مشتهى الأجيال

56/684

كان عطوفا على البائسين

ولقد علم الجميع أن يعتبروا أنه قد سلمت إليهم وزنات ثمينة إذا أحسنوا استخدامها واستثمارها فستضمن لهم غنى أبديا. لقد استأصل كل الأباطيل من الحياة ، وبمثاله علم الناس أن كل لحظة تحمل في ذاتها نتائج أبدية ، وأنه يجب الحرص عليها ككنز ثمين واستخدامها في أغراض مقدسة . لم يمر بأي كائن بشري معتبرا إياه شخصا لا قيمة له ، بل اجتهد في تقديم وسائل الخلاص علاجا لكل نفس . وبين أي جمع من الناس وجد كان يقدم لهم درسا يناسب الزمان والأحوال ، كما حاول أن يلهم بالرجاء أشد الناس فظاظة ممن لم يكن يرجى منهم خير ، واضعا أمامهم الرجاء بأنهم يقدرون أن يصيروا بلا لوم ومسالمين ، ويمكن أن تكون لهم الصفات التي تؤهلهم لأن يكونوا أولادا لله . وكثيرا ما كان يقابل أولئك الذين قد انحرفوا ووقعوا تحت تأثير الشيطان ولم تكن لهم قوة على الخلاص من أشراكه. مثل هؤلاء الناس الخائرين والمرضى والمجربين والساقطين كان يسوع يخاطبهم بأرق عبارات العطف والرفق ، وبالكلام الذي هم بحاجة إليه ويمكنهم فهمه ، وقد التقى بآخرين ممن كانوا قد التحموا في صراع مع عدو النفوس ، فشجعهم على مواصلة الحرب مؤكدا لهم أنهم لابد منتصرون لأن ملائكة الله معسكرون حولهم وسيعطونهم النصرة . إن أولئك الذين قدم لهم مثل هذه المعونة اقتنعوا بأنهم قد وجدوا شخصا يمكنهم أن يضعوا فيه ثقتهم الكاملة ، ولن يفشي أسرارهم التي أفضوا بها إليه. ML 76.3

كان يسوع شافيا للأجسام كما كان طبيبا للنفوس. فكان يبدي اهتماما بكل أشكال الآلام التي كانت تعرض عليه ، ويعطي العون والشفاء والراحة لكل متألم ، كما كانت كلماته اللطيفة بلسما شافيا لهم ، ولم يستطع أحد أن يقول إنه قد صنع أعجوبة ، ولكن القوة- قوة المحبة الشافية- كانت تخرج منه لتبرئ السقماء والمتضايقين . وهكذا منذ طفولته كان بكل تواضع يخدم الشعب ، وكان هذا هو السبب في أن كثيرين كانوا يسمعونه بسرور عندما بدأ خدمته الجهارية. ML 77.1

ومع ذلك ففي سني الصبا والشباب والرجولة كان يسوع يسير وحيدا ، وبطهارة وأمانة داس المعصرة وحده ومن الشعوب لم يكن معه أحد. لقد حمل على كاهله العبء الهائل ، عبء مسؤولية خلاص البشر . وقد عرف أنه ما لم يحدث تغير جوهري في مبادئ الجنس البشري وأغراضه فلابد من هلاك الجميع . كان هذا هو الحمل الذي ثقل على نفسه ، ولم يكن لأحد أن يقدر هول الحمل الثقيل الموضوع على كاهله . وإذ امتلأ قلبه بالعزم القوي تمم غرض حياته وذلك أن يكون هو نفسه نور الناس. ML 77.2