مشتهى الأجيال
رسالة الحق للجميع
ينبغى ألاّ نضيق دائرة دعوة الإنجيل فنقدمها إلى جماعة قليلة مختارة ممن نظن أنهم يشرفوننا لو قبلوها. بل يجب أن نقدم الرسالة إلى الجميع ، فأينما تنفتح القلوب لقبول الحق فالمسيح يكون على أتم استعداد لأن يعلمها . إنه يعلن لهم الآب ، والعبادة المقبولة لدى ذاك الذي يعرف خفايا القلوب . مثل هؤلاء لا يكلمهم بأمثال بل يقول لهم ما قاله السامرية: “أَنا الَّذي أُكَلِّمك هو”. ML 171.2
إن يسوع عندما جلس ليستريح على بئر يعقوب كان قادما من اليهودية حيث لم تسفر خدمته إلاّ عن ثمار قليلة. لقد رفضه كهنة اليهود ومعلموهم ، وحتى الشعب الذين اعترفوا بأنهم تلاميذه عجزوا عن إدراك صفته الإلهية . لقد كان مضنى ومتعبا ، ومع ذلك فهو لم يهمل فرصة التحدث مع امرأة واحدة مع أنها كانت غريبة وأجنبية عن إسرائيل وعائشة في خطية كانت ترتكبها جهارا. ML 171.3
إن السيد لم ينتظر حتى تجتمع جماهير غفيرة. ففي أحيان كثيرة كان يبدأ في إلقاء تعاليمه على جماعة قليلة ملتفين حوله ، ولكن العابرين كانوا يقفون ليسمعوه واحدا فواحدا حتى يسمع جمع غفر كلمة الله بدهشة ورهبة من فم ذلك المعلم المرسل من السماء. إن من يخدم المسيح ينبغى ألاّ يحس بأنه لا يستطيع أن يكلم جماعة صغيرة بنفس الغيرة والحماسة اللتين بهما يكلم جمعا غفيرا . ربما يكون فرد واحد هو الذي يسمع الرسالة ، ولكن من ذا الذي يستطيع أن يقرر مدى تأثير تلك الرسالة . لقد بدا حتى للتلاميذ أمرا تافها أن يقضي المخلص وقته في التحدث مع المرأة السامرية . ولكنه جعل يحاجها بكل حكمة وغيرة وبلاغة أكثر مما يعمل مع الملوك والحكام أو رؤساء الكهنة . إن التعاليم التي علمها لتلك المرأة وصلت إلى أقصى حدود الأرض. ML 171.4
إن السامرية حالما وجدت المخلص أتت إليه بأناس آخرين. ولقد برهنت على أنها مرسلة أقوى من التلاميذ أنفسهم . إن التلاميذ لم يجدوا في السامرة ما يدل على أنها حقل مشجع . كانت أفكارهم منحصرة في عمل عظيم يتمم مستقبلا ، ولم يكونوا يدرون أن حولهم وبالقرب منهم حصادا ينتظر من يجمعه . ولكن بواسطة المرأة التي ازدروها أتى كل شعب المدينة ليسمعوا كلام المخلص ، وسرعان ما حملت النور إلى مواطنيها. ML 172.1
هذه المرأة تمثل عمل الإيمان العملي بالمسيح. إن كل تلميذ حقيقي يولد في ملكوت الله هو مرسل . والذي يشرب من الماء الحي يصير فيه ينبوع حياة ، فالذي يأخذ سيبذل ويعطي ، ونعمة المسيح في النفس تشبه نبع ماء في الصحراء يتفجر منه الماء لينعش الجميع ، ويجعل أولئك المشرفين على الهلاك راغبين في أن يشربوا من ماء الحياة. ML 172.2