ينصح للكنيسة
الحياة المقدسة
الحياة المقدسة
يطالبنا مخاصنا بكل شيء فينا ولنا. يطلب منا أفضل أفكارنا وأقدسها وأطهر عواطفنا وأحرها. إذا كنا حقيقية شركاء الطبيعة الإلهية يبقى تسبيحه في قلوبنا وعلى شفاهنا دائما. إن أملنا الوحيد هو في تسليم أنفسنان بكاملها له, والنمو دائما في النعمة وفي معرفة الحق. CCA 48.1
إن التقديس الموضح في الكتاب المقدس يتناول الإنسان كله — روحا ونفسا وجسدا. وهنا الفكرة الصحيحة عن التكريس الشامل, فالرسول بولس يصلي من أجل كنيسة تسالونيكي كي تنعم بهذه البركة العظيمة : ” واله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح “ ( 1 تسالونيكي 5 : 23 ). CCA 48.2
في العالم الديني نظرية في التقديس خاطئة في ذاتها, وخطرة في تأثيرها. وفي حالات كثيرة تجد أن الذين يدعون القداسة لا يملكون جوهرها. قداستهم قوامها الأقوال وعبادة الإرداة. CCA 48.3
يطرحون المنطق وسداد الحكم جانبا ويعتمدون كليا على مشاعرهم, بانين إدعاءاتهم القداسة على انفعالات سبق لهم أن مروا بها. أنهم عنيديون ومتصلبون في تمسكهم بإدعاءاتهم للقداسة, يتكلمون كثيرا دون أن يحملوا ثمرا كدليل عليها. إن هؤلاء الأشخاص الذين يدعون القداسة لا يضلون أنفسهم بادعاءاتهم فحسب, بل يجرون بتأثيرهم, إلى الضلال, كثيرين ممن يرغبون بحرارة في الإمتثال لمشيئة الله. وقد نسمعهم يرددون مرار وتكرارا ” قدسني يا الله ! علمني يا الله ! أنني أعيش بلا خطية ! “ كثيرون ممن يحتكون بهذه الروح يواجهون شيئا مظلما مبهما لا يمكنهم ادراكه, ولكنها شيء لا يشبه المسيح اطلاقا, الذي هو المثال الحقيقي الوحيد. CCA 48.4
التقديس عمل تقدمي. وخطواته المتوالية قدمها الرسول بطرس في الكلمات التالية : ” وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في إيمانكم فضبلة وفي الفضيلة معرفة. وفي المعرفة تعففا وفي التفف صبرا وفي الصبر تقوى. وفي التقوى مودة أخوية وفي المودة الأخوية محبة.لأن هذه إذا كانت فيكم وثرت تصيركم لا متكاسلين ولا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح لذلك بالأكثر اجتهدوا أيها الأخوة أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين. لأنكم إذا فعلتم ذلك لن تزلوا ابدا. لأنه هكذا يقدم لكم بسعة دخول إلى ملكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الأبدي “ ( 2 بطرس 1 : 5 — 11 ). هنا طريقة بها نتأكد أننا لن نزل أبدا. أن الين يستعملون حساب الجمع في تحصيل الفضائل االمسيحية, لهم التأكيد أن الله يستعمل حساب الضرب في منحهم عطايا روحه. CCA 49.1
ليس التقديس عمل لحظة أو ساعة أو يوم, بل أنه نمو مطرد في النعمة. لسنا نعرف اليوم شدة الصراع الذي سيواجهنا غدا. الشيطان حي ونشيط , فنحتاج أن نصرخ إلى الرب بحرارة يوميا, كي يمدنا بالعون والقوة لمقاومته. وما دام الشيطان مالكا تبقى أمامنا الذات لنضبطها وضيقات لنقهرها. وليس من مكان نتوقف عنده, ولا نقطة يمكن أن نصل إليها ونقول : لقد اكملنا السعي. CCA 50.1
