ينصح للكنيسة

32/303

خطر التأجيل

لقد مر أمامي في رؤيا الليل مشهد مؤثر جدا. رأيت كتلة كبيرة من نار تنزل على بعض الأبنية الجميلة الفخمة وتخربها بلحظة واحدة. وسمعت واحدا يقول : ” لقد كنا نعلم أن دينونة الله ستأتي على العالم, ولكننا لم نعلم أنها ستأتي بمثل هذه السرعة “. ثم قال آخرون عبرين عن ألم شديد : ” لقد كنتم تعرفون ! لماذا لم تخبرونا إذا ؟ نحن لم نكن نعرف “. ومن جميع الجهات سمعت مثل هذه الكلمات اللائمة وبشعور من الضيق العظيم استيقظت, ثم عدت فنمت ثانية, فرأيت نفسي وكأني في إجتماع كبير حيث كان واحد ذو سلطان يخاطب المجتمعين, وأمامه نشرت خارطة العالم, فقال إن الخارطة تمثل كرم الرب الذي يجب أن يزرع. فإذ يشرق نور السماء على أي إنسان يجب على ذلك الإنسان أن يعكس النور على آخرين. لقد وجب أن تضاء الأنوار في أمكنة كثيرة, وأن تقوم أنوار أخرى كثيرة على استمداد ضيائها منها. CCA 83.1

ثم سمعت الكلمات التالية ” أنتم ملح الأرض. ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح. لا يصلح بعد لشيء إلا لأن يطرح خارجا ويداس من الناس. أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات “ ( متى 5 : 13 — 16 ). CCA 83.2

كلما انقضى يوم ازددنا قربا من النهاية. ولكن هل نزداد قربا من الله أيضا ؟ هل نحن نسهر ونصلي ؟ إن الذين يحتكون بنا يوما فيوما هم بحاجة إلى مساعدتنا وإرشادنا. ربما كانوا مستعدين نفسيا لقبول كلمة تقال في وقتها وتنطبع بطابع الروح القدس, فقد يأتي الغد ويفترق عنا هؤلاء الناس إلى الطريق هؤلاء ؟ أي مجهود نبذله لنربحهم إلى المسيح ؟ CCA 84.1

بينما يمسك الملائكة أربع رياح الأرض علينا أن نعمل بكل قدراتنا. يجب أن نبلغ رسالتنا دون أي تأخير. يجب أن نثبت أمام السماء وأمام الناس في هذا الجيل الفاسد. إن ديانتنا التي المسيح مؤسسها والتي كلمته وحيها المنزل من الله هي إيمان وقوة. إن نفوس البشر في كفة الميزان, فهم إما أن يصيروا رعية ملكوت الله أو أرقاء في عبودية ابليس واستبداده. يجب أن تتاح للجميع فرصة التمسك بالرجاء الموضوع أمامهم في الإنجيل, ولكن كيف يسمعون بلا كارز ؟ تحتاج العائلة البشرية إلى تجدد روحي , واستعداد خلقي للوقوف أمام الله. كثيرون يوشكون أن يهلكوا بسبب النظريات الخاطئة السائدة المرسومة لمعاكسة رسالة الإنجيل. فمن يكرس نفسه كلية الآن يصبح عاملا مع الله ؟ CCA 84.2

إن جانبا كبيرا من أعضائنا اليوم هم أموات في الخطايا والذنوب. إنهم يروحون ويجيئون كما يتحرك الباب على واصلاته. ولسنين كثيرة اصغوا, بطيبة خاطر, إلى حقائق خطيرة مثيرة للنفس, ولكنهم لم يعملوا بها في حياتهم, لذلك يفقد الحق قيمته في شعور شيئا فشيئا, إن شهادات الإنذار والتوبيخ لا تدفعهم إلى التوبة. والألحان الجميلة التي تأتي من الله بواسطة شفاه بشرية مثل التبرير بالإيمان وبر المسيح لا تلقى عندهم استجابة المحبة والشكر. ورغم أن التاجر السماوي يعرض عليهم أثمن لآليء الإيمان والمحبة ويدعوهم لأن يشروا منه ” ذهبا مصفى بالنار “ و ” ثيابا بيضا “ كي يلبسوا و ” كحلا “ ليبصروا, فإنهم يبعدون قلوبهم عنه ولا يبدلون فتورهمبالمحبة والنشاط. وفيما يعترفون بالتقوى ينكرون قوتها, فإذا هم استمروا في حالتهم هذه فسيرفضهم الله لأنهم يجردون أنفسهم من التأهل لعضوية العائلة السماوية. CCA 85.1

ليتذكر أعضاء الكنيسة أن كون أسماءهم مدونة في سجلات الكنيسة لا يكفل لهم الخلاص. يجب أن يقيموا أنفسهم لله عمالا لا يخزون ويما فيوما يجب أن يبنوا صفاتهم بحسب ارشادات المسيح. يجب أن يثبتوا فيه ويمارسوا الإيمان به دائما, لأنهم هكذا ينمون رجالا ونساء إلى قياس قامة المسيح الكاملة لكي يكونوا مسيحيين متعقلين فرحين شكورين يقودهم الله من نور إلى نور أوضح. أما إذا كان إحتبارهم خلافا لذلك فإنهم سيكونون بين هؤلاء الذين سيرفعون, يوما ما, أصواتهم بالبكاء والعويل قائلين : ” مضى الحصاد انتهى الصيف ونحن لم نخلص ! لماذا لم أهرب إلى الملجأ الحصين ؟ لماذا عبثت بخلاص نفسي وازدريت روح النعمة ؟ “. CCA 85.2

إخوتي وأخواتي, أنتم الذين تدعون منذ زمن بعيد أنكم تؤمنون بالحق, أسألكم فردا فردا : هل انسجمت أعمالكم مع النور والإمتيازات والفرص التي اعطيت لكم من السماء ؟ هذا سؤال خطير. لقد اشرقت شمس البر على الكنيسة, فمن واجب الكنيسة أن تشع. إنه امتياز لكل نفس أن تتقدم. إن الذين يكونون على اتصال بالمسيح رجالا كانوا أم نساء ينمون في النعمة وفي معرفة ابن الله إلى بلوغ الكمال. لو أن جميع الذين يدعون أنهم يؤمنون بالحق استخدموا إمكانياتهم وفرصهم إلى الحد الأقصى ليتعلموا ويعملوا, لتقووا بالمسيح. ومهما يكن عملهم — زراعة أو صناعة أو ثقافة أو رعوية — فإنهم لو كرسوا أنفسهم بكليتها لله لأصبحوا عمالا أكفاء للرب السماوي. CCA 86.1