مشتهى الأجيال

668/684

دروس ليومنا

كان قول المسيح لبطرس: “اتبعني” غنيا بالتعاليم . وقد أعطي له الدرس ليس فقط لأجل ساعة موته بل لأجل كل خطوات حياته . كان بطرس قبل الآن يميل لأن يعمل مستقلا . لقد حاول أن يرسم الخطط لأجل عمل الله بدلا من أن ينتظر ليعمل بموجب تدبير الله . ولكنه لم يكسب شيئا من اندفاعه أمام الرب . وها يسوع يأمره قائلا “اتبعني”. لا تركض أمامي حتى لا تلتزم أن تواجه قوات الشيطان وحدك . دعني أسير أمامك حتى لا تنهزم أمام العدو. ML 769.4

وفيما كان بطرس سائرا بجوار يسوع رأى يوحنا يتبعهما ، إذ كان يرغب في معرفة مستقبله: “قال يسوع: يا رب، وهذا ما له؟ قال له يسوع: إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أجيء، فماذا لك؟ اتبعني أنت!” (يوحنا 21 : 21 و 22). كان على بطرس أن يعلم أن سيده يريد أن يعلن له كل ما يكون من الخير له أن يعلمه . ينبغي لكل واحد أن يتبع المسيح بغير جزع غير لائق فيما يختص بالعمل المعين للآخرين . إن قول يسوع عن يوحنا: “إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أجيء” لم يكن فيه أي تأكيد أن هذا التلميذ سيبقى إلى مجيء المسيح ثانية . إنما هو فقط أكد سلطانه المطلق ، وأنه حتى لو كان يشاء حدوث هذا فإنه لا يؤثر في عمل بطرس بأي حال ، أن مستقبل كل من يوحنا وبطرس هو في يد سيدهما وكان على كل منهما أن يطيعه ويتبعه. ML 770.1

ما أكثر من يشبهون بطرس منا في هذه الأيام ! إنهم مهتمون بشئون الآخرين ويشتاقون لمعرفة واجبهم في حين أنه يخشى عليهم من إهمال واجباتهم . إن عملنا هو النظر إلى المسيح واتباع خطواته . إننا سنرى أخطاء في حياة الآخرين ونقصا في أخلاقهم . إن البشرية مكتنفة بالضعف ولكننا نجد الكمال في المسيح . فإذ نشخص إليه نتغير. ML 770.2

عاش يوحنا حتى صار شيخا هرما . لقد شاهد خراب أورشليم وخراب الهيكل العظيم -رمزا لخراب العالم في النهاية . وظل يوحنا يتبع آثار خطوات سيده عن أقرب قرب إلى نهاية حياته . وكانت خلاصة شهادته للكنائس هي هذه: “أيها الأحباء، لنحب بعضنا بعضاً”، “ومن يثبت في المحبة، يثبت في الله والله فيه” (1 يوحنا 4 : 7 و 16). ML 770.3

لقد أعيد بطرس إلى رتبة الرسولية ولكن الكرامة والسلطان اللذين أعطيا له من المسيح لم يخولاه حق السيادة على إخوته . وهذا أوضحه المسيح جيدا ، إذ عندما سأل بطرس يسوع قائلا: “وهذا ما له؟” أجابه السيد بقوله: “فماذا لك؟ اتبعني أنت!” (يوحنا 21 : 22). لم يكرم بطرس كرأس الكنيسة ورئيسها . إن الإحسان الذي أبداه له المسيح إذ غفر له ارتداده ، وتكليفه برعاية القطيع ، وأمانة بطرس في اتباع المسيح- كل ذلك جعله يظفر بثقة إخوته . وقد كان له نفوذ كبير في الكنيسة . ولكن الدرس الذي علمه المسيح لبطرس عند بحر الجليل ظل راسخا في ذهنه مدى الحياة . وإذ يكتب إلى الكنائس بإلهام الروح القدس يقول: “أطلب إلى الشيوخ الذين بينكم، أنا الشيخ رفيقهم، والشاهد لآلام المسيح، وشريك المجد العتيد أن يعلن، ارعوا رعية الله التي بينكم نظاراً، لا عن اضطرار بل بالإختيار، ولا لربح قبيح بل بنشاط، ولا كمن يسود على الأنصبة، با صائرين أمثلة للرعية. ومتى ظهر رئيس الرعاة تنالون إكليل المجد الذي لا يبلى” (1 بطرس 5 : 1 — 4). ML 770.4