مشتهى الأجيال

607/684

هيرودس يفحص يسوع

سلم بيلاطس يسوع ثانية إلى أيدي الجند . وفي وسط تهكم الرعاع وسخريتهم أسرعوا به إلى قصر هيرودس . “وأما هيرودوس فلما رأى يسوع فرح جداً” (لوقا 23 : 8). لم يسبق له أن رأى المخلص . ولكنه “كان يريد من زمان طويل أن يراه، لسماعه عنه أشياء كثيرة، وترجّى أن يرى آية تصنع منه” (لوقا 23 : 8). كان هيرودس هذا هو الرجل الذي لطخ يديه بدم يوحنا المعمدان . إنه عندما سمع عن يسوع أول مرة تملكه الفزع وقال: “هذا هو يوحنا الذي قطعت أنا رأسه. إنه قام من الأموات! ”، “ولذلك تعمل به القوات” (مرقس 6 : 16 ؛ متى 14 : 2). ومع ذلك فقد تاق هيرودس لرؤية يسوع . والآن ها الفرصة مواتية لإنقاذ حياة هذا النبي . تمنى الملك أن يبعد عن عقله إلى الأبد منظر ذلك الرأس الذي قد أتى به إليه على طبق ، كما أراد إشباع فضوله ، ففكر قائلا إنه إذا قدم ليسوع أي أمل في إطلاق سراحه فهو بكل سرور سيفعل كل ما يطلب منه. ML 689.3

وقد تبع يسوع إلى قصر هيرودس جمع كبير من الكهنة والشيوخ . وعندما أدخل المخلص أمام الملك بدأ هؤلاء الأحبار بتقديم شكاياتهم ضده باهتياج شديد . ولكن هيرودس لم يبد اهتماما كبيرا بتلك التهم . فأمر الجميع أن يصمتوا لتكون لديه فرصة فيها يستجوب المسيح . وأمر بأن يحل المسيح من وثاقه . وفي نفس الوقت اتهم أعداءه بالقسوة في معاملته . وإذ نظر برفق إلى وجه فادي العالم الوقور رأى مرتسما عليه سيماء الحكمة والطهارة . وعلم كما علم بيلاطس من قبل أن المسيح قد أشتكي عليه بدافع من الخبث والحسد. ML 690.1

سأل هيرودس المسيح بكلام كثير ولكن المخلص ظل ملتزما جانب الصمت طول الوقت . وبناء على أمر الملك أدخل العرج والمقعدون ، ثم أمر المسيح أن يبرهن على صدق ادعاءاته بإجراء معجزة . قال له هيرودس: الناس يقولون عنك إنك تستطيع أن تشفي المرضى ، وأنا أتوق لأن أرى أن شهرتك التي طبقت الآفاق ليست أمرا مكذوبا أو مبالغا فيه . ولم يستجب يسوع لطلب هيرودس . وظل هيرودس يلاحقه بطلباته وإلحاحه فقال له: إن كنت تستطيع أن تصنع المعجزات لأجل خير الآخرين فاصنعها الآن لأجل خيرك أنت وهذا سيكون في مصلحتك . ومرة أخرى أمره قائلا: أرنا آية تبرهن على إنك تملك القوة التي بها صنعت المعجزات العظيمة المنسوبة إليك . ولكن المسيح كان كمن لا يسمع ولا يرى . لقد اتخذ ابن الله طبيعة الإنسان فينبغي أن يعمل كما يجب على الإنسان أن يعمل في مثل تلك الظروف . ولذلك ينبغي ألا يصنع معجزة لينقذ نفسه من الآلام والإذلال الذي ينبغي أن يتحمله الإنسان عندما يوضع في مثل ذلك الموقف. ML 690.2