الحياة المسيحية سير مستمر إلى الأمام, ويسوع يجلس ممحصا شعبه ومطهرا إياهم. ومتى انعكست صورته كاملة عليهم فهم كاملون وقديسون, ومستعدون للإختطاف. إن عملا عظيما يطلب من المسيحي, فنحن مدعوون أن نطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح, مكملين القداسة في خوف الله. هنا يتجلى العمل العظيم. فكل مسيحي غصن الكرمة الأصلية يجب أن يستمد حياة وقوة من تلك الكرمة حتى يعطي ثمرا. CCA 50.2
لا يخدعن الناس أنفسهم بالإعتقاد أن الله يغفر لهم ويباركهم بينما هم يدوسون مطالبيه. ان تعمد ارتكاب خطية معلومة يسكت شهادة صوت الروح ويفصل النفس عن الله. لا يقدر يسوع أن يسكن القلب الذي يحتقر الشريعة الإلهية مهما كانت مشاعره الدينية عميقة. إن الله سيكرم فقط الذين يكرمونه. CCA 50.3
عندما كتب الرسول بولس : ” واله السلام نفسه يقدسكم بالتمام “ ( 1 تسالونيكي 5 : 23 ), لم يحض اخوته على أم يهدفوا إلى قياس يتعذر عليهم الوصول إليه, ولم يصل لكي ينالوا بركات ليست بحسب إرادة الله, لقد عرف أن جميع الذين يريدون أن يتأهلوا للقاء المسيح بسلام لا بد من أن يمتلكوا صفات طاهرة ومقدسة. ( إقرأ 2 كورنثوس 9 : 25 — 27 , 6 : 19 و 20 ). CCA 51.1
ليس من المبدأ المسيحي الصحيح التوقف لوزن العواقب, ولا التساؤل في ما سيفتكر الناس عني لو فعلت هذا الأمر ؟ وكيف سيتأثر مستقبلي العلمي فيما لو فعلت ذلك ؟ بل أن أولاد الله يرغبون, أشد ما تكون الرغبة, في معرفة ما يريدهم الرب أن يفعلوا حتى يمجدوه بأعمالهم. لقد أعد الرب ما يكفي لضبط قلوب وحياة أتباعه بالنعمة الإلهية ليكونوا كأنوار موقدة مشعة في العالم. CCA 51.2
كان مخلصنا نور العالم, ولكن لم يعرفه العالم. كان دائما عاكفا على أعمال الرحمة, منيرا سبل الجميع, ولكنه مع ذلك لم يطلب من الذين اختلط بهم أن ينظروا إلى فضائله التي لا مثيل لها, وإنكاره ذاته وتضحيته بنفسه, وإحسانه. فاليهود لم تعجبهم حياة كهذه, بل اعتبروا ديانته عديمة الفائدة, لأنها لم تنفق مع مقياسهم للتقوى. لقد قرروا أن المسيح لم يكن تقيا في الروح والصفات, لأن ديانتهم كان قوامها الظهور والصلاة العلنية وأعمال الخير لينظرهم الناس. CCA 51.3
إن فضيلة التواضع أثمن ثمار التقديس. ومتى سادت النفس يصوغ تأثيرها الخلق فيحدث إنتظار دائم للرب وتخضع الإرادة لإرادته. CCA 52.1
إن إنكار الذات والتضحية بالنفس وفعل الخير واللطف والمحبة والصبر والثبات والثقة المسيحية هي الثمار اليومية التي يحملها من هم على اتصال حقيقي بالله. قد لا تنشر أعمالهم أمام العالم غير أنهم هم أنفسهم في صراع يومي مع الشر, ويحرزون انتصارات عظيمة على التجربة والأفعال الخاطئة. يجددون العهود المهيبة ويثبتون عليها بفضل القوة التي يستمدونها من الصلاة الحارة والسهر الدائم. إن الغيور المتحمس لا يدرك صراع هؤلاء العمال الصامتين, ولكن عين الله التي تعرف أسرار القلوب تلاحظ وتقدر, برضا , كل مجهود يبذل بتواضع ووداعة. إن الذهب المصفى الذي هو محبة والإيمان في الصفات لا يظهر إلا وقت الإمتحان. إذ حين تأتي الضيقات والصعوبات على الكنيسة عندئذ تنمو حماسة أتباع المسيح الحقيقيين الثابتة وعواطفهم الحارة. CCA 52.2
