مشتهى الأجيال
إساءة فهم مهمة يسوع
لقد نظر الملك في بهائه فنسى نفسه. رأى القداسة في جلالها فأحس بعجزه وعدم استحقاقه . وكان على تمام الأهبة للخروج كرسول السماء غير مخوف من إنسان بشري لأنه قد رأى الله . لقد استطاع أن يقف ثابتا وشجاعا في حضرة الملوك الأرضيين لأنه قد سجد متضعا أمام ملك الملوك ML 84.4
لكن يوحنا لم يكن يدرك تماما طبيعة ملكوت مسيا ، فكان ينتظر خلاص الأمة الإسرائيلية من أعدائها ، بينما مجيء الملك بالبر وتثبيت إسرائيل كأمة مقدسة كان ذلك هو الغاية العظمى لرجائه. وهكذا آمن بأن النبوة التي قيلت عند ولادته ستتم وهى تقول : “لِيصَنع رَحمةً ... وَيذكُر عهدهُ اْلمقدسَ ... أَنْ يعطيَنا إِنَّنا بِلا خَوفٍ ، منَقذين من أَيدي أَعدائِنا ، نَعبدهُ بِقداسة وَبِر قُدامه جميع أَيامِ حياتَنا” (لوقا 1 : 72 — 75). ML 85.1
إنه قد رأى بني شعبه مخدوعين ومكتفين بنفوسهم ونائمين مستريحين في خطاياهم ، فتاق إلى إيقاظهم لحياة القداسة. وقد كانت غاية الرسالة التي أعطاه الله إياها ليحملها إليهم هي إيقاظهم من سباتهم العميق وجعلهم يرتعبون من شرورهم العظيمة . إذ قبلما يجد بذار الإنجيل مكانا كان يجب حرث تربة القلب ، وقبلما يطلبون من يسوع الشفاء كان عليهم أن يتحققوا من هول خطر جروح الخطية التي فيهم. ML 85.2
إن الله لا يرسل رسله ليتملقوا الخطاة ، ولا يرسل رسالة السلام لكي يجعل النجسين يستكنون في طمأنينتهم الكاذبة المؤدية إلى الهلاك. ولكنه يثقل الحمل على ضمائر الأثمة ويطعن النفس بسهام التبكيت . إن الملائكة الخادمين يستعرضون أمامهم دينونة الله الرهيبة ليعمقوا فيهم الإحساس بحاجتهم لكي يصرخوا قائلين: “ماذَا يْنبغي أَنْ أَفعلَ لِكي أخلُص؟” (أعمال 16 : 30). وحينئذ فاليد التي قد أذلتهم وأجلستهم في التراب سترفع التائبين منهم. والصوت الذي وبخ الخطية وأخزى الكبرياء والطموح يسأل الخاطئ بأرق عبارات العطف قائلا: “ماذَا تُرِيد أَنْ أَفعلَ بِك؟ ” (لوقا 18 : 41). ML 85.3