ينصح للكنيسة

111/303

“لا تجعل قلبك على الغنى ”

إن الكنائس التي هي في الطليعة من حيث العطاء المنسق والبذل السخي هي أيضا في الطليعة روحيا. إن فضيلة السخاء في المسيحي توحد رغبته مع رغبة السيد الرب. فلو أدرك الأثرياء أنهم سيقدمون لله حسابا عن كل فلس ينفقونه لتضاءلت حاجاتهم المزعومة, إلى حد كبير. إن كان الضمير حيا فهو يشهد لما لم تدع إليه حاجة مما ينفق لإرضاء شهوة الطعام والكبرياء والغرور وحب اللهو, ويخبر بتبذير مال الرب الذي كان ينبغي أن يكرس لعلمه. ان الذين يتلفون أموال الرب سيتوجب عليهم أن يقدموا للرب أخيرا حسابا عن مسلكهم. CCA 303.1

لو أن الذين يدعون أنفسهم مسيحيين يختصرون من النفقة على تجميل أجسامهم وتزيين بيوتهم, ويقللون من تناول المآكل باهظة الثمن المتلفة للصحة, لاستطاعوا أن يقدموا مبالغ أكبر إلى خزينة الله, سالكين في خطوات فاديهم الذي ترك السماء وغناه ومجده, وافتقر من أجلنا حتى ينيلنا الغنى الأبدي. CCA 303.2

ولكن كثيرين, إذ يشرعون في تجميع الأموال, يبدأون يحسبون كم يقتضيهم من الوقت لحيازة مبلغ معين. وفي تشوقهم إلى جمع الثروة لأنفسهم يقصرون عن أن يصبحوا أغنياء لله. ولا يعود بذلهم يتمشى مع مكسبهم, وإذ يشتد اشتياقهم إلى ازدياد الثروة يزداد تعلقهم بما يكتنزون, وإن ازدياد أملاكهم يشحذ شهوتهم للإستزادة منها حتى يعتبر البعض أن تقديمهم العشر للرب هو عبء ثقيل وغير عادل. CCA 303.3

يقول كتاب الوحي : ” إن زاد الغنى فلا تضعوا عليه قلبا “ ( مزمور 62 : 10 ). وقد قال الكثيرون : ” لو كنت في مثل غنى فلان لضاعفت عطاياي لخزينة الله, ولما انفقت شيئا من مالي إلا في سبيل تقدم عمل الله “ لقد امتحن الله بعض هؤلاء بأن وهبهم اموالا, غير أن الأموال واكبتها تجربة أعنف, فانخفض عطاؤهم عما كان عليه في أيام فقرهم, واستحوذت على عقولهم وقلوبهم رغبة طامعة في الإستزادة من الثروة, فعبدوا الأوثان. CCA 304.1

كونوا مقتصدين في بيوتكم. كثيرون يعززون الأصنام ويتعبدون له, فاطرحوا أنتم أصنامكم, وتخلوا عن مسراتكم الأنانية. أتوسل إليكم ألا تبذروا الأموال على تزيين بيوتكم, لأن هذه الأموال هي لله, وسيطالبكم بها. أيها الآباء اكراما للمسيح, لا تنفقوا مال الرب واستجابة لأهواء أولادكم. لا تعلموهم أن يسعوا وراء الزي والمظهر ليكون لهم وزنهم في العالم. هل يميل بهم هذا الى تخليص النفوس التي من أجلها مات المسيح ؟ كلا, بل إن هذا يخلق الحسد والغيرة وظن السوء. سيقاد أولادكم إلى مجاراة العالم في حب الظهور الإسراف وإنفاق مال الرب على أمور لا تمت إلى الصحة والسعادة بصلة. لا تعودوا أولادكم الظن أن محبتكم لهم يجب أن يعبر عنها بالإستجابة لكبريائهم وحبهم للإسراف والظهور, إذ ليس من وقت الآن لإستنباط طرق لإنفاق المال. استعملوا قواكم الخلاقة في السعي للتوفير. وبدلا من اشباع الأهواء الأنانية بإنفاق المال على أمور تقضي على قوى العقل, تعلموا كيف يكون انكار الذات ليكون لكم ما تستثمرونه في راية الحق في حقول جديدة. العقل موهبة, فاستعملوه في دراسة أفضل الطرق لإستخدام أموالكم لأجل خلاص النفوس. CCA 304.2

سلسلة روح النبوة — الربع الثاني , 1961 — الدرس السابع مأخوذ من كتاب ” ارشادات للكنيسة ” بقلم : الأخت ألن هوايت طبع في دار الشرق الأوسط للطبع والنشر جميع الحقوق محفوظة CCA 306.1