إن جميع الذين يدخلون نطاق تأثير الرجل التقي يدركون جمال حياته المسيحية ورائحتها الطبية, بينما هو نفسه لا يلاحظ ذلك لأن ذلك منسجم مع عاداته وميوله. إنه يصلي من أجل النور الإلهي, ويحب السلوك في النور, بل أن صنع مشيئة الآب السماوي هو طعامه وشرابه. حياته مستمرة مع المسيح في الله, إلا أنه يفتخر بذلك, ولا يظهر عليه أنه يشعر به. إن الله يبتسم للودعاء والمتواضعين الذين يتبعون خطوات السيد عن كثب. والملائكة ينجذبون إليهم ويحبون أن يتريثوا حول طرقهم. قد يمر بهم من يدعون تحصيل العلوم الرفيعة والذين يسرون بإشهار أعمالهم الصالحة, معتبرين أنهم غير جديرين بالملاحظة, ولكن ملائكة السماء يحنون بمحبة عليهم, وهم مثل سور من نار حولهم. CCA 52.3
إن حياة دانيال عي إيضاح موحى به لماهية الصفات المقدسة, وتقدم درسا للجميع, وبنوع خاص للشبيبة. إن التقيد الدقيق بمطاليب الله نافع لصحة الجسد والعقل. وفي سبيل الوصول إلى أعلى المثل الأدبية والفكرية يجب أن نطلب الحكمة والقوة من الله, ونحافظ على مباديء الإعتدال والعفة في جميع عاداتنا بدقة. CCA 53.1
على قدر ما ازداد سلوك دانيال استقامة اشتدت كراهية أعدائه له. لقد جن جنونهم لأنهم لم يقدروا أن يجدوا في صفاته الأدبية أو في تصريفه لأعماله ما يمكن أن يبنوا عليه شكواهم ضده. ” فقال هؤلاء الرجال لا نجد على دانيال هذا علة إلا أن نجدها من جهة شريعة الهه “ ( دانيال 6 : 5 ). CCA 53.2
يا له درسا يقدم هنا لجميع المسيحيين. لقد تركزت أنظار الحساد على دانيال يوما فيوما, واشتدت مراقبتهم له بفعل الكراهية, إلا أنهم لم يقدروا أن يمسكوه بكلمة واحدة أو فعلة واحدة في حياته ليحوروها عن حقيقتها, ومع ذلك كله لم يدع دانيال القداسة, بل فعل ما هو افضل من الإدعاء بكثير — عاش حياة الأمانة والتقديس. CCA 53.3
ثم يخرج أمر الملك. ومع علم دانيال بقصد أعدائه لهدمه فهو لا يغير طريقه بشيء, بل بهدوء يتمم واجباته المعتادة, يذهب في ساعة العبادة إلى مخدعه, وفيما كواه مفتوحة نحو أورشليم, يرفع إلى إله السموات تضرعاته, معلنا بعمله هذا دون خوف أنه ليس لسلطة أرضية الحق في أن تتدخل بينه وبين الله, لتوجهه إلى من يجب أن يصلي أو لا يصلي. يا له رجلا نبيلا ثابتا على المبدأ. إنه يقف أمام العالم اليوم مثالا يستحق المدح على هذه الجرأة والإخلاص المسيحيين, إذ توجه الله بكل قلبه, رغم علمه أن الموت هو جزاء تعبده هذا. CCA 54.1
” حينئذ أمر الملك فاحضروا دانيال وطرحوه في جب الأسود. أجاب الملك وقال لدانيال أن إلهك الذي تعبده دائما هو ينجيك “ ( دانيال 6 : 16 ). CCA 54.2
وفي الصباح الباكر أسرع الملك إلى جب الأسود ونادى : ” يا دانيال عبد الله الحي هلى إلهك الذي تعبده دائما قدر على أن ينجيك من الأسود “ ؟ ( دانيال 6 : 20 ). فسمع صوت النبي مجيبا, ” يا أيها الملك عش إلى الأبد. إلهي أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني لأني وجدت بريئا قدامه وقدامك أيضا أيها الملك لم أفعل ذنبا “ CCA 54.3
”حينئذ فرح الملك به وأمر بأن يصعد دانيال من الجب فأصعد دانيال من الجب ولم يوجد فيه ضرر لأنه آمن بالله “ ( دانيال 6 : 22 و 23 ). هكذا انقذ خادم الله. والفخ الذي نصبه أعداؤه لإهلاكه سبب هلاكهم هم, إذ طرحوا في جب الأسود بأمر الملك, فابتلعتهم الوحوش الضارية في الحال. CCA 55.1
