ينصح للكنيسة
لستم لأنفسكم
نؤمن, بلا شك, أن المسيح آت وشيكا, وهذه ليست خرافة بالنسبة لنا, بل حقيقة وحين يأتي لا يأتي ليطهرنا من خطايانا ويزيل ما فينا من نقائص خلقية, أو ليشفي ما في طباعنا من ضعفات, بل ان كان قد تم لنا ذلك, فجميعه يكون قد تم قبل مجيئه. CCA 457.1
حتى يأتي الرب فمن هم مقدسون فليتقدسوا بعد, والذين حفظوا أجسادهم وأرواحهم في قداسة وتقديس وكرامة سيناولون عندئذ الخلود. أما الظالمون, وغير المقدسين والنجسون فسيبقون كذلك أبدا إذ ليس ما يمكن عمله لأجلهم لإزالة عيوبهم, ومنحهم صفات مقدسة, لأن ذلك كله انما يتم فعله في زمن النعمة هذا. الأن هو الوقت الذي يجب أن يتم لنا فيه هذا العمل. CCA 457.2
إننا في عالم مضاد للبر ونقاء الخلق والنمو في النعمة. حيثما تلفتنا رأينا الفساد والنجاسة والتشوه والخطية, فما هو العمل الذي يجب أن نضطلع نحن به هنا قبيل نيلنا الخلود ؟ هو أن نحفظ أجسادنا مقدسة وأرواحنا طاهرة, حتى يمكننا أن نقف بلا عيب في وسط الأرجاس التي تكتنفنا في هذه الأيام الأخيرة. CCA 458.1
” أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم. لأنكم قد اشتريتم بثمن. فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله ” ( 1 كورنثوس 6 : 19 و 20 ). CCA 458.2
لسنا لأنفسنا. لقد اشترينا بثمن كريم, هو آلام ابن الله وموته, فلو استطعنا أن نفهم هذا وندركه تماما لشعرنا بمسؤولية عظيمة تستقر علينا لنحفظ أنفسنا في أحسن حالة من الصحة, حتى يمكننا أن نخدم خدمة كاملة. ولكن حين نسلك طريقا من شأنه أن يستنزف حيويتنا, ويضعف قوتنا, ويظلم عقولنا, فإننا بذلك نخطيء إلى الله. إننا, إذ نسلك هذا الطريق, لا نمجد الله في أجسادنا وفي أرواحنا التي هي له, بل نفعل شرا عظيما أمامه. CCA 458.3
لقد رتب خالق البشر نظام أجسادنا الحي. وعمل كل عضو فيها بحكمة وبشكل عجيب, وتعهد أن يحفظ هذا الجسم البشري صحيحا, شرط أن يطيع الإنسان شرائعه ويتعاون معه. ان كل ناموس متحكم في الجسم البشري يجب اعتباره مساويا تماما لكلمة الله من حيث مصدره الإلهي, وطابعه, وأهميته. وكل تصرف يصدر عن اهمال وعدم انتباه, وكل انتهاك للتركيب الجسماني العجيب الذي سنعه الرب, بالإستخفاف بنواميسه المبينة في الجسم البشري, إنما هو مخالفة لشريعة الله. قد نشاهد أعمال الله في عالم الطبيعة ونعجب بها, غير أن الجسم البشري هو أعجبها جميعا. CCA 459.1
وحيث أن نواميس الطبيعة هي نواميس الله فمن واجبنا الواضح أن ندرس هذه النواميس بإعتناء. ينبغي أن ندرس مطاليبها المتعلقة بأجسادنا, ونعمل بها, لأن جهلنا لهذه الأمور هو خطية. CCA 459.2
