمل. نجوم السماء ختضعة كلها للنظام. كل يؤثر في سواه ليعمل مشيئة الله, مسلمة طاعتها الشاملة للقانون الذي يسير حركتها. وإذا أريد لعمل الله التقدم تقدما سليما قويا فعلى شعبه أن يلتئموا. CCA 164.3
إن الحركات المتواترة المتقلبة الصادرة عن بعض الذين يدعون أنفسهم مسيحيين هي أشبه شيء بما تفعله الخيول غير المروضة. إذا اندفع أحدها إلى الأمام, تخطاه آخر, ووقف الثالث راسخا جامد الحركة. فإذا لم يسع الناس بإنسجام في العمل العظيم الجليل الخاص بالزمن الحاضر فهناك التشويش والفوضى. حين يرفض الناس الإتحاد مع إخوتهم ويفضلون العمل وحدهم فذلك ليس حسنا. ليثق العمال بالإخوة الذين هم أحرار ليدلوا على كل تحول عن المباديء القومية. إذا حمل الناس نير المسيح فهم لا يقدرون على الإنفصال, بل يعملون مع المسيح. CCA 165.1
بعض العمال يندفعون بكل ما وهبهم الله من قوة, غير أنهم لم يتعلموا حتى الآن أن لا يعملوا مستقلين. عليهم, بدلا من عزل أنفسهم, أن يسيروا في وئام مع زملائهم العمال, وما لم يفعلوا ذلك فإن نشاطهم يبذل في غير وقته وبالطريقة الخاطئة, فيتصرفون أحيانا كثيرة خلافا لإرداة الله, وبذلك يكون عملهم خير منه عدمه. CCA 165.2
على القادة بين شعب الله, من الجهة الأخرى, أن يحترزوا من خطر إدانة أساليب العمال الفرديين الذين يقودهم الرب للقيام بعمل خاص لا يصلح له سوى القليلين. لا يتسرعن الإخوة المسؤولون في انتقاد الإجراءات التي لا تنسجم انسجاما تاما مع أساليبهم هم في العمل. عليهم ألا يفترضوا, إطلاقا, وجوب انعكاس شخصيتهم على كل تدبير, وألا يتخوفوا من الركون إلى أساليب الآخرين, لأنهم إذ يحجبون ثقتهم عن أخ عامل يسعى بإتضاع وغيرة مقدسة للنهوض بعمل خاص بطريقة عينها الله, يعوقون تقدم عمل الرب. CCA 165.3
إن الله قادر بل هو يريد أن يستعمل الذين لم يحرزوا ثقافة كاملة في مدارس الناس, أما الإرتياب في قدرته على فعل ذلك فضرب من الكفر, إذ هو انتفاض للقدرة اللامحدودة, قدرة الرب الذي لا يستحيل عليه شيء. آه, ما أحوجنا إلى الإقلال من هذا الحذر المرتاب الذي لا موجب له ! إنه يترك الكثير جدا من القوى في الكنيسة معطلة, ويسد الطريق حتى لا يقوى الروح القدس على استعمال الناس, ويبقى في الكسل أولئك الذين يريدون ويشتاقون أن يعملوا في صفوف المسيح, كما يوئس من الدخول في العمل كثيرين ممن كانوا سيصبحون عاملين بكفاءة مع الله لو أتيحت لهم الفرصة. CCA 166.1
إن منظر البكرات, بكرة وسط بكرة, والحيوانت متصلة بهما قد بدا للنبي أمرا معقدا لا يمكن تفسيره, غير أن يد الكلي الحكمة ترى بين البكرات, والنظام الكامل هو نتيجة عملها. فكانت كل بكرة, وقد وجهتها يد الله, تعمل بإنسجام مع كل بكرة أخرى. لقد أظهر لي أن العمال البشريين معرضون لتجربة السعي في الحصول على أكثر مما يجب, والسيطرة على العمل بأنفسهم. يمعنون في إبقاء السيد الرب, الذي هو العالم القدير, خارج نطاق أساليبهم وتدابيرهم, ولا يعولون عليه في كل ما يتعلق بتقدم العمل. ينبغي ألا يتصور أحد, ولو للحظة, أن بمقدوره تدبير الأمور التي تخص ” أهيه “ العظيم. إن الله يعد, بعنايته, طريقا بحيث يمكن أن يقوم العمل على أكتاف وكلاء بشر. فليلزم, إذا, كل إنسان مركز عمله, ويقم بدوره من العمل للوقت الخاضر, ويعلم أن الله هو معلمه. CCA 166.2
لقد علمني الرب مرارا عديدة أنه ينبغي عدم إخضاع حكم أي إنسان لحكم ينفرد به أي إنسان آخر. ينبغي آلا يعتبر, أبدا , فكر رجل واحد أو أفكار عدة رجال أنها من الكفاءة في الحكمة والقوة بحيث تسيطر على العمل وتفرض ما يجب العمل به من تدابير. ولكن حين يعمل, في مجمع عام, بحكم الإخوة المجتمعين من كل أنحاء الحقل, فيجب عندئذ عدم الآخذ, في عناد, بالإستقلال الفردي والحكم الفردي. بل ليخضعا. ينبغي لأي عامل ألا يعتبر, إطلاقا, أن من الفضيلة التشبث بوضعه الإستقلالي, خلافا لقرار المجموع ... لقد رسم الله أن يكون هناك سلطان لممثلي كنيسته من كل أنحاء الأرض حين يلتئمون في مجمع عام. CCA 167.1
حين يعمل بحكم المجمع العام الذي هو أعلى سلطة لله على الأرض, فالإستقلال الفردي والحكم الفردي يجب عدم الأخذ بهما, بل إخضاعهما. CCA 167.2
سلسلة روح النبوة — الربع الأول — الدرس العاشر مأخوذة من كتاب ” ارشادات للكنيسة “ بقلم الأخت ألن هوايت طبع في دار الشرق الأوسط للطبع والنشر جميع الحقوق محفوظة CCA 167.3