مشتهى الأجيال
خطايا العالم تسحق قلبه
والآن فها رب المجد يموت كفارة عن البشرية . وإذ أسلم المسيح حياته الغالية لم يصده فرح النصرة ، فكل ما كان حوله كان ظلاما يصعب احتماله . إن ما كان يضغط على نفسه لم يكن هو الخوف من الموت ، ولم يكن عار الصليب هو الذي سبب له عزابا لا يوصف . فقد كان المسيح سيد المتألمين . ولكن آلامه كان سببها إحساسه بشر الخطية وعلمه أنه لكون الشر صار أمرا مألوفا لدى الإنسان فقد عمي الإنسان عن شناعته وهوله، كما رأى المسيح مقدار تحكم الخطية في القلب البشري وقلة عدد من يرغبون في التحرر من عبوديتها . وعرف أنه بدون معونة الله لابد من هلاك بني الإنسان . رأى جماهير كثيرة من الناس يهلكون وهم قريبون من المعونة الإلهية العظيمة. ML 714.1
لقد وضع على المسيح نائبنا وضامننا إثم جميعنا . حسب مذنبا ليفتدينا من دينونة الناموس ولعنته ، فلقد كان إثم كل واحد من نسل أدم يضغط على قلب الفادي . إن غضب الله على الخطية وإعلانه لسخطه العظيم على الإثم ملأ نفس ابنه حزنا ورعبا . والمسيح مدى سني حياته كلها ظل يعلن للعالم الساقط الأخبار السارة عن رحمة الآب ومحبته الغافرة . وكان موضوع حديثه هو الخلاص لأشر الخطاة . أما الآن وهو يحمل أثقال خطايا البشرية الهائلة فلا يمكنه أن يرى وجه الآب المصالح . إن احتجاب وجه الله عن المخلص في هذه الساعة ، ساعة العذاب الذي لا يطاق جعل سهام الحزن العميق تخترق قلبه ، ذلك الحزن الذي لا يمكن لإنسان أن يدركه إدراكا كاملا . وقد كان هذا العذاب النفسي عظيما جدا بحيث لم يكد يحس بآلامه البشرية. ML 714.2
اعتصر الشيطان بتجاربه القاسية قلب يسوع . ولم يستطع المخلص أن يخترق ببصره أبواب القبر . ولم يصور له الرجاء أنه سيخرج من القبر ظافرا ، ولا أخبره عن قبول الآب لذبيحته . وكان يخشى أن تكون الخطية كريهة جدا في نظر الله بحيث يكون انفصال أحدهما عن الأخر أبديا. ولقد أحس المسيح بالعذاب الذي يحس به الخاطئ عندما لا تعود الرحمة تتوسل ، لأجل الجنس البشري الأثيم . إن إحساسه بالخطية وهي تستمطر غضب الآب على يسوع بديل الخطاة هو الذي جعل الكأس التي شربها مرة جدا وسحق قلب ابن الله. ML 714.3