ينصح للكنيسة
واحد في المسيح
المحبة الأخوية
يريد الله أن يندمج أولاده ببعضهم بعضا متحدين. ألا يتوقعون أن يعيشوا معا في نفس السماء ؟ هل انقسم المسيح على نفسه ؟ وهل يهب شعبه نجاحا قبل أن يزيلوا قاذورات التصورات الشريرة والإنقسامات, وقبل أن يكرس العمال , بإتحاد في القصد , قلبهم وفكرهم وقوتهم للعمل الذي هو قدام الله بالغ القداسة ؟ في الإتحاد قوة, وفي الإنقسام ضعف. فباتحادنا بعضان بعضا مع بعض وبعملنا معا بانسجام لخلاص البشر نكون حقا عاملين ” مع الله ” . إن الذين يرفضون الإنسجام في العمل يسيئون كثيرا إلى الله. أما عدو النفوس فيبتهج بأن يراهم يعملون في مقاصد متعاكسة مع بعضهم بعضا. هؤلاء محتاجون أن يرعوا المحبة الأخوية ورقة القلب. لو استطاعوا أن يزيحوا الستار الذي يحجب المستقبل, ويروا نتيجة انقسامهم لقادعم ذلك بالتأكيد إلى التوبة. CCA 110.1
ينظر العالم باغتباط إلى الإنقسام بين المسيحيين. والإلحاد مسرور كذلك. أما الله فيدعو إلى تغيير بين شعبه, إذ لا أمن لنا في هذه الأيام الأخيرة إلا باتحادنا مع المسيح ومع بعضنا بعضا. فلا نمكنن الشيطان من الإشارة إلى أعضاء كنيستنا قائلا : ” انظروا هؤلاء الناس الواقفين تحت راية المسيح كيف يبغضون بعضهم بعضا. ليس هناك ما يخيفنا منهم ما داموا ينفقون في محاربة بعضهم بعضا قوة تفوق ما ينفقونه في محاربة قواتي “. CCA 110.2
بعد انسكاب الروح القدس خرج التلاميذ ليبشروا بمخلص مقام, ورغبتهم الوحيدة هي خلاص النفوس. لقد ابتهجوا بحلاوة الشركة مع القديسين, وكانوا لطفاء, مهتمين بالغير, ومنكرين لذواتهم, ومستعدين للقيام بأية تضحية في سبيل الحق, مظهرين في اعتشارهم يوميا مع بعضهم بعضا المحبة التي أمرهم المسيح بإظهارها, وقد اجتهدوا بكلماتهم وأفعالهم غير الأنانية أن شعلوا نار هذه المحبة في قلوب الآخرين. CCA 111.1
لقد وجب على المؤمنين أن يعززوا في قولبهم على الدوام المحبة نفسها التي ملأت قلوب الرسل بعد انسكاب الروح القدس, وأن يتقدموا بطاعة راغبة للوصية الجديدة : ” كما أحببتكم أنا تحبون انتم أيضا بعضكم بعضا “ ( يوحنا 13 : 34 ). لقد وجب أن يكونوا على اتحاد وثيق مع المسيح حتى يتمكنوا من اتمام مطالبيه, فإن قوة المخلص الذي استطاع تبريرهم ببره وجب أن تعظم. CCA 111.2
غير أن المسيحيين الأولين أخذوا يبحثون عن عيوب في بعضهم بعضا. وإذ انصرفوا إلى التفكير بالأخطاء مفسحين مجالا للإنتقادات غير اللطيفة, غاب عن بصرهم المخلص وما أظهره من محبة عظمى نحو الخطاة. وازدادوا تصلبا فيما يتعلق بالفرائض الشكلية, وتمسكا بنظرية الإيمان, ومرارة في انتقاداتهم. وفي اجهادهم لإدانة الآخرين نسوا أخطاءهم هم, ونسوا درس المحبة الأخوية الذي علمهم إياه المسيح وما هو ادعى إلى الحزن الشديد أنهم لم يشعرون بخسارتهم. لم يدروكوا أن السعادة والسرور كانا يهجران حياتهم, وأنهم سيسلكون عما قليل في الظلمة, إذ قد اغلقوا قلوبهم دون محبة الله. CCA 111.3
ادرك الرسول يوحنا أن المحبة الأخوية كانت تضعف في الكنيسة, لذلك صب اهتمامه على هذه الناحية بنوع خاص, فكان حتى اخر يوم من حياته يحض المؤمنين على أن يحبوا بعضهم بعضا دائما. ورسائله إلى الكنيسة مليئة بهذه الفكرة : ” أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضا لأن المحبة هي من الله ... إن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به ... أيها الأحياء إن كان الله قد أحبنا همذا ينبغي لنا أيضا أن يحب بعضنا بعضا “ ( 1 يوحنا 4 : 7 — 11 ). CCA 112.1
إن كنيسة الله اليوم تفتقر إلى المحبة الأخوية افتقارا عظيما. كثيرون ممن يدعون أنهم يحسبون المخلص هم متهاونون في محبتهم للمتحدين معهم في الشركة المسيحية. لنا إيمان واحد, وجميعنا أعضاء عائلة واحدة, وأولاد الآب السماوي الواحد, ونشترك في الرجاء الواحد المبارك رجاء الخلود, فكم ينبغي أن تكون الرابطة التي تربطنا معا وثيقة ورقيقة ! إن أهل العالم يراقبوننا ليروا هل ترك إيماننا تأثيرا مقدسا في قلوبنا, وسرعان ما يلاحظون كل عيب في حياتنا, وكل تناقض في تصرفاتنا. فلنجتهد أن لا نعطيهم فرصة لتعيير إيماننا. CCA 112.2