مشتهى الأجيال

62/684

العيش في البرية

لقد وجد يوحنا في البرية مدرسته ومقدسه. فكموسى ، وهو في وسط جبال مديان ، كان هو أيضا محاصرا بحضور الله ، ومحاطا ببراهين قدرته . لم يكن نصيبه أن يعيش في وسط جلال معتكفات الجبال العظيمة كما كانت الحال مع قائد إسرائيل العظيم ، ولكنه كان يرى أمامه جبال موآب عبر الأردن ، وكانت تتحدث عن ذاك المثبت الجبال والذي يمنطقها بالقوة . إن منظر الطبيعة المرعب الكئيب في البرية التي عاش فيها صور أمامه حالة إسرائيل بكل وضوح. فإن كرم الرب الشهي المحمل بالثمار قد أمسى خرابا يبابا. ولكن فوق الصحراء الجرداء انبسطت السموات المنيرة الجميلة . والسحب المتجمعة التي كانت تنذر بعاصفة هائلة كان يزينها قوس قزح الوعد . وهكذا أشرق مجد ملك مسيا الموعود به فوق انحطاط إسرائيل ، وسطع نور قوس عهد رحمة الله فوق سحب الغضب ML 83.4

وإذا كان منفردا في الليل الساكن كان يقرأ وعد الله لإبراهيم بالنسل الذي كنجوم السماء التي لا تعد ولا تحصى . كما أن نور الفجر الذي كان يضيء جبال موآب كان يحدثه عن ذاك الذي سيكون “كَنُورِ الصباحِ إِذَا أَشرقت الشَّمس” (2 صموئيل 23 : 4). وفي ضياء النور عند الظهر رأى بهاء ظهوره عندما “يعَلن مجد الربِّ وَيراهُ كُلُّ بشرٍ جميعا” (إشعياء 40 : 5). ML 84.1

وبروح متهيبة ومبتهجة في نفس الوقت كان يفتش الأسفار النبوية عن إعلانات مجد مسيا- النسل الموعود به المزمع أن يسحق رأس الحية ، شيلون “ مانح السلام” المزمع أن يظهر قبل أن ينتهي حكم آخر ملك ممن يجلسون على عرش داود. لقد جاء الوقت الآن ، ففي القصر المبني على جبل صهيون كان يجلس والٍ روماني . وبموجب كلمة الله الأكيدة ولد المسيح. ML 84.2

كانت الصور التي صورها إشعياء في رؤياه عن مجد مسيا موضوع دراسة يوحنا ليلا ونهارا- الغصن الذي كان ينبت من أصل يسى ، الملك الذي يملك بالعدل “ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض” ويكون “كمخبأ من الريح ... كظلّ صخرة عظيمة في أرض معيية” ، فلا يقال عن أورشليم فيما بعد “مهجورة” ولا يقال بعد لأرضها بل “موحشة” تدعى “حفصيبة” وتدعى أرضها “بعولة” (إشعياء 11 : 4 ؛ 32 : 2 ؛ 62 : 4) ، فامتلأ قلب ذلك الشاب المنفي المعتزل بالرؤيا المجيدة. ML 84.3