ينصح للكنيسة
الدراسة المجدة المنتظمة
أيها الآباء, إذا أردتم أن تدربوا أولادكم على خدمة الله وفعل الخير في العالم فاجعلوا الكتاب المقدس درسهم, فهو يفضح مكايد إبليس, وهو رافع البشرية العظيم, ومنتهر الشرور الأخلاقية ومصلحها, والكاشف الذي يمكننا من التمييز بين الصواء والخطأ, فينبغي أن يحتل الكتاب المقدس, المثقف الأعظم, المكانة الأولى في أي شيء آخر يجري تعليمه, سواء في البيت أو في المدرسة, إذ في ذلك تمجيد لله الذي يعمل لأجلكم في تجديد أولادكم. في هذا الكتاب المقدس منجم غني بالحق والجمال, ولا يلومن الوالدون سوى أنفسهم أن هم لم يجعلوه ملذا لأولادهم إلى الغاية القصوى. CCA 284.2
إن كلمة ” مكتوب ” كانت السلاح الوحيد الذي استعمله المسيح حيت أتاه المجرب بأضاليله. فتعليم مباديء كلمة الله هي العمل العظيم الجليل الذي ينبغي لكل والد أن ينخرط فيه. ضعوا أمام الأولاد الحق كما فاه به الرب, افعلوا هذا وأنتم في حالة ذهينة فرحة سعيدة. بإستطاعتكم, كآباء وأمهات أن تكونوا مثلا للأولاد في الحياة اليومية عن طريق تحليكم بفضائل الصبر واللطف والمحبة, وبضمهم إلى أنفسكم. لا تسمحوا لهم بأن يتصرفوا حسب مرضاتهم, بل دعوهم يرون أنكم في علمكم تطبقون مباديء كلمة الله, وتربونهم في تأديب الرب وإنذاره. CCA 284.3
راعوا النظام في دراسة الكتاب المقدس مع عائلاتكم. اصرفوا النظر عن كل ما هو زائل ... ولكن أحرصوا على تغذية النفس بخبز الحياة. إنه ليستحيل تقدير النتائج الطيبة لتكريس ساعة أو حتى نصف ساعة من الوقت يوميا لدرس كلمة الله بطريقة مبهجة ملذة. دعوا الكتاب يفسر نفسه بنفسه بأن تجمعوا كل ما قيل في موضوع معين, في أوقات مختلفة وظروف متنوعة. لا تفسدوا نظام الدرس العائلي من أجل الضيوف والزائرين فإذا قدموا في أثناء الدرس ادعوهم ليشتركوا معكم فيه, وليروا ان تحصيلكم المعرفة من كلمة الله أهم عندكم من الظفر بأرباح العالم ومسراته. CCA 285.1
لو كنا ندرس الكتاب المقدس بإجتهاد وبروح الصلاة كل يوم لرأينا يوميا بعض المباديء الجميلة في نور جديد صاف قوي. CCA 285.2
إذا أردتم أن تربوا أولادكم في تأديب الرب وإنذاره فلا بد لكم من أن تتخذوا الكتاب المقدس مرشدا. ولتقدم حياة المسيح وصفاته ككنموذج لهم ليتمثلوا به, فإن أخطأوا أقرأوا لهم ما قاله الرب بشأن خطايا مماثلة. وفي هذا العمل تمس الحاجة إلى العناية والإجتهاد الدائمين. لأن صفة واحدة خاطئة يتساهل في أمرها الوالدان ولا يصلحها المعلمون قد تشوه الخلق كله وتفقده اتزانه. علموا الأولاد أنه يجب أن يكون لهم قلب جديد, وأن تخلق فيهم مشارب جديدة, ويستلهموا دوافع جديدة. لا بد لهم من أن يتلقوا عونا من المسيح ويتعرفوا بصفات الله المعلنة في كلمته. CCA 285.3
