مشتهى الأجيال
يبتدئون من أورشليم
وقبلما ترك المسيح تلاميذه أوضح لهم طبيعة ملكوته . وقد ذكرهم بما سبق أن قاله لهم عن هذا الملكوت . وأعلن لهم أنه لا يريد أن يقيم في هذا العالم ملكوتا زمنيا بل ملكوتا روحيا . إنه لن يملك على عرش داود كملك أرضي . ومرة أخرى أوضح لهم الكتب مبرهنا لهم أن كل ما حدث له كان معينا في السماء ومرسوما في المقررات التي بينه وبين الآب . وقد سبق رجال الله الملهمون بالروح القدس فأنبأوا بكل هذا . قال لهم: ها أنتم ترون أن كل ما قد أعلنته لكم عن رفض الأمة لي كمسيا قد حدث . وثبت كل ما أعلنته لكم فيما يختص بالإذلال الذي قاسيته . وفي اليوم الثالث قمت ثانية . فتشوا الكتب بأعظم اجتهاد لتروا أن كل ما قد حددته النبوات عني قد تم. ML 774.2
وقد أوصى المسيح تلاميذه أن ينجزوا العمل الذي تركه أمانة بين أيديهم وأن يبتدئوا من أورشليم . لقد كانت أورشليم مسرح اتضاعه وتنازله المذهل لأجل الجنس البشرى ، وفيها تألم ورفض وحكم عليه بالموت . لقد ولد في أرض اليهودية ، وهناك إذ أخذ جسما بشريا سار بين الناس ، وقليلون من الناس كانوا يدركون إلى أى مدى اقتربت السماء من الأرض عندما عاش يسوع بين الناس . فينبغي للتلاميذ أن يبدأوا خدمتهم من أورشليم. ML 774.3
وبالنظر إلى كل الآلام التي احتملها المسيح هناك ، والأتعاب والجهود التي بذلها ولم يقدرها الناس كان يمكن للتلاميذ أن يطلبوا من السيد أن يرسلهم إلى حقل أفضل يبشر بالنجاح ، ولكنهم لم يتقدموا إليه بذلك الطلب . كان ينبغي للتلاميذ أن يتولوا بالغرس والرعاية نفس الحقل الذي ألقى المسيح فيه بذار الحق . وسينمو البذار ويأتي بثمر كثير. كان على التلاميذ أن يحتملوا الاضطهاد وهم يقومون بعملهم بسبب حسد اليهود وعداوتهم. لأن هذا ما سبق معلمهم واحتمله ، فعليهم ألا يهربوا من الاضطهاد ، وينبغي أن تقدم أول هبات الرحمة لقاتلي المخلص. ML 774.4
وكان في أورشليم كثيرون ممن كانوا قد آمنوا بيسوع وكثيرون ممن كان الكهنة والرؤساء قد غرروا بهم ، فكان لابد أن يقدم الإنجيل لهؤلاء أيضاً ، وكان يجب أن يدعوا للتوبة . وكان ينبغي إيضاح هذا الحق العجيب وهو أنه لا يمكن الحصول على غفران الخطايا إلا عن طريق المسيح وحده . وإذ هاجت كل أورشليم بسبب الحوادث المثيرة التي وقعت في الأسابيع القليلة الماضية ، فإن الكرازة بالإنجيل كانت مزمعة أن تحدث في النفوس أعمق التأثيرات. ML 775.1