مشتهى الأجيال
التلاميذ وسلطان الكرى
فإذ نهض عن الأرض بجهد مضن سار وهو يتعثر إلى حيث كان قد ترك رفقاءه. ولكنه “وجدهم نياماً” (متى 26 : 40). لو كان قد وجدهم جاثين يصلون لكان استراح ، ولو كانوا قد لجأوا إلى الله حتى لا ينهزموا أمام قوات الشيطان لتعزى بإيمانهم الثابت .ولكنهم لم يلتفتوا إلى إنذاره المتكرر القائل لهم: “اسهروا وصلّوا”. في بادئ الأمر اضطربوا إذ رأوا معلمهم الذي كان عادة هادئا وجليلا ، يصارع بحزن ليدركه العقل . كانوا قد صلوا حين سمعوا الصرخات الشديدة الصادرة من قلب سيدهم المتألم . ولم يكونوا يقصدون أن يتركوا سيدهم ، ولكن سلطان النوم بدا وكأنما قد شل أجسامهم — ذلك السلطان الذي كان يمكنهم أن يطردوه عنهم لو استمروا يجاهدون في الصلاة أمام الله . لم يكونوا متحققين من وجوب السهر وتقديم الصلاة الحارة لكي يثبتوا أمام التجربة . ML 652.2
إن يسوع قبلما بدأ السير في طريقه إلى البستان كان قد قال لتلاميذه: “ كلكم تشكّون فيّ في هذه الليلة” ولكنهم صرحوا له بكل تأكيد وأقوى تشديد بأنهم مستعدون للذهاب معه إلى السجن وإلى الموت. وقد أضاف بطرس المسكين المكتفي بنفسه قائلا: “وإن شكّ الجميع فأنا لا أشكّ!” (مرقس 14 : 27 و 28). ولكن التلاميذ اتكلوا على أنفسهم . إنهم لم يلتفتوا إلى معينهم القدير كما قد أوصاهم المسيح . وهكذا في حين كان المخلص في أشد الحاجة إلى عطفهم وصلواتهم وجدهم نياما . حتى بطرس كان نائما. ML 652.3
وحتى يوحنا التلميذ الحبيب الذي كان يتكئ على صدر يسوع كان نائما. كان ينبغي أن محبة يوحنا لسيده تجعله يبيت ساهرا وكان يجب عليه أن يمزج صلواته الحارة بصلوات مخلصه الحبيب وهو في أشد حالات الحزن والانسحاق . كان الف ا دي يقضي ليالي كاملة مصليا لأجل تلاميذه حتى لا يفنى إيمانهم . فلو قدم يسوع ليعقوب ويوحنا السؤال الذي سبق أن قدمه لهما قائلا: “أتستطيعان أن تشربا الكأس التي سوف أشربها أنا، وأنا تصطبغا بالصبغة التي أصطبغ بها أنا؟” لما تجرآ على أن يقولا: “نستطيع” (متى 20 : 22). ML 653.1
استيقظ التلاميذ على صوت يسوع ولكنهم كادوا لا يعرفونه. كان وجهه قد تغير بسبب آلامه المبرحة . ثم قال مخاطبا بطرس: “يا سمعان، أنت نائم! أنا قدرت أن تسهر ساعة واحدة؟ اسهروا وصلّوا لئلا تدخلوا في تجربة. أنا الروح فنشيط، وأنا الجسد فضعيف” (مرقس 14 : 37 و 38). إن ضعف التلاميذ أثار عطف يسوع عليهم . لقد بات يخشى أنهم لن يكونوا قادرين على احتمال الامتحان القادم عليهم عندما يسلم للموت . إنه لم يوبخهم بل قال لهم : “اسهروا وصلّوا لئلا تدخلوا في تجربة”. إنه وهو في شدة آلامه عذرهم بسبب ضعفهم قائلا: “أما الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف”. ML 653.2