ينصح للكنيسة
تشجيع الأمهات
حين كان يسوع هنا أحضرت إليه الأمهات أولادهن لكي يضع عليهم يديه ويباركهم, فأظهرن بعملهن هذا إيمانهن بيسوع واشتياقهن القلبي الحار إلى تأمين الخير, حاضرا ومستقبلا, لصفارهن الذين أسلموا لعنايتهن. غير أن التلاميذ لم يروا حاجة لأن يقطع على السيد كلامه في سبيل الإلتفات إلى الأولاد, وإذ كان التلاميذ ينحون الأمهات, وبخهم يسوع, وأمر الجمع أن يفسحوا طريقا لهؤلاء الأمهات الأمينات ولصغارهن, قائلا : ” دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله “ وإذ عبرت الأمهات الطريق الترابية واقتربن من يسوع رأى دموعهن العفوية وشفاههن المرتعشة فيما كن يصلين, صامتات, لأجل أولادهن. سمع كلمات التوبيخ تصدر عن التلاميذ, فأبطل في الحال مسعاهم. وإذ كان قلبه العظيم المحب مفتوحا لإستقبال الأولاد, أخذهم بين ذراعيه الواحد تلو الآخر وباركهم فيما كان محتضنا طفلا صغيرا مستغرقا في نوم عميق. وخاطب يسوع الأمهات بكلمات مشجعة فيما يختص بعملهن, ويا للإنتعاش يدخله ذلك إلى نفوسهن ! وبأي فرح عظيم يتأملن في صلاح يسوع ورحمته فيما هن يعدن بالذاكرة إلى تلك المناسبة الشهيرة, فأقواله الكريمة أزاحت الحمل عن قلوبهن, وأشاعت فيهن رجاء جديدا وشجاعة منعشة, ففارقهن كل شعور بالإعياء CCA 256.1
هذا درس مشجع للأمهات في كل زمان, فبأمكانهن, بعدما يعملن أفضل ما بإستطاعتهن عمله لخير أولادهن, أن يحضرنهم إلى يسوع, وحتى الأطفال المحمولون على أذرع أمهاتهم هم عزيزون في نظره. وإذ يحن قلب الأم إلى المعونة التي تعلم هي أن لا قدرة لها على منحها, وإلى النعمة التي لا تقدر هي أن تهبها, قم تلقي بنفسها وأولادها بين ذراعي يسوع الرحيمتين, فهو يقبلهم ويباركهم ويمنحهم جميعا — أماً وأولادا — السلام والرجاء والسعادة. هذا امتياز ثمين قد وهبه يسوع لكل الأمهات. CCA 257.1
إن ملك السماء, المسيح, قال : ” دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله “ فيسوع لا يرسل الأولاد إلى الربانيين ولا إلى الفريسيين, لأنه يعرف أن هؤلاء الناس سيعلمونهم أن يرفضوا صديقهم الأفضل. إن الأمهات اللواتي أحضرن أولادهن إلى يسوع انما حسنا فعلن ... فلتأت الأمهات الآن بأولادهن إلى المسيح. وليأخذ خدام الإنجيل الأطفال في أذرعهم ويباركوهم بإسم يسوع. وليخاطبوهم بأرق كلمات المحبة, لأن يسوع أخذ حملان القطيع في ذراعيه وباركهم. CCA 257.2
لتأت الأمهات بمربكاتهن إلى يسوع, وسيجدن نعمة كافية تعينهن على تربية أولادهن. فالأبواب مفتوحة أمام كل أم تريد أن تطرح أحمالها عند قدمي يسوع ... انه ... لم يزل يدعو الأمهات ليأتين بصغارهن إليه لكي يباركهم, وحتى الطفل الذي بين ذراعي أمه يمكنه أن يبيت في ظل القدير بواسطة إيمان أمه المصلية. لقد امتلأ يوحنا المعمدان بالروح القدس منذ ولادته, فإذا كنا نعيش في شركة مع الله يمكننا نحن أن ننتظر من الروح الإلهي أن يصوغ حياة أولادنا حتى منذ أيام طفولتهم الباكرة. CCA 257.3
لقد وحد المسيح نفسه مع المتواضعين والمحتاجين والمذلين. أخذ الأطفال بين ذراعيه ونزل إلى مستوى الصغار. واستطاع قلبه الكبير المحب أن يفهم مصاعبهم واحتياجاتهم ويتمتع بسعادتهم. وإن روحه, وقد اضجرها صخب المدينة المزدحمة وضوضاؤها, واتعبتها صحبة الناس الماكرين المرائين, قد وجدت الراحة والسلام في معشر الأولاد الأبرياء. إن محضره لم ينفرهم قط. ملك السماء تنازل ليجيب أسئلتهم, وبسط دروسه الهامة لتستوعبها أفهامهم الغضة. لقد غرس في عقولهم الفتية المتوسعة بذور الحق التي ستنبت وتأتي بثمر كثير في سني نضجهم. CCA 258.1
عرف أن هؤلاء الأولاد يلتفتون لإرشاده ويقبلونه كفاديهم, بينما لم يكن الأمل هكذا كبيرا في أن يتبعه أولئك الذين كانوا قساة القلوب وحكماء في نظر أهل العالم, ويدخلوا إلى ملكوت الله. هؤلاء الصغار, إذ جاءوا إلى يسوع, وتقبلوا ارشاده وبركته, انطبعت صورته وأقواله الكريمة في عقولهم اللينة لتظل أبدا راسخة فيها. ينبغي لنا أن نتعلم درسا من عمل المسيح هذا, وهو أن قلوب الأحداث هي على أعظم جانب من الإستعداد لقبول التعاليم المسيحية, وسهلة التوجيه نحو التقوى والفضيلة, وقادرة على حفظ ما قد حصلت عليه من انطباعات. CCA 258.2
” دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله ” هذه الكلمات الثمينة يجب أن تعززها كل أم, بل كل أب أيضا. انها كلمات تشجيع للوالدين ليأتوا بأولادهم إلى حضرة يسوع, وان يطلبوا إلى الآب باسم يسوع ان يدع بركته تستقر على عائلتهم بأجمعها. وليس الأولاد المعززون فقط هم الذين يجب أن يظفروا برعاية خاصة, بل أيضا المتمردون الذين لا يقر لهم قرار, الذين يحتاجون إلى تهذيب مدقق وتوجيه رفيق. CCA 259.1
سلسلة روح النبوة — الربع الثاني , 1961 — الدرس الرابع مأخوذ من كتاب ” ارشادات للكنيسة ” بقلم : الأخت ألن هوايت طبع في دار الشرق الأوسط للطبع والنشر جميع الحقوق محفوظة CCA 259.2