الصبا و الشباب

377/512

إسعاد الوالدين

إن الأولاد المسيحيين فعلاً يؤثرون محبة والديهم الأنقياء و رضاهم على كل بركة أرضية، أجل، يحبون والديهم و يكرمونهم، و يجعلون أمر إسعادهم موضع دراستهم الرئيسي في الحياة. إن الأولاد الذين لم يتلقوا التعليم الصحيح و لم يتتلمذوا التلمذة الحقة في هذا الجيل العاصي قلما يشعرون بما عليهم من واجبات والتزامات تجاه والديهم، بل غالباً ما يزداد عقوقهم لوالديهم واستخفافهم بهم بازدياد حدب الوالدين عليهم واهتمامهم بهم. إن الأولاد الذين ينشأون مدللين مخدومين سينتظرون ذلك على الدوام، و إذا لم يتحقق انتظارهم منوا بالفشل و خمود العزيمة، و يظل هذا شأنهم طيلة حياتهم، حيث يكونوا عاجزين، يستندون على ما يتلقونه من مساعدة الآخرين، و ينتظرون أن يقدم لهم الغير فروض التكريم و الخضوع. أما إذا لم يجابوا إلى طلبهم، حتى بعدما يكونون قد بلغوا دور الروجولة، اعتبروا ذلك غبناً في حقهم و انتهاكاً لحرمتهم، و ترافقهم هذه الصورة الكئيبة طيلة سفرتهم في الحياة و هم خائرون، يتأففون غالباً و يهتاجون لأن الأمور لا تجري على هواهم... SM 350.1

ليشعر الأولاد أنهم مدينون الذين سهروا عليهم مواليد، واحتضنوهم و آسوهم مرضى، و ليدركوا أن والديهم احتملوا في سبيلهم أشد العناء، و نخص بالذكر الوالدين السليمي النية، الأتقياء الذين تخالجهم الرغبة القوية الصادقة في أن يسلك أولادهم سواء السبيل، فما أشد ما يكون انسحاق قلوبهم حين يرون الأخطاء في حياة أولادهم، و لو استطاع أولئك الأولاد الذين أثقلوا تلك القلوب بالألم أن يروا تأثير مسلكهم إذاً لترفقوا ولانوا، ولو استطاعوا أن يروا دموع أمهم و يضغوا لابتهالاتها إلى الله من أجلهم، ولو قدّر لتأوهاتها الكظيمة الحزينة أن تبلغ سمعهم إذاً لمسّ الشعور قلوبهم و لسارعوا إلى الاعتراف بأخطائهم و طلب العفو عنها... SM 351.1