وإذ كانت فترة السبعين سنة من السبي تقترب من نهايتها جعل دانيال يهتنم بنبوات أرميا اهتماما شديدا. CCA 55.2
إن دانيال لم يعلن إخلاصه الذاتي أمام الرب. بل أن هذا النبي المكرم بدلا من أن يدعي أنه طاهر ومقدس, حسب نفسه بتواضع مع خطاة اسرائيل الحقيقيين. إن الحكمة الت كان قد وهبه إياها الله فاقت حكمة أعظم رجال العالم كما يفوق نور الشمس عند الظهيرة نور أضعف كوكب. ومع ذلك تأمل في الصلاة التي خرجت من شفتي هذا الرجل الذي كان مفضلا في السماء. إنه باتضاع عميق وبدموع وتمزيق القلب تضرع من أجل نفسه ومن أجل شعبه. كشف قلبه أمام الله, معترفا بعدم استحقاقه هو ومقرا بعظمة الرب وجلاله. CCA 55.3
وبينما كان دانيال يصلي هبط الملاك جبرائيل من الديار السماوية ليخبره أن تضرعاته قد سمعت واستجيبت. فقد أمر هذا الملاك الجبار أن يعيطيه حذقا وفهما وأن يفتح له أسرار الأجيال اللاحقة. وهكذا بينما كان دانيال يطلب بحرارة أن يعرف الحق ويفهمه أصبح في اتصال مع رسول السماء المنتدب. CCA 55.4
حصل دانيال, استجابة لتضرعاته, ليس فقط على النور والحق اللذين كان هو وشعبه في أشد الحاجة إليهما, بل أيضا على مشهد لحوادث المستقبل, حتى مجيء فادي العالم. إن الذين يدعون أنهم مقدسون وهم لا يرغبون في تفتيش الكتاب المقدس أو في الجهاد مع الله في الصلاة من أجل معرفة أوضح لحقائق الكتاب المقدس, لا يعرفون ما هي القداسة الحقيقية. CCA 56.1
تكلم دانيال مع الله, والسماء فتحت أمامه, غير أن الكرامات العظيمة التي أعطيت له انما جاءت نتيجة التواضع والطلب بإخلاص. جميع الذين يؤمنون بكلمة الله من القلب يتجوعون ويتعطشون إلى معرفة إرادته. الله هو مصدر الحق, ينير الفهم المظلم ويهب العقل البشري قوة ليدرك ويفهم الحقائق التي أعلنا هو. CCA 56.2
إن مباديء الحق العظمى التي أعلنها فادي العالم هي للذين يفتشون عن الحق كما عن كنز مخفي. كان دانيال رجلا متقدما في الأيام, قضى حياته وسط مغريات البلاط الوثني, وعقله مثقل بالإهتمام بشؤون امبراطورية عظيمة. ومع ذلك فقد تحول عن جميع تلك الأمور ليذل نفسه أمام الله وليطلب معرفة مقاصد العلي. واستجابة لتضرعاته, جاء نور من ديار السماء للذين سيعيشون في الأيام الأخيرة. فبأية حرارة وإخلاص يجب أن نطلب الله حتى ينير فهمنا لندرك الحقائق المرسلة لنا من السماء. CCA 56.3
كان دانيال خادما مكرسا لله العلي, وكانت حياته المديدة حافلة بالأعمال النبيلة في خدمة سيدة الرب. إن طهارة صفاته وإخلاصه الثابت يقاسان فقط بتواضع قلبه وانسحاقه أمام الله. نعيد, أن حياة دانيال هي إيضاح موحى به لماهية القداسة الحقيقية. CCA 56.4
إن حقيقة كوننا مدعوين لتحمل التجارب تثبت أن الرب يسوع يرى فينا شيئا ثمينا جدا يريد أن ينميه. لو أنه لم يجد فينا ما قد يؤول لتمجيد اسمه لما انفق الوقت في تمحيصنا. نحن لا نتكبد عناء تشذيب شجيرات العليق, والمسيح لا يلقي في آتونه حجارة لا فيمة لها, بل أن المعادن الثمينة هي التي يمحصها. CCA 57.1