إن في كلمة الله مثل ما في واضعها الإلهي اسرارا لن يمكن الكائنات المحدودة ادراكها تمام. انها توجه اذهاننا إلى الخالق الذي يسكن في نور لا يدني منه ( 1 تيموثاوس 6 : 16 ). وتقدم لنا مقاصده التي تشمل جميع الأجيال في تاريخ البشر والتي ستتحقق فقط في أدوار الأبدية اللانهائية, وتوجه التفاتنا إلى مواضيع لا حد لعمقها وأهميتها تتعلق بحكم الله ومصير الإنسان. CCA 286.1
إن دخول الخطية إلى العالم, وتجسيد المسيح, والتجديد, والقايمة, وكثيرا من المواضيع الأخرى المدرجة في الكتاب المقدس, هي أسرار لا سبيل للعقل البشري إلى تفسيرها أو حتى ادراكها ادراكا تاما, غير أن الله زودنا في الأسفار المقدسة بالدليل الكافي على صبغتها الإلهية, وليس لنا أن نشك في كلمته إذ لا نستطيع فهم أسرار عنايته كلها. CCA 286.2
لو أمكن الخلائق أن تحيط فهما بالله وأعماله, اذاً, لما بقى لها, وقد بلغت هذا الحد, أي كشف آخر في الحق أو مجال للنمو في المعرفة, او توسع للمدارك أو تفتح للقلب, ولما عاد الله هو الأعلى, أما الإنسان, وقد بلغ هذه الدرجة من المعرفة والتحصيل, فيتوقف عن التقدم. فلنشكر الله على أن الأمر ليس هكذا. إن الله سرمدي, فيه مذخر ” جميع كنوز الحكمة والعلم “. بإمكان الناس أن يظلوا مدى الأبدية يبحثون ويتعلمون, فلن يستطيعوا مع ذلك أبدا أن يستنفذوا كنوز حكمته وصلاحه وقوته. CCA 286.3
وإذا لم يقدنا الروح القدس سنبقى على الدوام عرضة لأن نحرف الكتاب المقدس أو نسيء تفسيره. كثيرا ما يقرأ الكتاب المقدس قراءة عقيمة. بل في حالات كثيرة تكون هذه القراءة مضرة. فإذا تصفح القاريء كلمة الله بلا توقير أو صلاة, ولم تكن أفكاره وعواطفع مركزة على الله, أو غير منسجمة مع ارادته, غشيت العقل سحابة من الشك, واشتد الإرتياب بصحة الدين, حتى في دراسة الكتاب نفسها. فالعدو يسيطر على الأفكار ويوعز بتفاسير غير صحيحة. CCA 287.1
الكبار والصغار جميعا يهملون الكتاب المقدس, ولا يجعلونه مادة درسهم وقاعدة حياتهم. وهذا الإهمال ظاهر عند الأحداث بنوع خاص, إذ يتسع وقت معظمهم لمطالعة كتب أخرى, أما الكتاب الذي يرشدهم إلى طريق الحياة الأبدية فلا يدرسونه يوميا. ينكبون على قراءة القصص التافهة, ويهملون الكتاب المقدس الذي هو دليلنا إلى حياة أسمى وأقدس, وكان مقدرا أن يجد فيه الشبيبة أمتع كتاب قرأوه في حياتهم لو لم تعمل قراءة القصص الوهمية على إفساد مخيلتهم. CCA 287.2
وكشعب أظهر له نور عظيم, علينا أن نسمو بعاداتنا وأقوالنا وحياتنا العائلية ومعشرنا. لنحل الكتاب المقدس مكانة مكرمة كدليل في البيت, ولنتخذه مرشدا في كل معضلة, وقاسيا لكل تصرف. هلا أيقن إخوتي وأخوتي أنه لن يمكن أن يحالف النجاح الحقيقي أي نفس في دائرة العائلة ما لم يسد الحق الإلهي الذي هو حكمة البر. ينبغي للآباء والأمهات إلا يدخروا جهدا في تحرير عقولهم من العادات الخاملة — عادة اعتبار خدمة الله حملا. ولتكن قوة الحق عامل تقديس في البيت. CCA 288.1
يجب أن يتعلم الأولاد في سنيهم الباكرة مطاليب ناموس الله والإيمان بيسوع فادينا مطهرا من ادران الخطية. وليتعلموا هذا الإيمان يوما بعد يوم بالمقال والمثال. CCA 288.2