مشتهى الأجيال
أورشليم أو جرزيم
وبكل صبر سمح لها يسوع أن تمضي في حديثها كما تريد. وفي أثناء ذلك كان هو يراقب الفرصة التي فيها يدخل الحق إلى قلبها . قالت له: “آباؤنا سجدوا في هذا الجبل، وأنتم تقولون إن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه” (يوحنا 4 : 20). وقد كان جبل جرزيم على مرأى العين ، وكان الهيكل المبني عليه قد هدم ولم يبق منه غير المذبح. كان مكان العبادة ذاك موضوع نزاع بين اليهود والسامريين . إن بعض أسلاف السامريبن كانوا قبلا ضمن شعب إسرائيل ، ولكن بسبب خطاياهم سمح الرب لأمة وثنية أن تنتصر عليهم. ولمدى أجيال طويلة اختلطوا بالوثنيين الذين أفسدت ديانتهم تدريجيا ديانة هؤلاء .نعم إنهم كانوا يعتقدون أن أوثانهم إن هي إلاّ لتذكرهم بالله الحي سيد الكون ، ومع ذلك فإن هذا الشعب جعل يكرم تماثيلهم المنحوتة ويمجدها. ML 164.4
وعندما أعيد بناء هيكل أورشليم في عهد عزرا حاول السامريون أن يشاركوا اليهود في إقامته. ولكن اليهود رفضوا هذا ، ولذلك نشأت عداوة مرة بين الشعبين . وقد بنى السامريون هيكلا منافسا لهيكل اليهود على جبل جرزيم . وكانت تقام فيه العبادة طبق الطقوس الموسوية ، وإن كانوا لم يبطلوا العبادة الوثنية تماما . ولكن الكوارث لاحقتهم فخرب الأعداء هيكلهم وبدا كأنهم واقعون تحت اللعنة . ومع ذلك ظلوا محتفظين بتقاليدهم وطقوس عبادتهم ، ورفضوا الاعتراف بهيكل أورشليم على أنه بيت الله أو بأن ديانة اليهود أفضل من ديانتهم. ML 165.1
وجوابا عن سؤال المرأة قال يسوع: “يا امرأة، صدّقيني أنه تأتي الساعة، لا في هذا الجبل، ولا في أورشليم تسجدون للآب. أنتم تسجدون لما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لما نعلم. لأن الخلاص هو من اليهود” (يوحنا 4 : 21 و 22). كان يسوع قد أبان للمرأة أن قلبه خال من التعصب اليهودي ضد السامريين ، والآن ها هو يحاول أن يهدم تعصب هذه السامرية ضد اليهود . وإذ أشار إلى حقيقة كون عقيدة السامريين مشوبة بالعقائد الوثنية ، أعلن لها أن حقائق الفداء العظيمة قد سلِّمت لليهود وأن مسيا سيظهر من بينهم . ففي أسفارهم المقدسة كان لديهم عرض واضح لصفات الله ومبادئ حكمه . وقد اعتبر يسوع نفسه ضمن اليهود على أنهم الشعب الذي قد عرفه الله بنفسه. ML 165.2
لقد حاول أن يرفع تفكير هذه المرأة فوق الرسميات والطقوس والمسائل الجدلية فقال لها: “ تأتي ساعة، وهي الآن، حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق، لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا” (يوحنا 4 : 23 و 24). ML 165.3