إن الذين يرسم الله لهم أن يشغلوا مراكز ذات مسؤولية يظهر لهم الله برحمته عيوبهم الخفية حتى يستطيعوا أن ينظروا إلى داخلهم ويفحصوا بتدقيق ما يعتمل في قلوبهم من تأثرات وانفعالات معقدة, فيكشفوا مواضع الخطأ, وبذلك يمكنهم تعديل طباعهم وتطهير عاداتهم. إن الرب بعنايته يأتي بالناس إلى حيث يستطيع أن يفحص قواهم الأدبية ويعلن دوافعهم للعمل لكي يقووا ما هو مستقيم في أنفسهم وينبذوا ما فيها من خطأ. يريد الله أن يكون عبيده ملعين على عوامل قلوبهم الأدبية, وفي سبيل تحقيق ذلك كثيرا ما يسمح بأن تهاجمهم نيران الآلام لكي يتطهروا. ” ومن يحتمل يوم مجيئه ومن يثبت عند ظهروره. لأنه مثل نار الممحص ومثل أشنان القصار. فيجلس ممحصا ومقيا للفضة فينقي بني لاوي ويصفيهم كالذهب والفضة ليكونوا مقربين للرب تقدمه بالبر “ ( ملاخي 3 : 2 و 3 ). CCA 57.2
يقود الله شعبه خطوة خطوة, يقتادهم عبر مراحل مختلفة من شأنها إظهار ما في القلب. بعضهم يثبتون في مرحلة ما, ولكنهم يسقطون في التالية. وعند كل مرحلة من مراحل التقدم يمتحن القلب ويجرب بصورة أدق قليلا. فإذا ما وجد الذين يدعون أنفسهم شعب الله أن قلوبهم تقاوم هذا العمل القويم, فينبغي أن يقنعهم ذلك بأن أمامهم عملا يؤدونه لإحراز الغلبة إذا هم أرادوا ألا يتقيأهم الرب من فمه. CCA 58.1
حالما ندرك عدم مقدرتنا على القيام بعمل الله ونستسلم لقيادة حكمته عندئذ يستطيع الرب أن يعمل معنا. إذا نحن أخلينا نفوسنا من الذات يملأ جميع إحتياجاتنا. CCA 58.2
كيف يمكنكم أن تعرفوا أنكم مقبولون عند الله ؟ ادرسوا كلمة الله بروح الصلاة. لا تطرحوا الكتاب المقدس جانبا لتستعيضوا عنه بأي كتاب آخر. هذا الكتاب يبكت على الخطية, ويبين طريق الخلاص بوضوح, ويعرض مجازاة مجيدة مشرفة ويظهر لكم مخلصا كاملا, ويعلمكم أنه ليس بغير رحمته اللامحدودة يمكنكم أن تتوقعوا الخلاص. CCA 58.3
لا تهملوا الصلاة الإنفرادية, لأنها قلب الديانة تضرعوا من أجل طهارة النفس بصلاة حارة متوقدة. صلوا بحرارة وشوق مثلما يمكنكم أن تصلوا لو كانت حياتكم الزمنية مهددة بالخطر. البثوا أمام الرب حتى تتولد في داخلكم الأشواق التي لا ينطبق بها من أجل الخلاص وتحصلوا على الدليل الحلو بغفران خطاياكم. CCA 59.1
لم يترككم يسوع لتذهبوا مما تلاقونه من المصاعب والآلام. لقد أنبأكم بكل شيء عنها, وأخبركم أيضا ألا تفشلوا وتذلوا حين تأتي الضيقات. تطلعوا إلى يسوع فاديكم وافرحوا وتهللوا. إن التجارب التي تصدر عن إخواتنا وأصدقائنا المعروفين هي أصعب ما يمكن احتماله, ولكن حتى تلك التجارب أيضا يمكن إحتمالها بصبر. إن يسوع ليس راقدا في قبر يوسف الجديد, بل قام وصعد إلى السماء ليتشفع هنالك فينا. لنا مخلص قد أحبنا حتى مات من أجلنا لكي يكون لنا به رجاء وقوة وشجاعة, ونجلس معه في عرشه. إنه قادر ومستعد أن يساعدكم في كل وقت تطلبونه. CCA 59.2
هل تشعرون بعدم كفاءتكم للمركز ذي المسؤولية الذي تشغلون؟ اشكروا الله من أجل ذلك, إذ كلما زاد شعوركم زاد ميلكم إلى طلب المساعدة. ” اقتربوا إلى الله فيقترب إليكم “ ( يعقوب 4 : 8 ). يريدكم يسوع أن تكونواسعداء فرحين. يريدكم أن تبذلوا ما بوسعكم بما أعطاكم الله من مقدرة, ومن ثم أن تتكلوا على الرب ليساعدكم ويقيم أولئك الذين سيساعدوكم في حمل الأعباء. CCA 59.3
