مشتهى الأجيال
اجتماع المؤمنين
وفي الوقت المعين اجتمع حوالي خمس مئة من المؤمنين في جماعات صغيرة على الجبل وهم مشتاقون لمعرفة كل ما يمكنهم أن يعرفوه ممن قد رأوا المسيح بعد قيامته .وقد جعل التلاميذ يمرون من جماعة إلى أخرى يخبرونهم بكل ما قد رأوه وسمعوه عن يسوع . وكانوا يناقشونهم مما في الكتب كما قد فعل هو معهم . وأخبر توما بقصة عدم إيمانه وكيف تلاشت شكوكه . وفجأة وقف يسوع في وسطهم . ولم يستطع أحد منهم أن يعرف من أين ولا كيف جاء . وكثيرون ممن كانوا مجتمعين هناك لم يسبق لهم أن رأوه قط ، ولكنهم شاهدوا آثار الصلب في يديه ورجليه . وكانت طلعته كوجه الله . فعندما رأوه سجدوا له. ML 772.3
ولكن بعضهم شكوا كما هي الحال دائما . إذ هناك أناس صعب عليهم أن يدربوا إيمانهم فيضعون أنفسهم في صفوف المتشككين . هؤلاء يخسرون كثيرا بسبب عدم إيمانهم. ML 773.1
كان هذا هو اللقاء الوحيد بين يسوع وكثيرين من المؤمنين بعد قيامته ، فتقدم إليهم وخاطبهم قائلا: “دفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض” (متى 28 : 18). كان التلاميذ قد سجدوا له قبلما كلمهم ، ولكن كلامه هذا الذي خرج من بين شفتيه اللتين كان قد أغلقهما الموت ملأهم بقوة خاصة . لقد كان الآن هو المخلص المقام . كان كثيرون منهم قد رأوه يستخدم قوته في شفاء المرضى وإخراج الشياطين . وكانوا يؤمنون أن عنده قوة يستطيع بواسطتها أن يقيم ملكوته في أورشليم ، وقوة على إخماد كل مقاومة ، وقوة على عناصر الطبيعة . لقد سكن البحر الصاخب ومشى على أمواجه الثائرة وأعاد للموتى الحياة . والآن هاهو يعلن أن: “كُلُّ سْلطانٍ” قد دفع إليه . وانتقل كلامه بأذهان سامعيه من الأمور الأرضية والزمنية إلى الأمور السماوية الابدية . لقد حلقت أذهانهم في الأعالي إلى أسمى إدراك لعظمته ومجده. ML 773.2
كان كلام المسيح على ذلك الجبل إعلانا بأن ذبيحته التي قدمها لأجل الناس كاملة .وقد تمت كل شروط الكفارة ، وأكمل العمل الذي لأجله أتى إلى هذا العالم ، وكان هو في طريقه إلى عرش الله ليمجده ويكرمه الملائكة والرياسات والسلاطين . لقد دخل إلى عمله كوسيط . فإذ كان متسربلا بسلطان لا حد له كلف التلاميذ بهذه المأمورية قائلا لهم: “فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر” (متى 28 : 19 و 20). ML 773.3
لقد كانت الأمة اليهودية مستودعاً للحق المقدس . ولكن المبادئ الفريسية جعلتهم أشد أمم الأرض انطواء وتعصبا . فكل ما كان يختص بالكهنة والرؤساء - ملابسهم وعاداتهم وطقوسهم وتقاليدهم-جعلتهم غير مستأهلين لأن يكونوا نورا للعالم . لقد نظرت تلك الأمة إلى نفسها على أنها هي العالم ، ولكن المسيح أرسل تلاميذه ليكرزوا بإيمان وعبادة لا أثر فيهما لنظام الطبقات أو القومية ، إيمان يلائم كل الشعوب والأمم وكل طبقات الناس. ML 774.1