مشتهى الأجيال
“ها أنت تكون صامتاً”
لقد عبر زكريا عن شكه في كلام الملاك ، فحكم عليه أن يكون صامتا لا يتكلم حتى يتم ذلك الكلام ، إذ قال له الملاك: “ها أَنت تَكُونُ صامتًا وَلا تَقدرُ أَنْ تَتكلَّم ، إِلى اْليومِ الَّذي يكُونُ فيه هَذا” (لوقا 1 : 20). كان واجب الكاهن في هذه الخدمة يقتضي أن يصلى طالبا غفران خطايا كل الناس وخطايا الأمة ، وطالبا أيضا مجيء مسيا ، لكن زكريا لما حاول أن يفعل ذلك لم يستطع أن ينطق بكلمة واحدة. ML 80.1
وإذ خرج ليبارك الشعب “كَانَ يومئُ إِليهِم وَبقي صامتًا” (لوقا 1 : 22). لقد ثبتوا ينتظرونه وقتا طويلا ، وبدأوا يخشون لئلا تكون قد أهلكته دينونة الله ، ولكن عندما خرج إليهم من القدس كان وجهه يلمع ببهاء مجد الله “فَفهِموا أَنَّه قَد رَأَى رُؤْيا في اْلهيكلِ” (لوقا 1 : 22). وقد أعلمهم زكريا عن طريق الإيماءات بما قد رآه وسمعه ، “ولما كَمَلت أَيامُ خدمته مضى إِلى بيته” (لوقا 1 : 23). ML 80.2
وما إن ولد الطفل الموعود به حتى فكت عقدة لسان أبيه “وتكلّم وبارك الله. فوقع خوف على كل جيرانهم. وتحدث بهذه الأمور جميعها في كل جبال اليهودية، فأودعها جميع السامعين في قلوبهم قائلين: “أترى ماذا يكون هذا الصبي؟” (لوقا 1 : 64 — 66). كل هذا حول اهتمام الناس إلى مجيء مسيا الذي كان يوحنا مزمعا أن يعد له الطريق. ML 80.3
حل روح القدس على زكريا، وبهذه الكلمات الجميلة تنبأ عن رسالة ابنه قائلاً: “ وأنت أيها الصبي نبي العليّ تدعي، لأنك تتقدم أمام وجه الرب لتعدّ طرقه. لتعطي شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم، بأحشاء رحمة إلهنا التي بها افتقدنا المشرق من العلاء. ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت، لكي يهدي أقدامنا في طريق السلام” (لوقا 1 : 76 — 79). ML 81.1
“أما الصبي فكان ينمو ويتقوّى بالروح، وكان في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل” (لوقا 1 : 80). قبلما ولد يوحنا قال الملاك: “لأنه يكون عظيماً أمام الرب، وخمراً ومسكراً لا يشرب، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس” (لوقا 1 : 15). لقد دعا الله ابن زكريا للقيام بعمل عظيم وهو أعظم عمل أُسند إلى إنسان إطلاقا . ولكي ينجز هذا العمل ينبغي أن يعمل الله معه ، وسيكون روح الله مرافقا له إذا كان يطيع تعليمات الملاك . ML 81.2