لا تدعوا كلمات الناس القاسية تجرح شعوركم. ألم يقل الناس عن يسوع كلمات قاسية ؟ أنتم تخطئون وتفسحون المجال أحيانا لإطلاق الملاحظات القاسية, أما يسوع فلم يفعل ذلك قط, بل كان طاهرا, بلا عيب ولا دنس. فلا تنتظروا إذا نصيبا أفضل مما كان لرئيس المجد في هذه الحياة. حين يرى أعداؤكم أنهم يستطيعون جرح شعوركم يبتهجون ويبتهج الشيطان أيضا. انظروا إلى يسوع, واعملوا وعينكم خالصة لمجده. ثبتوا قلوبكم في محبة الله. CCA 60.1
إن الشعور بالسعادة أو عدمه لا يقدم دليلا على قداسة الإنسان أو عدم قداسته. ليس هناك من قداسة فورية, إذ القداسة الحقيقية هي عمل يومي يستمر مدى الحياة. إن الذين يجاهدون ضد التجارب يوميا ويتغلبون على ميولهم الخاطئة ويطلبون قداسة القلب والحياة, لا يدعون القداسة, متباهين , بل هم جياع وعطاش إلى البر, لأن الخطية في نظرهم خاطئة جدا. CCA 60.2
إن الظلمة واليأس سيطبقان أحيانا على نفوسنا ويهددان بسحقنا, ولكن ينبغي ألا نطرح ثقتنا, بل نثبت أنظارنا على يسوع سواء شعرنا أم لم نشعر. يجب أن نسعى لأن نتمم بأمانة, كل واجب معلوم, ثم نتكل على مواعيد الله مطمئنين. CCA 60.3
إن شعورا عميقا بعدم استحقاقنا يثير أحيانا رعبا في نفوسنا, ولكن مثل هذا الشعور ليس دليلا على أن الله قد غير موقفه منا أو أننا نحن غيرنا موقفنا من الله. يجب أن نبذل جهدا من شأنه أن يثير العقل إلى درجة الإنفعال القوي. قد لا نشعر اليوم بنفس السلام والسرور اللذين كانا لما بالأمس, ولكن يجب أن نمسك بيد المسيح, بإيمان, ونثق به ثقة تامة, في الظلمة كما في النور. CCA 61.1
بالإيمان انظروا إلى الأكاليل الموضوعة للذين سيغلبون, اصغوا إلى أغنية المفديين المتهللة, مستحق الحمل الذي ذبح والذي افتدانا لله ! اجتهدوا أن تعتبروا هذه المشاهد حقيقة واقعة. CCA 61.2
لو أننا نسمح لعقولنا أن تزيد من تاملها في المسيح والعالم السماوي لوجدنا دافعا وتأييدا قويين وإذ نتأمل في أمجاد ذلك الوطن الأفضل الذي سيصبح عن قريب موطننا تفقد الكبرياء ومحبة العالم قوتهما وتبدو جميع الجواذب الأرضية أمام جمال المسيح ضئيلة القيمة. CCA 61.3
مع أن بولس الرسول احتجز أخيرا في سجن روماني, محروما من نور السماء ونسيمه, منقطعا عن عمله المجد في البشارة, ومتوقعا صدور الحكم بموته في أية لحظة, فهو مع ذلك لم يستسلم للشك واليأس. من ذلك السجن المظلم خرجت شهادته قبيل موته مملوءة إيمانا وشجاعة رائعين وملهمين قلوب القديسين والشهداء في جميع العصور المتتابعة. وكلماته تقدم وصفا مطابقا لنتائج ذلك التقديس الذي اجتهدنا أن نوضحه على هذه الصفحات : ” فإني أنا الآن أسكب سكيبا ووقت انحلالي قد حضر. قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان. واخيرا قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضا “ ( 2 تيموثاوس 4 : 6 — 8 ). CCA 61.4
سلسلة روح النبوة — الربع الأول , 1961 — الدرس الثالث مأخوذ من كتاب ” ارشادات للكنيسة “ بقلم : الأخت ألن هوايت طبع في دار الشرق الأوسط للطبع والنشر جميع الحقوق محفوظة CCA 62.1