مشتهى الأجيال
الحية المرفوعة
هنا منطقة مألوفة لدى نيقوديموس. إن رمز الحية النحاسية المرفوعة أوضح له مهمة المخلص . عندما كان بنو إسرائيل يموتون من لدغات الحيات المحرقة أمر الله موسى بأن يصنع حية من نحاس ليرفعها على سارية في وسط الشعب . حينئذ أطلق النداء في كل المحلة بأن كل من نظر من الملدوغين إلى حية النحاس يحيا . وقد عرف الشعب جيدا بأن الحية في ذاتها لا يمكنها أن تقدم لهم أية معونة . ولكنها كانت رمزا إلى المسيح . فكما أن تمثال الحية المصنوع على هيئة حية مميتة قد رفع عاليا لأجل شفاء الشعب ، هكذا ذاك الذي صار “في شبه جسد الْخَطية” صار فاديا لهم (رومية 8 : 3). إن كثيرين من بني إسرائيل اعتبروا أن خدمة الذبائح في حد ذاتها كانت فيها قوة يتحررون بها من الخطية . ولكن الله أراد أن يعلمهم أنه لا قوة فيها أكثر مما في حية النحاس ، وأن الغرض منها كان توجيه العقول والقلوب إلى المخلص. فسواء بالنسبة إلى إبراء جروحهم أو غفران خطاياهم لم يكونوا يستطيعون أن يفعلوا لأنفسهم شيئا إلاّ أن يظهروا إيمانهم بعطية الله . كان عليهم أن يلتفتوا ويحيوا ML 152.3
كان يمكن أن من قد لدغتهم الحيات يرجئون النظر إلى الحية النحاسية ، وكان يمكنهم أن يتساءلوا عن كيف يمكن لذلك الرمز النحاسي أن تكون فيه أية قوة. وكان يمكنهم أن يطلبوا تفسير ذلك علميا . ولكن لم يعطَ لهم أي تفسير . إنما كان عليهم أن يقبلوا كلمة الله التي أرسلها إليهم على يد موسى . فالذي يرفض النظر إلى حية النحاس لابد من هلاكه. ML 153.1
إن النفس لا تستنير بالمجادلات والمباحثات ، بل ينبغي لنا أن نلتفت ونحيا. قبل نيقوديموس الدرس وحمله معه ، ثم فتش الكتاب بطريقة جديدة لا ليجادل في نظرية بل ليقبل حياة لنفسه . وقد بدأ يرى ملكوت السماوات عندما خضع لإرشاد الروح القدس. ML 153.2
يوجد اليوم آلاف من الناس الذين هم بحاجة إلى تعلم نفس هذا الحق الذي قد تعلمه نيقوديموس عن الحية المرفوعة. إنهم يتكلون على طاعتهم لناموس الله لينالوا بواسطتها حظوة لديه . وعندما يؤمرون بأن يلتفتوا إلى يسوع ويؤمنوا بأنه يخلصهم بنعمته وحدها يصرخون قائلين: “كَيفَ يمكن أَنْ يكُونَ هذَا؟”. ML 153.3
علينا أن نكون مثل نيقوديموس راغبين في الدخول إلى الحياة بنفس الطريقة التي قد دخل بها أول الخطاة. وبدون المسيح “ليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء، قد أعطي بين الناس، به ينبغي أن نخلص” (أعمال 4 : 12). إننا بالإيمان نقبل نعمة الله ، ولكن الإيمان ليس هو مخلصنا . إنه لا استحقاق فيه . إنما هو فقط اليد التي بها نتمسك بالمسيح ونخصص لأنفسنا استحقاقاته التي هي علاج الخطية . حتى التوبة نفسها لا يمكننا أن نمارسها بدون معونة روح الله . والكتاب يقول عن المسيح: “هذَا رَفَّعه اللهُ بِيمينه رَئِيسا وَمخَلِّصا ، لِيعطي إِسرائِيلَ التَّوبةَ وَغُفْرانَ الْخَطَايا” (أعمال 5 : 31). إن التوبة تأتينا من المسيح كالغفران سواء بسواء. ML 153.4