مشتهى الأجيال

74/684

تحدي سلطان إبليس

ومنذ رن صوت ذلك الإعلان الإلهي في جنة عدن قائلا للحية: “وَأَضع عداوَةً بيَنك وَبين اْلمرأَةِ ، وَبين نَسلك وَنسلها” (تكوين 3 : 15) علم الشيطان أنه لم يخضع العالم لنفسه إخضاعا كاملا . فلقد كانت هنالك قوة تعتمل في قلوب البشر تقاوم الشيطان وتصمد أمام سلطانه . وقد كان يراقب باهتمام زائد الذبائح التي كان آدم ونسمله يقدمونها ، فرأى في تلك الطقوس رمزا للشركة بين الأرض والسماء . وقد بذل قصاراه ليوقف هذه الشركة. وأساء في تصوير الله وتصوير الطقوس التي كانت تشير إلى المخلص . وبذلك جعل الناس يخافون من الله وينظرون إليه كمن يسر بإهلاكهم . والذبائح التي كان ينبغي أن تعلن محبته كانت تقدم فقط بقصد تسكين غضب الله . ثم أثار الشيطان شهوات الناس الشريرة لكي يثبت سلطانه عليهم . وعندما سلم الله كلمته المكتوبة للناس جعل الشيطان يدرس النبوات الخاصة بمجيء المخلص . ومن جيل إلى جيل حاول أن يعمي الناس عن هذه النبوات حتى يرفضوا المسيح عندما يجيء. ML 96.1

ولما ولد يسوع علم الشيطان أن شخصا قد أتى بتفويض إلهي يتحدى سلطانه وينازعه عليه. فارتعب من رسالة الملاك التي شهدت لسلطان الملك الوليد . ولقد عرف الشيطان جيدا المركز الذي احتله المسيح في السماء كحبيب الآب . فكون ابن الله يأتي إلى الأرض كإنسان ، ملأه دهشة وخوفا . ولم يستطع أن يسبر سر هذه التضحية العظيمة ، إذ أن نفسه المحبة لذاتها لم تستطع أن تدرك تلك المحبة المقدمة لجنسنا الذي قد خدعه الشيطان . ولم يكن الناس يدركون جيدا مجد السماء وسلامها ولا فرح الشركة مع الله ، ولكن هذه كانت معروفة تماما لدى لوسيفر- الكروب المظلل . ومنذ أن خسر السماء عزم على أن يثأر لنفسه بأن يشرك آخرين معه في سقوطه . ويمكنه عمل ذلك بكونه يجعل الناس يبخسون قدر الأمور السماوية ويجعلهم يضعون قلوبهم على الأرضيات. ML 96.2

ولم يكن يمكن لرئيس جند السماء أن يكسب قلوب الناس لملكوته دون أن تقوم في طريقه العراقيل والعقبات. فمنذ أن كان طفلا في بيت لحم أخذ الشرير يهاجمه دون انقطاع . لقد كانت صورة الله واضحة المعالم في وجه المسيح ، لذا عزم مجمع الشيطان على أن يقهروه . حيث لم يوجد إنسان جاء إلى العالم ونجا من سلطان ذلك المخادع. وقد تعقب أجناد ذلك الحلف الجهنمي خطوات السيد لكي يشهروا عليه الحرب ويغلبوه إن أمكنهم ذلك. ML 96.3

كان الشيطان بين الشهود في معمودية المخلص. وقد رأى مجد الآب يظلل الابن السماوي . وسمع كذلك صوت الله معلنا ألوهية يسوع . ومنذ أن أخطأ آدم كان الجنس البشري قد انقطعت شركته مع الله ، وصار الاتصال بين الأرض والسماء عن طريق المسيح . أما الآن وقد جاء يسوع “في شبه جسد اْلخطية” (رومية 8 : 3) فقد تكلم الآب نفسه . كان قبلا يتصل بالبشر عن طريق المسيح ، أما الآن فهو يتصل بهم في المسيح . لقد كان الشيطان يأمل أنه بسبب كراهية الله وبغضه للشر سيحدث انفصال أبدي بين الأرض والسماء ، ولكن وضح الآن أن الصلة بين الله والإنسان قد أعيدت. ML 97.1