حين يتجدد الناس, من رجال ونساء يحترمون, بنية صالحة, نواميس الله التي وضعها في كيانهم, ساعين بذلك إلى اجتناب الضعف الجسدي والعقلي والروحي. والطاعة لهذه النواميس يجب أن تكون مسألة واجب شخصي, ولا بد لنا نحن أنفسنا من أن نعاني من نتائج مخالفة الناموس, ولا بد من أن نعطي لله حسابا عن عاداتنا وأفعالنا, فالمسألة بالنسبة لنا ليست مسألة ” ماذا سيقول العالم ؟ “ بل ” كيف عساني أنا, الذي أدعو نفسي مسيحيا, أن أعامل الجسد الذي أعطانيه الله ؟ هل أعمل لخير نفسي الأسمى, ومنيا وروحيا, بأن أحفظ جسدي كهيكل لسكني الروح القدس, أم هل أكرس نفسي لأفكار العالم وأفعاله ؟ “. CCA 459.3
ليست ديانة المسيح مضرة بصحة الجسم أو العقل, بل أن تأثير الروح القدس خير دواء للمرض, وكل ما في الديانة يدعو إلى الصحة, وكلما إزداد المريض تعمقا في إدراك التأثيرات السماوية إزدادت يقينية شفائه. ان المباديء الحقة للمسيحية تفتح أمام الجميع نبعا من السعادة لا تقدر والديانة نبع لا ينضب معينه, منه ينهل المسيحي كلما أراد, دون أن يستنفده. CCA 460.1
ان لحالة العقل تأثيرا في صحة الجسم, فإذا كان العقل حرا وسعيدا, نتيجة عمل الصلاح بضمير حي, والشعور بالرضا المستمد من اسعاد الآخرين, فإن ذلك يخلق بهجة تعمل عملها في الجسم كله, محسنة الدورة الدموية, ومشيعة الإتزان في الجسم بأكلمه. ان بركة الله هي قوة شافية, يدركها في القلب والحياة, أولئك الذين يعملون بإجتهاد لخير الآخرين. CCA 460.2
والذين انغمسوا في العادات الخاطئة والممارسات الأثيمة حين يذعنون لقوة الحق الإلهي يحيي عمل هذا الحق في قلوبهم القوى الروحية التي بدا أنها مشلولة, ومن تم له ذلك نال فهما أعمق وأوضح مما كان له قبل أن ربط نفسه إلى صخر الدهر, بل حتى صحته الجسمية تتحسن, إذ يدرك أنه مأمون بالمسيح. CCA 460.3
يحتاج الناس أن يعرفوا أن بإمكانهم الحصول على ملء بركات الطاعة إذ ينالون نعمة المسيح, فنعمته هي التي تقدر الإنسان على إطاعة وصايا الله, بل هي التي تمكنه من التحرر من عبودية العادات الشريرة. وهي القوة الوحيدة التي تثبته في الطريق القويم وتحفظه كذلك. CCA 461.1
إن إنجيل المسيح, إذا قبل بطهارته وقوته, فهو دواء للأدواء التي أساسها الخطية. وشمس البر تشرق ” والشفاء في أجنحتها “ غير أن كل ما يقدمه العالم انما يعجز عن أن يجبر القلب الكسير, أو يهب سلام الفكر, أو ينزع الهم. أو يبعد المرض. فالشهرة والذكاء والمواهب — هذه كلها تقف عاجزة عن ادخال المسرة إلى القلب الحزين, أو استعادة الحياة المبددة, بل أن حياة الله في النفس هي رجاء الإنسان وحده. CCA 461.2
والمحبة التي يشيعها المسيح في كيان الفرد بأجمعه خي قوة محيية, إذ أنها تشفي كل جزء حيوي فيه كالدماغ والقلب والأعصاب, وتستثير للعمل أسمى قواه, وتحرر النفس من الاثم والحزن والقلق والهم التي تسحق قوى الحياة, وتخلق فيه الإخلاص والرصانة, وتغرس في النفس الفرح الذي يعجز أي شيء أرضي عن افساده — فرح الروح القدس, يشفي ويحيي. CCA 461.3
إن كلمات مخلصنا القائلة ” تعالوا إلي ... وأنا أريحكم “ هي وصفة للشفاء من العلل الجسدية والعقلية والروحية. ومع أن الناس جلبوا لأنفسهم الآلام بأفعالهم الخاطئة فهو يتحنن عليهم. ويفتح لهم باب العون, بل يريد أن يفعل عظائم للمتكلين عليه. CCA 461.4