مشتهى الأجيال

651/684

صوت السيد الرب

وقد تبعت مريم بطرس ويوحنا إلى القبر ، فلما رجعا إلى أورشليم ظلت هي هناك .وإذ كانت تتطلع إلى داخل القبر الفارغ ملأ الحزن قلبها . وإذ تطلعت رأت الملاكين واحدا عند الرأس والآخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعا . فسألاها قائلين: “فقالا لها: يا امرأة لماذا تبكين؟ قالت لهما: إنهم أخذوا سيدي، ولست أعلم أين وضعوه!” (يوحنا 20 : 13). ML 748.1

وبعد ذلك اتجهت إلى ناحية أخرى بعيدا عن الملاكين إذ ظنت أنها لا بد أن تجد من يخبرها عما صنع بجسد يسوع . وإذا بصوت آخر يسألها قائلا: “يا امرأة، لماذا تبكين؟ من تطلبين؟” (يوحنا 20 : 15) فمن خلال الدموع التي امتلأت بها عيناها رأت رجلا . “فقالت له: يا سيد، إن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته، وأنا آخذه” (يوحنا 20 : 15). إذا كان قبر هذا الرجل الغني أكرم من أن يدفن فيه جسد يسوع فستجد هي نفسها مكانا له . هناك قبر خرج منه ساكنه بكلمة المسيح حيث كان لعازر مضطجعا . أفلا يمكنها أن تجد قبرا هناك تدفن فيه سيدها ؟ وقد كانت تحس أن احتفاظها بجسد سيدها المصلوب العزيز يكون عزاء عظيما لها في حزنها . ML 748.2

ولكن الآن هاهو يسوع يقول لها بصوته المألوف لديها: “يا امرأة” وقد عرفت الآن أن الذي يخاطبها لم يكن إنسانا غريبا . فلما نظرت إليه رأت أمامها المسيح الحي . ففي فرحها نسيت أنه قد صلب . فوثبت إليه كأنما لتحتضن رجليه وقالت: “ربّوني” ولكن المسيح رفع يديه قائلاً لها: “لا تعيقيني”. “قال لها يسوع: لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي. ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم” (يوحنا 20 : 16 و 17). فسارت مريم راجعة في طريقها إلى التلاميذ وفي فمها تلك الرسالة المفرحة. ML 748.3

رفض يسوع قبول الولاء من أتباعه حتى أيقن أن الآب قد قبل ذبيحته . لقد صعد إلى المواطن السماوية وسمع من الله نفسه تأكيدا أن كفارته التي قدمها عن خطايا الناس كافية وأن الجميع يمكنهم أن ينالوا بدمه الحياة الأبدية . وقد أقر الآب عهده مع المسيح وأنه سيقبل التائبين المطيعين ويحبهم كما يحب ابنه . كان على المسيح أن يتمم عمله وينجز عهده كما قال: “وأجعل الرجل أعز من الذهب الإبريز، والإنسان أعو من ذهب أوفير” (إشعياء 13 : 12). وقد دفع كل سلطان في السماء وعلى الأرض إلى رئيس الحياة . ثم عاد إلى تابعيه في عالم الخطية ليوزع عليهم من قوته ومجده. ML 748.4

عندما كان المخلص في حضرة الله يتقبل العطايا لأجل كنيسته كان التلاميذ يفكرون في قبره الفارغ وهم ينوحون ويبكون . فذلك اليوم الذي كان يوم بهجة وفرح لكل السماء كان يوم شكوك وحيرة وارتباك للتلاميذ . إن عدم تصديقهم لشهادة النساء يرينا إلى أي حد هبط إيمانهم وضعف . وخبر قيامة المسيح كان يختلف اختلافا بينا عما كانوا يتوقعونه بحيث لم يصدقوه . لقد ظنوا ذلك الخبر طيبا إلى حد يصعب تصديقه . لقد سمعوا كثيرا من التعاليم وما يسمى نظريات الصدوقيين العلمية حتى أن الأثر الذي طبعه خبر القيامة في أذهانهم كان ملتبسا وغامضا . إنهم لم يكونوا يعرفون إلا النزر اليسير عن معنى القيامة من الأموات . وكانوا عاجزين عن الإلمام بهذا الموضوع العظيم. ML 749.1